أثار المسلسل السوري دقيقة صمت، الذي يعرض على عدة شاشات خلال شهر رمضان المبارك، وشد اهتمام آلاف المشاهدين في سوريا وخارجها، بسبب أهمية موضوعه وإتقانه، وأخيراً بسبب تصريحات نارية لكاتبه سامر رضوان على شاشة الجديد، الذي قال أن هذا المسلسل “ملك للسوريين بالشارع الموالي والمعارض”، معتبرًا أن العمل هو “صرخة احتجاج في وجه السلطة.. التي لا تستحق هذا الشارع”. مؤكداً أن معركته الشخصية هي مع هذه السلطة التي مارست كل أنواع التنكيل بالسوريين.
ويتوجه مؤلف “دقيقة صمت” إلى الموالين مؤكداً أن المسلسل ليس محاولة لإدانتهم لصالح المعارضة، بل على العكس هو محاولة لإظهار طيبتهم وطيبة السوريين وفضح السلطة التي استثمرت هذه الطيبة.
من جهتها أصدرت وزارة الإعلام في سوريا بياناً يتعلق بالموافقة على نص المسلسل. ذكرت فيه أن “دقيقة صمت” حصل كغيره من الأعمال على موافقة مشروطة للنص قبل البدء بالتصوير. وجاء فيه ما يلي:
”إنّ لجنة القراءة غير مسؤولة عن كل ما يمكن ترميزه أو إسقاطه لاحقاً خلال تنفيذ هذا العمل، كما أنّها تُحمّل أصحاب العمل و القائمين عليه مسؤولية إظهار تصرُّفات المسؤولين الفاسدين الذين تحدَّث عنهم النص بوصفه سلوكاً فردياً وشخصياً لا يمثّلون فيه مهمة المؤسسات التي ينتمون إليها، وإنَّما تشكّل هذه التصرفات وهؤلاء الأفراد عدواً للدولة الوطنية ومؤسساتها كافة”
بناءً عليه كان لزاماً على الشركة أن تلتزم بالموافقة المشروطة وهو ما لم تلتزم به في سياق المسلسل ، وبما تحتم الإجراءات المعمول بها في الجمهورية العربية السورية بإعادة الشركة المنتجة العمل المصور للهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون لعرضه على لجان المشاهدة للتأكد من الالتزام بالملاحظات التي وضعت عندما تم الحصول على موافقة النص المبدئية ، وعندها تُمنح الشركة المنتجة موافقة العرض والتصدير، أي أن الموافقة الأولية لا تعني شيئاً قبل أن يتم الحصول على الموافقة بعد المشاهدة وهذا ما لم تحصل عليه أصلاً لأنها لم تقم بتقديم العمل أصولاً إلى لجان المشاهدة لرقابته ومنحه بالتالي موافقة العرض والتصدير، بل إن الشركة قامت بتهريب المادة المنتجة من أراضي الجمهورية العربية السورية وعرضها على قنواتٍ عربية الأمر الذي يُعتبر سرقةً واحتيالاً موصوفين وخرقاً سافراً للأنظمة النافذة والآليات المتبعة في عملية الإنتاج والتسويق الدرامي.”
وأضاف البيان: “وبنتيجة ذلك قامت الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون وبوقت سابق بمراسلة الجهات المعنية لاتخاذ الإجراءات القانونية والقضائية الموجبة، علماً أن الهيئة رفعت إدعائها للجهات القضائية بعد أيام قليلة من بدء عرض المسلسل دون الحصول على الموافقات اللازمة. علماً ان النص المقدّم أصولاً إلى الهيئة ” يتضمن تغيراً جذرياً بمجريات الأحداث خلال الثلث الأخير من العمل والمتمثل بتكريس هيبة الدولة وقدرتها على المحاسبة عبر إجراءات وبتوجيه من القيادة العليا بتوقيف كافة المتورطين ممن خانوا تكليفهم الوظيفي الرسمي واستخدموا نفوذهم لمصالحهم الشخصية .
أما بالنسبة للمدعو سامر رضوان وبعد التدقيق والمتابعة مع الجهات المختصة فقد تبين أنه مطلوب للقضاء بدعوى شخصية من السيد (م.ع) بتهمة الخطف والسرقة وليس كما يحاول الترويج بأنه مطلوب لأسباب فكرية.”
الضجة التي أثارها عرض المسلسل تضاعفت بشدة بعد كل هذه الاتهامات، واشتعلت وسائل التواصل بالحديث حوله سواء من قبل موالين أو معارضين للنظام. مما أكد قول سامر رضوان بأن هذا المسلسل “طبق رمضان في سوريا” وأن “الشارع الموالي والمعارض في سوريا بنفس اللهفة لصرخات احتجاج سياسي. هذه حقيقة”. وهو ما لم يتوقعه النظام.
كاتب العمل لم ينكر بعض الاتهامات الموجهة إليه فقال: ”طول عمري بقول السلطة بشعة والشارع جميل.. شو الجديد اللي خلا هالحملة تشتعل بطريقة مو مفهومة.. مين وراها ! .. مرة تانية وتالتة وعاشرة : الشارع جميل وطيب والسلطة فاسدة” .
مضيفاً :”بس ليش عم يلعب أفراد بالشارع دور السلطة الفاسدة اللي عم نحاول نضوي عليها بالمسلسل !! ما بتصور وظيفة أي شارع يعلق مشانق”.
أما شركتا صباح إخوان وإيبلا للإنتاج الفني فقد نأتا بنفسيهما عن تصريحات سامر رضوان وأكدتا أن العمل درامي بحت وتوظيفه سياسيا لا يعبر عن موقفهما بأي شكل من الأشكال، وهو ليس عملاً وثائقياً وقد تم تصويره في سوريا وساهمت الجهات الرسمية مشكورة بتسهيل التصوير والدخول إلى مراكز التوقيف والسجون لإعطاء العمل بعده الدرامي الموضوعي المطلوب.
مع الإشارة إلى أن العمل حصل على التصريحات اللازمة من الجهات الفنية المسؤولة في سوريا وهو ما يتناقض مع اتهامات وزارة الإعلام.
وكان الكاتب ” نبيل فياض” وصف عبر صفحته في “فيسبوك” كاتب دقيقة صمت بأنه كاتب يستغبي الجميع. مضيفاً: ” لكن العمل أخبث من خبيث. كيف؟ هل هذه وزارة الداخلية السورية أم وزارة داخلية في جمهوريات الموز في أميركا اللاتينية؟ هل يعقل أن مجرماً يلعب بثلة من كبار الضباط بهذه الطريقة؟ كيف سمح بتصوير هذا المسلسل الأحقر في سوريا؟ “
ومن جهته قال الفنان عابد فهد أن تجربته في دقيقة صمت ستجعله يعد حتى الـ20 قبل أن يوافق على أي عمل، وتوقع أن يُحدث بعد الانتهاء من عرضه جدلاً واسعاً، مؤكداً أنه لا بد من البحث عن مواضيع جريئة كي لا نختبئ خلف أصابعنا. أمّا الأعمال السهلة البسيطة فأصبحت مُملة وغير مغرية لي درامياً. وأضاف أن لديه حالة ملل من الدراما التلفزيونية، وأن صناعة الدراما التلفزيونية تحتاج إلى إعادة نظر. وباح بسر مفاده أنه يفكر في الاعتزال، نتيجة الغضب من يوميات العمل وظروف الإنتاج.
اقرأ/ي أيضاً:
رمضان هذا العام.. في الغربة تجمعنا الدراما
مسلسلات رمضان، خيارات صعبة، ونجوم يعودون للساحة ومفاجآت غير متوقعة
رمضان في الغربة: طقسٌ لترسيخ جذور الهوية الثقافية ورحلة الذاكرة لاسترجاع الماضي