أصدرت فرنسا مذكرات توقيف دولية بحق ثلاثة مسؤولين سوريين كبار في الاستخبارات في قضية تتعلق بمقتل فرنسيين-سوريين اثنين.
وتضمنت التهم الموجهة للمسؤولين السوريين “التواطؤ في أعمال تعذيب وجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب”.
أصدرت فرنسا مذكرات توقيف دولية بحق ثلاثة مسؤولين سوريين كبار في أجهزة الاستخبارات، للاشتباه بتورطهم في جرائم استهدفت بشكل خاص مواطنين فرنسيين من أصل سوري. وبناء على طلب النيابة العامة في باريس أصدر قاضيا تحقيق مذكرات التوقيف هذه التي تضمنت تهم “التواطؤ في أعمال تعذيب” و”التواطؤ في عمليات اختفاء قسري” و”التواطؤ في جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب”، بحسب ما أوضح مصدر قضائي لوكالة فرانس برس، مؤكدا خبرا بهذا الصدد نشرته صحيفة لوموند.
وصدرت مذكرات التوقيف في الثامن من تشرين الأول/أكتوبر الماضي لكن تم إعلانها اليوم الاثنين (الخامس من تشرين الثاني/أكتوبر 2018) بحسب الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان. والثلاثة المستهدفون بمذكرات التوقيف، هم رئيس مكتب الأمن الوطني السوري اللواء علي مملوك، واللواء جميل حسن رئيس إدارة الاستخبارات الجوية السورية، واللواء عبد السلام محمود المكلف بالتحقيق في إدارة الاستخبارات الجوية في سجن المزة العسكري في دمشق.
وفي إطار هذا الملف كانت النيابة العامة في باريس فتحت تحقيقا أوليا عام 2015 بعد اعتقال الفرنسيين من أصل سوري الأب مازن دباغ وابنه باتريك، استنادا إلى المعلومات التي كشفها المعروف باسم “قيصر”، وهو مصور سابق كان يعمل لدى الشرطة العسكرية السورية وتمكن من الهرب من سوريا مع 55 ألف صورة لأكثر من عشرة آلاف شخص قتلوا في السجون السورية تحت التعذيب.
وفي تشرين الأول/أكتوبر 2016 تم فتح تحقيق قضائي بـ “اختفاءات قسرية وأعمال تعذيب تشكل جرائم ضد الإنسانية”، وكلف بالتحقيق قضاة تحقيق من المتخصصين بالتقصي عن جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب بعد أيام على تقدم عبيدة دباغ بشكوى ضد مجهول في إطار قضية شقيقه مازن وابن شقيقه باتريك.
وشارك في تقديم الدعوى أيضا كل من الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان ورابطة حقوق الإنسان. وقالت المحامية كليمانس بيكتارت، وهي محامية عبيدة دباغ والاتحاد الدولي لحقوق الإنسان لوكالة فرانس برس “إنها المرة الأولى التي يصدر فيها القضاء الفرنسي مذكرات اعتقال دولية بحق مسؤولين سوريين كبار”. وتابعت “إنها إشارة مهمة جدا تطال أشخاصا رفيعي المستوى في الجهاز القمعي السوري”.
وكان الفرنسيان من أصل سوري اعتقلا في تشرين الثاني/نوفمبر 2013 من قبل ضباط قدموا أنفسهم على أنهم من الاستخبارات الجوية السورية. وكان مازن دباغ يعمل في المدرسة الفرنسية في دمشق، فيما كان ابنه طالبا جامعيا في كلية الآداب والعلوم الإنسانية في دمشق.
ونقل الاثنان إلى سجن المزة وفقد أثرهما بعد ذلك حتى إعلان النظام وفاتهما في السجن الصيف الماضي، حسب ما جاء في بيان للاتحاد الدولي لحقوق الإنسان. وأوضح المصدر القضائي أن نشر إفادات الوفاة برر التوسع في تحقيقات القاضيين لتشمل “ارتكاب جرائم قتل عمدا” و”المس المتعمد بالحياة ما يعتبر جرائم ضد الإنسانية”.
وتجري حاليا تحقيقات أخرى تستهدف مسؤولين في النظام السوري في هولندا والمملكة المتحدة وألمانيا. وقد أصدرت النيابة العامة الألمانية أخيرا مذكرة توقيف بحق اللواء جميل حسن رئيس إدارة الاستخبارات الجوية السورية أيضا بتهمة “ارتكاب جرائم ضد الإنسانية”. وقالت المحامية بيكتارت في هذا الإطار “إن هذا التعطش إلى العدالة تعبر عنه اليوم غالبية الشعب السوري الذي يعاني من الجرائم منذ أكثر من سبع سنوات”.
وبما أن دمشق لم توقع على الاتفاقية المؤسسة للمحكمة الجنائية الدولية، فإن هذه المحكمة “لن تكون قادرة على التحقيق في الجرائم التي ارتكبها النظام”، وخصوصا بسبب عجز مجلس الأمن عن إحالتها على هذه المحكمة بسبب الفيتو الروسي.
وتسبب النزاع السوري بمقتل أكثر من 360 ألف شخص بينهم 110 آلاف مدني على الأقل، وفق آخر حصيلة أوردها المرصد السوري لحقوق الإنسان. ويشير الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان إلى أن القوات الحكومية والمجموعات المرتبطة بها اعتقلت ما بين 250 ألف ومليون مدني منذ اندلاع التظاهرات المناهضة للنظام في 2011.
المصدر: دويتشه فيلله – ز.أ.ب/ع.ش (أ ف ب)