جميلة محمَّد. إجازة في اللغة العربية وآدابها من سوريا
يثير مصطلح “الأدب النَّسوي”، الكثير من التساؤلات الاصطلاحية التي أخذت حيّزاً كبيراً من الاهتمام، ويفتح الأبواب على مصراعيها حول مسائل عدة بخصوص الأنواع التي يمكن أن يُصنَّف إليها، أو بخصوص قبوله أو رفضه، ويعتبر إلى اليوم أحد الموضوعات الإشكالية والمختلف عليها، بين الأوساط الأدبية والنقدية العربية. ففي حين يؤيّد البعض هذا المصطلح، ويدافع عنه، وبالتالي يميّز ما تكتبه المرأة عن كتابات الرجل، يرفضه البعض الآخر، خصوصاً بين الكاتبات أنفسهن.
– الرأي المؤيد:
يؤيّد بعض النقاد والأدباء هذا المصطلح، بصفته أدباً إنسانياً، أسهم في تحرُّر المرأة من التقاليد والقيود المجتمعية التي أعاقتها لقرون، ووسيلةً للتعريف بواقعها ومشكلاتها ويمكن بواسطته أن يعيد تشكيل وعي المرأة ووعي المجتمع تجاه قضاياها ودورها في المجالات كافة. ومن جهة أخرى فإنَّ أصحاب هذا الرأي يميلون بشكل كبير إلى أن المرأة الكاتبة؛ أقدر على سبر أغوار المرأة والتعبير عن أحاسيسها ومشاعرها المكبوتة ومشكلاتها الاجتماعية. لكن هذه النظرة فيها نوع من التقصير، ذلك أنّ هناك من الرجال من كتب عن المرأة ولاقت كتاباتهم شهرة أكبر.
– الرأي الرافض:
وجهة النظر الثانية تجاه الأدب النَّسوي معارضة تماماً، حيث يرى أصحابها من النقاد أنه تمييز؛ يرمي إلى التقليل من قيمة الإبداع الذي تنتجه المرأة، ذلك عندما يربطونه بخصائص فيزيولوجية لا علاقة لها بالأدب والإبداع، كما أنهم يتفقون على ألا ضرورة تحتم هذه الصيغة من الكتابة، لأن الكتابة عن المرأة ليست مقتصرة على المرأة وحدها، فالأدب هو الأدب، والكتابة واحدة ولا يختلف باختلاف كاتبه، ولا يُفترض تجزئته وفقاً لنوع الكاتب وجنسه.
ويرى البعض من أصحاب وجهة النظر هذه، أنّ تصنيف ما يسمى بالأدب النسائي لا يُعد صحيحاً، خصوصاً وأنّ بعض الأصوات النَّسوية ينحصر سردها الأدبي في كثير من الأحيان على إسقاطات شخصية حول مواضيع مختلفة، ولا تتحدث عن قضايا المرأة وهمومها. وقد أظهرت عدة استطلاعات للرأي أنّ الكثير من الكاتبات رفضن هذا التصنيف، خوفاً من احتقار ما تكتبه المرأة من قبل الوعي النقدي الذكوري، وأنّه يؤدي إلى تهميش إبداع المرأة، ويحطُّ من قيمتها، فقد رفضت لطيفة الزيات، أن تدرج في قائمة الأدب النسوي في مطلع الستينيات للأسباب هذه. وكذلك ناصرَ هذا الرأي الأديبات غادة السّمان وفاطمة ناعوت، وأحلام مستغانمي.
أما الرأي الذي ركن إليه كثيرون
وهو أنَّ (الأدب النَّسوي) يشكّل حيزاً من النسق الكتابي العام، لكنه مازال غير واضح المعالم عموماً، ويشكّل موضوعاً إشكالياً ومتداخلاً إلى حدٍّ ما، ولعلَّهم يرجعون ذلك إلى خصوصية الأدب النَّسوي نفسه. ومن جهة أخرى، فإنَّ الكتابة حالة إنسانية صرفة، وفعل إبداعي له خصائصه وسماته، لا يمكن التمييز فيه بين إبداع أنثوي وإبداع ذكوري, فمقياس الإبداع هو الإبداع بعينه، وأن تصنيف الأدب على هذا الأساس إنما فيه إساءة للمبدع سواء أكان رجلاً أو امرأة.
اقرأ/ي أيضاً:
في اليوم العالمي للمرأة.. طريق الحرية ما يزال طويلاً
أدب سجينات الرأي.. نساء سمر يزبك نموذجاً