المحامي رضوان اسخيطة. باحث دكتوراه في أمن البيانات وقوانينه
لم تغفل بلد القوانين ألمانيا موضوع اللقاح من قوانينها، بل أعطته نطاقاً قانونياً من خلال قانون الوقاية من الأمراض المعدية للبشر ومكافحتها (IfSG).
قانون الوقاية من الأمراض المعدية في ألمانيا الصادر عام 2000، ينص في أولى فقراته على أنه قانون يهدف لمنع الأمراض المعدية لدى البشر واكتشاف العدوى في مرحلة مبكرة ومنع انتشارها، وعليه فإن السلطات الفيدرالية عليها بالتعاون مع السلطات المحلية والجهات الطبية اتخاذ الإجراءات الضرورية لحماية السكان من الأوبئة.
مع انتشار وباء كورونا قام المشرّع الألماني بإحداث تغييرات في هذا القانون وذلك في مطلع العام 2020، حيث نص القانون على أن معهد روبرت كوخ هو السلطة الوطنية المسؤولة عن الأمراض المعدية والمؤهلة للبحث في سبب الأمراض المعدية وتشخيصها وتوجيه المجتمع حول طرق الوقاية منها.
كما ذكر القانون وباء كورونا بعينه وألزم السلطات الصحية الاتحادية في مادته الرابعة المعدلة تقديم تقرير عن نتائج الوباء إلى البرلمان الألماني على أن يتضمن تقارير حول نتائج الوباء وسبل تعزيز قدرات مركز روبرت كوخ لتحقيق الغرض من القانون.
يخول قانون الوقاية من الأمراض المعدية في ألمانيا البرلمان أن يقرر الوضع الوبائي المناسب حسب عدد ووضع انتشار الوباء، ويحق لمجالس صحة الولايات اتخاذ التدابير المناسبة دون الرجوع للبرلمان في حالات الوباء، وذلك لضمان توفير الأدوية بما في ذلك اللقاحات، والأجهزة الطبية، والتشخيص المخبري، والمساعدات، ومواد معدات الوقاية الشخصية ومنتجات التطهير. هذه الصلاحيات تمتد لإعطاء الإذن بممارسة النشاطات العلاجية للأشخاص خصوصاً عند الحاجة لرفد الطواقم الطبية بأشخاص إضافيين بشكل اضطراري.
اقرأ/ي أيضاً: هل أعاقب في حال عدم الالتزام بالحجر الصحي المفروض حكومياً؟
فيما يتعلق بإلزامية التبليغ عن المصابين بأمراض وبائية إلى دائرة الصحةGesundheitsamt ، فلقد ألزم القانون الأطباء والأطباء المشرفين وإدارة المستشفيات بالإبلاغ عن قائمة معينة من الأوبئة والأمراض السارية ومنها بالطبع فيروس كورونا والإيبولا والإيدز. هذا الإبلاغ يجب أن يحتوي على عدة تفاصيل من المعلومات الشخصية والتي تختلف حسب المرض، ففي حالة الإصابة بفيروس كورونا يجب الإبلاغ عن الاسم والكنية وتاريخ الولادة والعنوان والمركز الذي تم كشف الإصابة به ويوم التشخيص والوقت المحتمل للإصابة.
أما عن إلزامية تلقي لقاح كورونا فلقد فنَّد المشرع هنا إلزامية اللقاح حسب المرض حيث يتم تقييم اللقاحات والأمراض المرتبطة بها حسب مخاطرها، فاللقاح ضد مرض الحصبة تم إدراجه تحت بند اللقاحات الملزمة تحت طائلة العقوبة المالية بغرامة تصل إلى 2500 يورو، وبررت الحكومة ذلك بأن هذا المرض قد يفضي في بعض الحالات للموت إذا لم يتم التلقيح ضده.
أما عن وباء العام كورونا، فلقد أثار هذا الموضوع جدلاً بين مؤيد لإلزاميته ومعارض لها ولكن حتى الآن ومع الإعلان عن الوصول للقاح معتمد، فلم يتم إدراج لقاح كورونا تحت قائمة اللقاحات الإلزامية بحسب قانون الوقاية من الأمراض المعدية في ألمانيا حيث تجنح الحكومة لاعتبار إلزامية التلقيح ضد وباء كورونا اعتداءً على الحرية الشخصية، وهذا ما أكدته الوزيرة بروان وأشارت أيضاً إلى أن تبعات عدم تلقي اللقاح ضد مرض الكورونا يجب أن يتحملها من يقرر ذلك بنفسه.
يبقى أن نشير بأن هناك مؤشرات تدل على قبول ما يزيد عن 90 بالمئة من السكان للقاح، وحسب تقديرات منظمة الصحة العالمية فإن هذه النسبة كافية لإنهاء انتشار الوباء.