إعداد ميساء سلامة فولف
في هذه الزاوية نعرّفُ القراء بشخصيات من المهاجرين الذين وصلوا إلى ألمانيا منذ سنواتٍ طويلة، وتمكنوا من إعادة بناء حياتهم ومستقبلهم بعيداً عن أشكال وحدود الانتماء التقليدي، وحققوا نجاحات في مجالاتٍ عديدة، فاحتضنتهم هذه البلاد وصارت لهم وطناً.
لم يكن المصور والمخرج السينمائي الفلسطيني “محمد مواسي” قد تجاوز التاسعة عشرة من العمر عندما حصل على جائزة التصوير السينمائي في مهرجان الأفلام الوثائقية في بغداد العام 78 عن أحد أفلامه التي أنتجها في تلك الفترة.
فمنذ عمر الخامسة عشرة بدأ يتلمس اليافع الفلسطيني، الذي ولد وعاش في لبنان، عشقه للسينما، وتبع هذا العشق الكبير حتى أوصله للحصول على منحة للدراسة في ألمانيا. لكن الحرب الأهلية آنذاك لم تسمح له بالخروج من لبنان بشكل طبيعي، فاضطر الشاب العشريني أن يسلك طريق الموت عند عبوره النهر الكبير الجنوبي الذي يفصل لبنان عن سوريا مشياً على الأقدام، متحدياً خطر إطلاق النار عليه من حرس حدود البلدين، حتى وصل دمشق ومنها سافر الى ألمانيا في العام 1979 ليلتحق بمنحته الدراسية في المعهد العالي للسينما والتلفزيون في مدينة “بوتسدام Potsdam” الألمانية، وهو من أهم معاهد السينما والتلفزيون في العالم.
بعد إنهاءه سنوات الدراسة الخمس وحصوله على شهادة التخرج، لم يعد “محمد المواسي” إلى لبنان مكان ولادته، واضطر للبقاء في ألمانيا لأسباب عائلية. ونتيجة لقوانين العمل في تلفزيون النظام الاشتراكي السابق، فضّل أن يلتحق بالعمل في مسرح الدولة في مدينة “كوتبوس Cottbus”، حيث كانت تقيم زوجته الألمانية وأبنائه “حسن” و”راوية”، وعمل هناك لسنوات عدة.
لكن حب “مواسي” وشغفه بالسينما دفعه للعودة إلى العمل السينمائي، فعاد الى دمشق في أواسط الثمانينيات من القرن المنصرم لينجز فيلماً وثائقياً عن الفنان الفلسطيني التشكيلي “عبد الحي مسّلم”، من إخراجه وتصوير زميل دراسته “موسى مراغة” وبعنوان: “نشارة الذهب”، وبعد انتهائه من الفيلم عاد أدراجه الى ألمانيا ليصبح موظفاً حكومياً في وزارة الصحة في ولاية براندبورغ، ويشرف هناك على إنتاج العديد من الأفلام التثقيفية، بالإضافة إلى مشاركته في تأسيس المحطة التلفزيونية (LTV)، حيث عمل فيها لثلاث سنوات، والمحطة مازالت حتى يومنا هذا ومقرها مدينة “كوتبوس Cottbus”.
بعد سقوط جدار برلين وتوحّد الألمانيتين تمكن “محمد مواسي” من العمل كمصور في التلفزيون الألماني RBB حيث عُرض عليه العمل، ليكون واحداً من مؤسسي القسم العربي في تلفزيون الدويتشة فيللة DW في برلين، حيث ما زال يعمل حتى الآن.
خاص أبواب
اقرأي/ي أيضاً: