يتنافس فيلمان وثائقيان لمخرجين سوريين على جائزة الأوسكار، بعد ترشيحهما إلى جانب ثلاثة أفلام أخرى لجائزة هذا العام. الفيلم الأول (إلى سما) للمخرجة وعد الخطيب، أما الثاني (الكهف) فمن إخراج فراس فياض.
حظيت بطلة فيلم “الكهف”، الطبيبة “أماني بلور” باهتمام إعلامي خاصة بعد إعلان مجلس أوروبا في 15 كانون الثاني/ يناير عن منح أماني جائزة “راؤول فالنبرغ” لعام 2020.
فمن هي أماني بلور ؟ وما هي جائزة راؤول فالنبرغ التي تمنح مرة كل عامين لشخص أو جهة لدورها في مجال العمل الإنساني والدفاع عن حقوق الإنسان؟
الطبيبة السورية أماني بلور
في أواخر عام 2012 تخرجت أماني من كلية الطب البشري في جامعة دمشق. كانت تلك سنتها الأخيرة في الجامعة والسنة الثانية من عمر المظاهرات التي عمّت أرجاء البلاد منذ آذار 2011.
في محافظة ريف دمشق التي تنتمي لها، بدأت أماني كمتطوعة تساعد الجرحى ثم عملت كطبيبة في مشفى ميداني تحت الأرض في الغوطة الشرقية قرب دمشق اسمه “مشفى الكهف”، وهو محور قصة فيلم الزوجين المخرج فراس فياض، وكاتبة السيناريو أليسار حسن.
بقيت أماني تعمل هناك حتى نيسان/ أبريل من عام 2018، عندما انتهى حصار الأعوام الخمسة على غوطة دمشق بتهجير سكانها نحو الشمال.
كانت أماني من بين الذين ركبوا الباصات الخضراء وتهجروا من الغوطة الشرقية، نحو الشمال السوري، وبعدها طلبت اللجوء في تركيا، حيث تقيم حالياً.
اُنتخبت أماني، وهي في بداية الثلاثينيات من عمرها اليوم، لإدارة المشفى في غوطة دمشق الشرقية. وقالت في أكثر من لقاء إنها واجهت انتقادات كثيرة من المجتمع وكثيراً ما سمعت تعليقاً مثل “بدنا رجال بهيك مناصب”، في بداية عملها كمديرة المشفى.
حصلت أماني على جائزة راوول وولنبيرغ بفضل “شجاعتها وجرأتها وحرصها على إنقاذ حياة مئات الأشخاص أثناء الحرب السورية”، كما جاء في بيان مجلس أورويا.
وتعليقاً على سبب منح أماني هذه الجائزة، قالت الأمينة العامة للمجلس، ماريا بيتشينوفيتش بوريتش، في بيان: “الطبيبة أماني بلور مثال ساطع للتعاطف والفضيلة والشرف الذي يمكن أن يظهر حتى في أحلك الظروف: وسط الحرب والمعاناة”.
“كانت الطبيبة الشابة قد تخرجت للتو من الجامعة. بدأت الدكتورة أماني كمتطوعة تساعد الجرحى وانتهى بها المطاف بعد سنوات كمديرة لفريق مؤلف من 100 شخص. أصبح الكهف منارة أمل وسلامة لكثير من المدنيين المحاصرين. هناك، خاطرت الدكتورة بلور بسلامتها وبأمنها لتساعد من كان بأمس الحاجة لمساعدتها. أنقذت هي وزملاؤها حياة كثير من الناس، من ضمنهن أطفال عانوا من تأثير الأسلحة الكيميائية”.
في مقابلة تلفزيونية أجرتها أماني أثناء وجودها في تركيا عام 2018، قالت إن آخر شهر من وجودها في الغوطة كان “من أسوأ” أيام حياتها كطبيبة؛ ذلك بسبب ما رأته من حالات بتر أجريت خاصة لأطفال، وبسبب وضع الأطفال الذين عانوا من سوء تغذية واضطروا للبقاء لأيام متواصلة بلا طعام وبلا ضوء شمس في أقبية غير مجهزة. “شو بدي قول لطفل عمرو 5 سنين يسألني إيدي وين راحت؟” تقول أماني للصحفي المحاور.
كانت تحلم أماني بالتخصص بطب الأطفال بعد انتهاء الحرب، لكن في تلك المقابلة قالت إنها بعد خروجها من الغوطة لم تعد تحتمل العمل مع الأطفال بسبب كل ما رأته: “هناك تراكمات نفسية لم أستطع تجازوها. أصبح العمل الطبي معاناة بالنسبة لي. أنا على مفترق طرق. يجب أن أكمل دراستي لكني لست قادرة”.
جائزة راؤول فالنبرغ
أُطلقت الجائزة عام 2014 بمبادرة من الحكومة السويدية والبرلمان الهنغاري، وتبلغ قيمتها 10 آلاف يورو. وعام 2016 حصلت عليها جمعية في اليونان اسمها Agkalia لمساعدتها أكثر من 17 ألف لاجئ من خلال تقديم الطعام والمأوى.
ويمنح مجلس أوروبا هذه الجائزة مرة كل عامين في ذكرى اعتقال راوول وولنبيرغ في بودابست عام 1948. فمن هو هذا الرجل؟
راوول وولنبيرغ دبلوماسي سويدي ساعد الآلاف من يهود هنغاريا على الفرار من القتل الجماعي على يد النازيين أثناء الحرب العالمية الثانية.
بدأت جهوده في عمليات الإنقاذ في تموز/ يوليو 1944 بعد وصوله كديبلوماسي إلى بودابيست. كان النازيون وقتها قد رحّلوا نحو 440,000 يهودي من هنغاريا معظمهم نحو معسكر اوشفيتز، حيث أعدم كثيرون فور وصولهم.
نجا آلاف من اليهود من مصير النقل إلى معسكر اوشفيتز النازي بفضل جوازات مرور للحماية زودهم بها وولنبيرغ الذي أصبحت قصته “أسطورة” بعد عام 1945.
اعتقل على يد القوات السوفيتية في هنغاريا عام 1945 واختفى.
كانت السلطات السوفييتية السابقة قالت إنه غالباً قد مات في سجن موسكو عام 1947، لكن عائلته شككت بتلك الرواية وأمضت عقوداً من الزمن تحاول معرفة مصيره.
وبقي مصيره لغزاً حتى أكدت وفاته رسمياً من جهة سويدية رسمية، وجاء الإعلان عن ذلك في أكتوبر/ تشرين الأول عام 2016.
اقرأ/ي أيضاً:
فيلمان سوريان ضمن قائمة الترشيحات النهائية لجوائز الأوسكار 2020
صورة كبيرة لـ “لاجئة سورية” في أحد شوارع مدينة ساو باولو البرازيليلة