خاص أبواب
تخيّل أنك شردتَ قليلاً أثناءَ محاضرة ما وفاتتك الفكرة التي شرحها المحاضر، فقمتَ على الفور بضغط زر في مقعدك ليقوم المحاضر بإعادة الفكرة ثانيةً ومن ثم يكمل محاضرته، وتخيل أنك أثناء تلك المحاضرة تلقيت اتصالاً مهماً فما كان منك إلا أن ضغطتَ زراً آخر ليقف المحاضر صامتاً لحين إنهائك للاتصال، أما لو كنت على دراية تامة بالفكرة التي يشرحها ولتلافي تضييع الوقت، ضغطت الزر الثالث لينتقل مباشرة للفكرة التي تليها. وبضغط زرٍ آخر غيرت موعد المحاضرة إلى وقتٍ يناسبك أكثر. قد يبدو ما سبق كأنه خيال علمي في حُلمِ يَقَظَة ولكنّه أصبح الآن حقيقة.
مع التقدم الكبير في العقد الماضي أحدثت التكنولوجيا ثورتها في مجال الطب والفضاء والعلوم وكذلك في مجال التعليم وبما أن الابتكار هو السمة المميزة للتعليم، دخلت التكنولوجيا في الوسائل التعليمية الحديثة والوسائل المساعدة وبدأ الاعتماد على أسلوب التعليم الافتراضي أو مايسمى “التعلم الرقمي” أو “التعلم الإلكتروني” بشكل أساسي، حتى أصبحتَ أنت المسؤول عن قيادة العملية التَعَلُّمية بطريقتك أنت وبسرعتك أنت.
يعد هذا التعليم الإلكتروني شكلاً من أشكال التعليم “خارج الصف الدراسي أو خارج الصف بشكل جزئي” بالاستفادة من إمكانيات التعليم عبر الإنترنت، والذي يقدم خبرات يصعب تعلمها في الواقع لعوامل عدة مثل الخطورة، أو الكلفة المالية العالية أو ضيق الوقت..
تقوم هذه التقنية على مزج الخيال والواقع من خلال خلق بيئات صناعية حية تخيلية، قادرة على أن تمثل الواقع الحقيقي وتهيئ للفرد القدرة على التفاعل معها. وتستخدم هذه التقنية في مجالات شتى كالطب والهندسة والعمارة والتدريب العسكري والقضاء والتعليم، فهي لا تقتصر على مجال بعينه لكنها تفيد جميع الميادين خاصة تلك التي تحتاج إلى تدريب مسبق.
أهم ما يميز هذا النظام هو أن أوقات الدراسة مفتوحة على مدار الساعة، كما يضمن للطلاب سهولة الوصول، بلا حاجة للذهاب إلى الجامعة والانتظار في طابور القبول والتسجيل، بل يتيح التسجيل والدفع من خلال الإنترنت. وإمكانية الحصول على تعليمات المرشد، وتوجيه الاستفسارات له بسهولة. كما يوفّر إمكانية تصفّح الكتب من خلال المكتبة الإلكترونيّة. ويمكن طلاب الجامعات من دراسة تخصّصات متعدّدة قد لا يجدونها في الجامعات التقليديّة. ويسهم أيضاً في زيادة الكفاءة العملية للتعليم والتدريب، ويقلل من هجرة الشباب بهدف الدراسة.
يمكن للطالب الآن الحصول على خطة تعليمية أو تدريب فريد من نوعه مصمم خصيصاً بما يلائم اختصاصه أو العمل الذي يمارسه، مع أخذ قدراته بعين الاعتبار. ويواكب التعليم الإلكتروني متطلبات العمل في مختلف القطاعات، ويضع أحدث تطبيقاتها في متناول اليد. كما يؤمن المدربين المؤهلين القادرين على الإجابة على الأسئلة المتعلقة بها، حيث يتم إعداد دورات التعليم الإلكتروني، ودراسة ردود أفعال الطلّاب بما يمكّن من تطوير وتحديث المحتوى تبعاً للتطورات، وبما يؤمن الحصول على أحدث المعلومات.
ومع إمكانية التقييم الذاتي، يمكن للمتعلم في نهاية البرنامج الذي يتبعه أن يحدد القيمة المضافة التي نالها، وأن يحدد مدى حاجته إلى برامج إضافية في حال أدرك عبر تقييمه أنه لم يصل إلى المعرفة أو المهارة التي تلائم احتياجاته. ويساهم أيضاً في زيادة الإنتاجية عبر التعلم والتدريب في أوقات الفراغ، في المنزل أو أثناء السفر فهو متاح في كل الأوقات.
نعيش اليوم في عالم بتوقعات عالية ومتطلبات لا متناهية تفرض مواكبة فائقة السرعة للمتغيرات، وهو ما يوفره التعليم الإلكتروني بأدواته التي تعد المنتج المواكب لتلك المتغيرات، وعبر سهولة الوصول زمانياً ومكانياً بما يتيح الحصول على فرصة التعليم والتدريب برغم جداول العمل المحمومة وانشغال الموظفين بأمورهم اليومية.
إن أول ما يلفت انتباه المتلقي في مصطلح “التعليم الإلكتروني” هو كلمة ” الإلكتروني” باعتبارها الترجمة الحرفية لاستخدام الأساليب التكنولوجية في التعلم، لكن الحقيقة علينا التفكير بهذا المصطلح بطريقة أكثر عمقاً باعتباره ممتع، سهل، غير عادي، وفعال. عبر التعليم الإلكتروني تكون قد اتخذت الخطوة الأولى نحو مهنة أو وظيفة أكثر جدوى.
المصادر : مؤسسة نيوفرستي – تجمع الشباب السوري
اقرأ/ي أيضاً: