يعتبر فيروس كورونا الجديد مخيفًا حتمًا، لكن رغم التقارير المستمرة عن الإصابات المسجلة والوفيات المرتفعة، فالحقيقة إن الغالبية العظمى من مرضى كوفيد 19 قد نجوا منه، فكما يزداد عدد الإصابات، تزداد أيضًا أعداد الحالات المتعافية.
في منتصف شهر مارس من العام الجاري اقتربت أعداد المتعافين من المرض في الولايات المتحدة الأمريكية من الصفر، أما الآن تعافى عشرات الآلاف، والعدد يزداد كل يوم. ولكن ماذا يعني الشفاء من كورونا؟
أن تتعافى من مرض كوفيد 19 فالأمر أكثر تعقيدًا من مجرد الشعور بالتحسن، فهو يشمل البيولوجيا وعلم الأوبئة والقليل من البيروقراطية أيضًا.
كيف يقاوم جسدك مرض كوفيد 19 ؟
عندما يصاب الشخص بفيروس كورونا، يبدأ الجسم بإنتاج بروتينات تدعى الأجسام المضادة لمقاومة العدوى، وعندما تنجح هذه الأجسام المضادة باحتواء الفيروس ومنعه من التكاثر في الجسم، تنخفض الأعراض عادة، وعندها يبدأ المصاب الشعور بتحسن
إذا سارت الأمور على ما يرام، في النهاية سيدمر جهازك المناعي الفيروس بشكل كامل في جسمك، ويُعتبر الشخص معافىً إذا أصيب بالفيروس ونجا منه دون آثار صحية أو إعاقات طويلة الأمد.
سيشعر الشخص المصاب بفيروس كورونا المستجد بأعراض المرض بمتوسط حوالي 7 أيام منذ بداية الأعراض، وحتى بعد اختفاء الأعراض، قد تبقى كميات قليلة من الفيروس داخل جسم المريض، فيجب بقاؤه معزولًا ثلاثة أيام إضافية؛ لضمان تعافيه بشكل كامل وعدم كونه معديًا.
ماذا عن المناعة؟
بشكل عام، بمجرد أن تتعافى من خمج فيروسي، يحتفظ جسمك بخلايا تدعى الخلايا اللمفاوية، وهي تتذكر الفيروسات التي قاومتها سابقًا وتستطيع الاستجابة بسرعة لمحاربتها مجددًا.
إذا تعرضت لفيروس أصابك سابقًا، من المرجح أن توقف الأجسام المضادة الفيروس قبل أن يسبب الأعراض، وستصبح محصنًا، وهذا هو المبدأ وراء العديد من اللقاحات.
لكن لسوء الحظ، الحصانة ليست مثالية، لأنه بالنسبة للعديد من الفيروسات، مثل النكاف، يمكن أن تضعف المناعة مع مرور الوقت، ما يجعلك عرضة للإصابة بالفيروس في المستقبل، ولهذا أنت بحاجة إلى إعادة تلقيح «جرعات داعمة» في بعض الأحيان؛ لتحفيز الجهاز المناعي على إنتاج المزيد من الأجسام المضادة وخلايا الذاكرة (اللمفاوية).
لا يزال العلماء لا يعلمون إلى الآن -بما أن فيروس كورونا المستجد يعتبر جديدًا- ما إذا كان الأشخاص الذين تعافوا من مرض كوفيد 19 محصنين ضد أخماج الفيروس في المستقبل، إذ عثر الأطباء على الأجسام المضادة في كل من المرضى والمتعافين، ما يشير إلى تطور المناعة لديهم.
لكن يبقى السؤال: إلى متى ستستمر هذه الحصانة؟ فالأنواع الأخرى من فيروس كورونا، مثل سارس وميرس، تنتج استجابة مناعية تحمي الشخص لفترة قصيرة على الأقل، ويُعتقد أن الشيء نفسه ينطبق على فيروس كورونا المستجد، لكن لم تُجرَ الدراسات بعد للبت في ذلك في وضع الأشخاص بعد الشفاء من كورونا.
لماذا تعافى عدد قليل جدًا من الأشخاص بشكل فعلي في الولايات المتحدة الأمريكية؟
يعتبر هذا الفيروس خطيرًا، إذ تُشدد مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها على توخي الحذر عند تحديد ما يعنيه التعافي من مرض كوفيد 19، إذ يجب للمريض استيفاء كل المعايير الطبية والاختبارية قبل أن يعتبر شفاؤه رسميًا.
