إعداد ميساء سلامة وولف
في هذه الزاوية نعرّفُ القراء بشخصيات من المهاجرين الذين وصلوا إلى ألمانيا منذ سنواتٍ طويلة، وتمكنوا من إعادة بناء حياتهم ومستقبلهم بعيداً عن أشكال وحدود الانتماء التقليدي، وحققوا نجاحات في مجالاتٍ عديدة، فاحتضنتهم هذه البلاد وصارت لهم وطناً.
تختار “علياء أبو خضور” الرسم كتقنية أساسية في أعمالها، وتفضل الخط على المساحة في رسومات شديدة التركيز في جزء ما، وغير منتهية أو متروكة في جزء آخر. كما تفضل الابتعاد الكلي عن اللون أحياناً أو الاستعمال المقنن له!
“قوة السحر تكمن في الاختزال”، تقول الفنانة السورية المولودة في دمشق لوالدين أكاديميين. فقد ترعرعت علياء في بيت غني بالثقافة؛ تملأ زواياه الكتب وتغنيه حوارات المجالس الثقافية التي كان يعقدها والدها الراحل، الكاتب والصحفي “محمد أبو خضور”.
تعددت اهتماماتها منذ الطفولة، وظهر ميلها الواضح للرسم وشدّتها رسومات الكتب المصورة، فمرة تمسك بالقلم والورقة لتخط رسوماتها ومرة تمسك بكتاب. كبرت الطفلة وتخرجت من كلية الفنون الجميلة، اختصاص العمارة الداخلية، بدمشق 2001 وعملت كمحاضرة في كلية الفنون بجامعة دمشق ومخرجة فنية لصحيفة “سيريا تايمز”.
انتقلت إلى ألمانيا في العام 2005 لتتابع دارسة تاريخ الفن ولتحضير رسالة الدكتوراه في جامعة “كارل فون أوسيتسكي” في مدينة أولدنبورغ الألمانية، وعملت في عدة مشاريع تحت إشراف المؤرخ الفني والكوراتور البروفسور “ديتلف هوفمان”، مما وفر لها فرصة الاحتكاك الأول مع عالم المتاحف الأوربية، والبداية كانت مع متحف اللاندس موزيوم أولدنبورغ، حيث ساهمت بتصميم رسومات لمطبوعات مرافقة لمعارض خاصة.
وعملت أيضاً كباحثة مساعدة في مشاريع عدة من خلالها تعلمت طرائق تنظيم وبناء المعارض بحثياً ولوجستياً وتقنيا.ً
في العام 2012 انتقلت إلى مدينة كاسل لظروف عائلية، وهناك حصلت على فرصة مهمة لحياتها المهنية، فرصة العمل لدوكومينتا (المعرض الأكبر في العالم للفن الحديث). فقد تم اختيارها ضمن فريق مُنتقى من جميع أنحاء العالم لتثقيف العامة، وتقريب الفن من الجمهور. فتدربت تحت إشراف مجموعة عالمية من المختصين والفنانين لتصميم منهاج خاص يهدف إلى إقامة علاقة خاصة بين الجمهور والأعمال الفنية، وتطوير طرائق تعليمية تجريبية.
قامت بتوثيق تجربة فريق العمل هذا عن طريق مجموعة من الرسومات نشرت في مطبوعة “دوكومينتا” الأخيرة الصادرة باللغات الثلاث الإنكليزية والألمانية واليونانية. كما عملت مع متحف عالم الأخوين غريم (غريمفيلت) كفنانة وباحثة. تم اعتمادها كرسامة أساسية للمشروع الكبير (لنفتح الصندوق، احكِ لي حكايتك) وفيه قامت بتصميم الرسومات العشرين التي اقتناها المتحف، وتعرض فيه لمدة خمسة شهور، ثم كمعرض متنقل في عدة مدن ألمانية. وتعمل في نفس إطار المشروع كوسيط فني وثقافي، مع إقامة ورشات عمل ومحاضرات.
الفنانة “عليا أبو خضور” تجمع في أعمالها بين الواقعي والخيالي، بخلط ما يبدو أنه يومي اعتيادي بما يشبه الحلم، في إطار قد يحوز على صفه السوريالي في كثير من الاحيان.
لها مشاركات عديدة في معارض في دمشق، سوريا وفي أوروبا كذلك: أولدينبورغ، كاسل، برلين، بروكسل، أوسلو، وفي الصين. وهي متزوجة وأم لطفل جميل اسمه: آدم زياد.
خاص أبواب
أقرأ/ي أيضاً: