عبدالرزاق حمدون. صحفي رياضي مقيم في ألمانيا
مباراة بايرن ميونيخ وبرشلونة في ربع نهائي دوري أبطال أوروبا ، كانت مثالاً على الثبات والتذبذب، مثالاً على المتانة الإدارية القوية أمام التخبط والعشوائية، مثالاً على التخطيط الناجح لمشروع طويل بنظام محاسبة عند أي تقاعس، مقابل نادي يعيش على تراكم أخطاء دون رقابة ومسؤولية.
التخطيط المستمر
لنضع تلك المهزلة الكروية في دوري أبطال أوروبا جانباً، ونتحدث عن أمور تهم أي مشجع رياضي. في مقال أخير نشرته صحيفة Bild الألمانية بعنوان “استراتيجية بايرن ميونيخ حتى عام 2030“، المقال يتناول عدّة أمور تم طرحها في مؤتمر النادي مؤخراً، الذي خرج بثلاث قرارات هامّة تم تسميتها “ثلاث قرارات ذهبية لمستقبل بايرن”؛ الأول هو إبقاء بايرن ضمن أفضل 5 أندية في أوروبا، الثاني هو توسيع اقتصاد النادي والعمل بإخلاص في أي خطوة اقتصادية، والثالث متعلق ببيع تذاكر الملعب للجماهير.
حسن صالح حيمديتش
مشروع البايرن الحقيقي يعود لعام 2017، تحديداً عندما استلم المدير الرياضي حسن صالح حميديتش منصبه الجديد، مرحلة لم تكن سهلة أبداً على المدير الجديد، حيث شهدت اعتزال فيليب لام والونسو، من ثم خروج هوميلس ريبيري روبن رافينيا فيدال، أسماء شكلت ركائز الفريق، عدا عن تقدم بعض اللاعبين الحاليين في العمر.
منصب حميدتيش كان حساساً للغاية وحجر الأساس لبناء هذا المشروع القوي، فالمدير الرياضي هو المسؤول عن العلاقة بين الإدارة والمدرب، وكذلك إبرام الصفقات وخروج اللاعبين.
الأموال في مكانها الصحيح
أهم مبادئ بايرن ميونيخ في إبرام الصفقات هو أين توضع الأموال، أو بالمعنى الأصح أين نستثمر هذه الأموال، وكيف يتم العمل على انتقاء الأسماء القادرة على الإضافة وبأقل التكاليف، ويقول أولي هاينس: “لن يشتري بايرن لأنه يريد الشراء”، ليبدأ حميديتيش بترجمة هذا التصريح بمجموعة لاعبين يشكلون نواة المشروع الحالي وبقيمة 223 مليون يورو فقط.
القوة الاقتصادية تعطي ثبات
تعتبر إدارة بايرن ميونيخ من أنجح الإدارات في أوروبا، وبحسب آخر التصنيفات يحتل النادي البافاري المركز 19 من حيث صرف الأموال، ويأتي في المركز الرابع من حيث القيمة بين أندية العالم، كما أنه أكثر الأندية تحقيقاً للأرباح. إضافة إلى كل ذلك فقد تمكن النادي من تسديد القرض المالي لبناء ملعبه “أليانز أرينا” وذلك قبل 15 عاماً من موعد استحقاق سداد كامل المبلغ، وعلى صعيد الإنجازات فقد وصل النادي للمرة السادسة من أصل ثمانية إلى نصف نهائي دوري الأبطال.
لا يجب أن ننسى دور المدرب “فليك” الذي أثبت نفسه بعد سلسلة من المدربين الذين تعاقبوا على العملاق البافاري خلال هذه الفترة. فليك مدرب يترجم خطط الإدارة إلى عمل وإصرار وجهد ومثابرة من أجل تقديم الأفضل لدى جميع اللاعبين، مدرب يعرف ميزات لاعبيه وقدراتهم الفنّية والمهارية، حيث يكفي أنه أعاد إحياء توماس مولر واكتشف ألفونس ديفيز، وأعطى غوريتسكا مهام كبيرة وبمكانها.
انتصار بايرن ميونيخ الكاسح على برشلونة ليس صُدفة، صحيح أن النادي الكتالوني انهار نفسياً ومعنوياً، لكن البايرن القوي لا يرحم وأثبت أنه فريق يجب على جميع أندية أوروبا أن تهاب مواجهته في المواسم القادمة.
اقرأ/ي أيضاً:
بايرن ميونيخ يحقق لقب الدوري الألماني للمرة الثامنة على التوالي
بعد الخسارة بخماسية.. مدرب بايرن ميونخ يلوم لاعبيه وإدارة النادي تقيله من منصبه