عبدالرزاق حمدون*
منذ فترة ليست بالبعيدة قطعتُ عهداً على نفسي ألا أتدخل بالقضايا الداخلية السورية وأهمها الرياضية، لكن بعدما دخلنا موسم المسرحيات المضحكة التي أنست معظم الجماهير السورية ملامسة حلم التأهل لكأس العالم بعدما استطاع لاعبو المنتخب السوري إقناع أغلبية الشعب السوري على الاتفاق لأول مرّة حول شيء واحد والالتفاف جميعاً خلف المنتخب الوطني الذي سيقودنا إلى روسيا 2018.
ما إن استيقظت الجماهير السورية في صباح اليوم التالي من اللقاء المصيري أمام استراليا حتى بدأت بمشاهدة مسلسل المسرحيات من إنتاج ما يسمّى “القيادة الرياضية”، لتصدم أحلام السوريين كما ارتطمت كرة السومة الأخيرة في قائم المنتخب الإسترالي ولو دخلت لكنا حالياً في روسيا ووضع الاتحاد السوري في مأزق.
لماذا في مأزق؟ لأنه بكل بساطة عندما نتأهل لكأس العالم سيتم الصرف على المنتخب بطريقة غير مألوفة على مسؤولي الرياضة السورية “سياسة السرقة واستنزاف طموح الرياضيين”، أولى تلك المسرحيات كان ضحيتها المدرّب الوطني “أيمن الحكيم” الذي قبل استلام المنتخب بأصعب الظروف وقلّة الامكانيات بالرغم من ذلك كان قاب قوسين أو أدنى من كتابة التاريخ.
المسرحية الثانية كان عنوانها تعيين المدرب الجديد، وهنا نعود للأكاذيب العديدة التي عشّمت الجماهير بأحلام بعيدة المنال على واقع كرتنا في أوج عطائه كيف الآن، وما إن تفائل عشّاق المنتخب بمدرب جيّد حتى وقع الاختيار على العجوز الألماني “بيرنارد شتانغه” الرجل الذي لم تتعدّى مسموعياته شرق ألمانيا سابقاً وبعضاً من دول التصنيف الدولي المتدني، حتى شتانغه وراتبه العالي “نظراً للمورد السوري” كان عائقاً في المراحل الأولى من توقيع عقده من قبل القيادة الرياضية؟.
المسرحية الثالثة والمتفق عليها مسبقاً قامت بها الجريدة الأشهر رياضياً في سوريا وتمثّلت بالهجوم على اللواء موفق جمعة “العسكري الذي يقود رياضة سوريا”، هجوم كان علنياً وأمام مرئى الجميع لكي يخرج اللواء بذات نفسه على إحدى الاذاعات السورية في مناظرة أمام بعضاً من الاعلاميين الرياضيين السوريين في مسرحية سمُيت “بالديموقراطية”!
هنا نعود للمدرب الألماني حيث لم تكن قدمه خيّرة على كرة القدم السورية وكما يُقال “المكتوب مبين من عنوانو”، وفي أولى أيامه بدمشق وقّع اتحاد كرة القدم اتفاقية تعاون مع الاتحاد القطري للنهوض بواقع الكرة السورية، ما أن أتم صلاح رمضان “رئيس اتحاد كرة القدم” حتى قوبلت بالرفض من “القيادة الرياضية” في موقف فاجئ الجميع، والتهمة هذه المرّة كانت كبيرة جداً “الخيانة”! في هذا البند بسوريا نكون أمام مصير مجهول للشخص المذنب مما أجبر اتحاد الكرة على الاستقالة جميعاً “بليلة مافيها ضوء قمر”، ومع كل تلك الأمور لم يتوقّف الدوري المحلّي الذي شهد مؤخراً ضرباً لحكّام المباريات؟!!.
رد القيادة الرياضية كان حكيماً وسريعاً كما هو معروف ! بتعيين لجنة مؤقتة لقيادة اتحاد الكرة متمثّلة برئيس اتحاد “عقيد في الجيش” ! كيف لا والقائم على الرياضة السورية لواء !
عدوى الرياضة السورية هو شيء مفهوم فحال كرة القدم المزري رمى بظلاله على كل من كرة السلّة وكرة اليد، لترى الجماهير السورية منتخبها السلّوي يخسر بفارق مخجل أمام كل من الأردن ولبنان ضم تصفيات كأس العالم، ليخرج صوت أحد لاعبي المنتخب قائلاً بسبب ضعف الامكانيات، علماً أننا كنا نسمع بعقود سيجريها اتحاد السلّة مع داعمين من خارج البلد!
كرة اليد النسائية السورية شاركت مؤخراً ببطولة غرب آسيا التي أقيمت في الأردن، وحصل منتخبنا على المركز الثالث بعدما قدّم مستوىً يدعي للتفاؤل نوعاً ما، لكن في مقابلة خاصّة أجريتها مع أحد اللاعبات وصفت لي صعوبة التحضيرات التي قاموا بها قبيل هذه البطولة وعن الامكانيات الغير متوفّرة ومن الصعب على اتحاد كرة اليد توفيرها، رغم ذلك سيدات المنتخب عزمن على ترك بصمة في كرة خارطة غرب آسيا لكن انجازهم قوبل بتكريم مالي وضيع من قبل الاتحاد الرياضي العام، عدا عن سحب قمصان اللعب منهم بعد العودة إلى دمشق!
واقع الرياضة السورية لم يتغيّر بعد سبع سنين أزمة عاشتها البلد بل زاد سوءاً وتراجع خطوات عديدة وبرهن المقولة التالية: “أول حاجز يصطدم به طموح الرياضي السوري هو اتحاده والاتحاد الرياضي العام”.
*عبد الرزاق حمدون. صحفي رياضي مقيم في ألمانيا