طبيًا، يجب أن يكون الشخص خاليًا من الحمى دون أدوية خفض الحمى لمدة 3 أيام متوالية، وأن يظهر تحسن في الأعراض الأخرى، من ضمنها تناقص السعال وضيق التنفس، ويجب أن تكون مضت 7 أيام كاملة على الأقل منذ بداية الأعراض.
إضافة إلى هذه المتطلبات، تنص إرشادات مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها على وجوب أن تكون نتيجة فحص فيروس كورونا سلبية (مرتين) للشخص، مع إجراء الفحصين بفارق 24 ساعة بينهما على الأقل.
تعتبر مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها أن الشخص قد تعافى -فقط- إذا استوفى الشروط لكل من الأعراض والاختبارات.
ويرجح أن تكون متطلبات الفحص الثاني هي السبب في قلة عدد الأشخاص المتعافين في الولايات المتحدة الأمريكية حتى أواخر شهر مارس من العام الجاري، إذ كان هناك في البداية نقص هائل في الاختبارات لديهم.
بينما كان العديد من الأشخاص يتعافون -بالتأكيد- خلال الأسابيع القليلة الماضية، لم يكن بالإمكان تأكيد ذلك رسميًا، ومع دخول البلاد ذروة الوباء في الأسابيع التالية، كان التركيز لا يزال مستمرًا على اختبارات المصابين، وليس الذين تعافوا على الأرجح.
يخضع العديد من الأشخاص للفحوصات الآن بعد أن بدأت الولايات والشركات الخاصة بإنتاج وتوزيع الاختبارات، وبارتفاع أعداد الاختبارات المتاحة وتباطؤ ذروة الوباء في البلاد، ستتوفر المزيد من الفحوصات للأشخاص الذين تماثلوا للشفاء.
إن إجراء الاختبارات على المصابين الذين تمكنوا من الشفاء من كورونا هام جداً، كونه سيساعد ظهور أي إصابات جديدة لاحقًا الباحثين على معرفة المدة المتوقعة لاستمرار المناعة.
عندما يتعافى الشخص، ما الذي يستطيع فعله؟
معرفة إن كان الأشخاص محصنين ضد مرض كوفيد 19 بعد شفائهم ستحدد ما سيفعله الأفراد، والمجتمعات، والعالم أجمع مستقبلًا.
إذا تمكن العلماء من إثبات أن الأشخاص المتعافين محصنون ضد فيروس كورونا المستجد، عندها يمكن للشخص المتعافي نظريًا أن يساعد نظام الرعاية الصحية من خلال رعاية الأشخاص المصابين.
ما إن تتجاوز المجتمعات ذروة الوباء، سينخفض عدد الإصابات الجديدة، وسيزداد عدد الأشخاص المتعافين، وسينخفض خطر انتقال العدوى باستمرار هذه الآلية.
وبمجرد انخفاض خطر انتقال العدوى بشكل كافٍ، ستبدأ العزلة المجتمعية وقرارات التباعد الاجتماعي في التراجع، وستعود الأعمال إلى مجراها، وبناءً على ما مرت به الدول الأخرى، فإن الأمر سيستغرق شهورًا حتى ينخفض خطر انتقال العدوى في الولايات المتحدة الأمريكية.
لكن قبل حدوث أي من هذا، تحتاج الولايات المتحدة الأمريكية و باقي دول العالم إلى تجاوز ذروة الوباء بنجاح، فالتباعد الاجتماعي يُبطئ انتشار الأمراض المعدية وهو ما يحدث بالنسبة لمرض كوفيد 19.
سيحتاج العديد من المصابين بالمرض للرعاية الصحية لتحقيق الشفاء من كورونا أولاً، وسيبطئ التباعد الاجتماعي انتشار الفيروس وسيقدم فرصة أكبر للتعافي للمصابين به.
المصدر. موقع أنا أصدق العلم، للاطلاع على المادة الأصلية اضغط هنا
اقرأ/ي أيضاً:
معدل وفيات جائحة كورونا.. هل هذه الحسابات صحيحة؟
هل توصل العلماء إلى اكتشاف لقاح كورونا؟ بارقة أمل بعد نجاح تجارب على الفئران
قلق من تكرار الإصابة بكورونا: الفيروس يظهر لدى مرضى تعافوا بكوريا الجنوبية
منظمة الصحة العالمية: أسئلة وأجوبة حول مرض فيروس كورونا (كوفيد-19)