إعداد ميساء سلامة وولف
في هذه الزاوية نعرّف القرّاء بشخصيات من المهاجرين الذين وصلوا إلى ألمانيا منذ سنواتٍ طويلة، وتمكنوا من إعادة بناء حياتهم ومستقبلهم بعيداً عن أشكال وحدود الانتماء التقليدي، وحققوا نجاحات في مجالاتٍ عديدة، فاحتضنتهم هذه البلاد، وصارت وطناً لهم.
مولودة في دمشق لأب فلسطيني من يافا وأم دمشقية. درست بيلكان مراد علم الجيوفيزياء في جامعة دمشق وعملت بعدها خمس سنوات في وزارة الري، إلى أن حصلت في إطار عملها على منحة من المؤسسة الألمانية للتبادل الأكاديمي (DAAD) .
كان هذا حدثاً مفصلياً أثّر على موقفها من الحياة كإمرأة شرقية، فأصبحت أكثر ثقة بنفسها وبقدراتها كإنسان مستقل طموح منتج وفعال في المجتمع. كما أثّر على طريقتها باللباس، فأصبحت ترفض مايُكرّس جعل المرأة صورة جميلة فقط، تهتم بشكلها الخارجي على حساب راحتها وصحتها.
بعد عام التدريب قررت مراد استكمال دراستها العليا في مجال المياه الجوفية، وسجلت في جامعة مدينة توبنغن الشهيرة بجامعتها التاريخية، وحصلت على درجة الماجستير، التي بحثت فيها عن “تأثير حركة المياه الجوفية على ناقلية الصخور للتيارات الكهربائية” وبدأت بالتحضير لرسالة الدكتوراة، عندما عُرضت عليها فرصة للعمل في معهد غوته في دمشق، ولشغفها بهذا المجال قررت الاستغناء عن متابعة الدكتوراه والعودة إلى دمشق لتتسلم منصبها كمنسقة للبرامج الثقافية.
استمرت في هذا العمل الممتع لثلاثة عشر عاماً، وتمكنت عبره من المساهمة في إلقاء الضوء على العديد من الفنانين الشباب في خطواتهم الأولى على طريق النجاح، فشاركت في تنظيم حفلات موسيقية ومعارض رسم وورشات عمل، وندوات تعالج مواضيع اجتماعية واقتصادية وثقافية مختلفة، حظيت بأعداد كبيرة من المتابعين من ذوّاقي الفن والأدب.
كان عام 2006 المنعطف الثاني الأكثر أهمية وتأثيراً في مسيرتها، عندما اتقت بشريك حياتها البرلماني السابق رياض سيف، رجل الأعمال وأحد أبرز صناعيي دمشق. شدّتها شجاعته وقيمه وتفانيه في الدفاع عن حقوق المواطنين، وزرعت فيها علاقتها به بذرة الاهتمام بالشأن العام، من ناحية الحريات وحقوق الانسان، إضافة إلى اهتمامها بالحياة الثقافية.
في العام 2012 اضطرت لمغادرة سوريا إلى ألمانيا بسبب تردي الظروف الأمنية. وقد دفعها اهتمامها بالشأن العام، وإتقانها للألمانية إلى الانخراط في العمل على دعم اللاجئين السوريين بشكل فردي، وعبر مؤسسات مجتمع مدني سورية، كما تطوعت لمساعدة جرحى الحرب الذين أحضرتهم وزارة الخارجية الألمانية لتلقي العلاج.
منذ العام 2013 بدأت بالعمل لدى المؤسسة الألمانية للعلوم والسياسة SWP كمساعدة باحث في قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وفي بداية عام 2018 انتقلت إلى عملها الجديد في إدارة المعلومات في المؤسسة نفسها.
إلى جانب عملها تواصلت إدارة معهد غوته مع بيلكان مراد في آذار 2016 طالبة دعمها لإنجاز مشروع التظاهرة الثقافية “معهد غوته دمشق في المهجر” للاستفادة من علاقاتها مع الفنانين والمثقفين السوريين المقيمين في برلين، وقد تم تنظيم المشروع بشكل رائع، وشارك فيه فنانون سوريون شباب متميزون حققوا حضوراً كبيراً ونجاحاً لافتاً!!
إقرأ/ي أيضاً:
بورتريه: مهاجرون في ألمانيا – الكاتب والمترجم أحمد فاروق
بورتريه مهاجرون في ألمانيا: الكاتب والشاعر نائل بلعاوي