عبد الرزاق حمدون*
عندما تمشي في شوارع بلدٍ ما، غريب المعالم واللغة والتقاليد، تبقى في حالة ترقب دائمة، تفكر في كيفية طرح الأسئلة عن المكان والوصول إلى نقطة ما، لكن عند مشاهدتك لمجموعة أشخاص أياً كانت أعمارهم يلعبون كرة القدم مع أهداف بسيطة، كل القيود التي فكرت بها سابقاً سوف تتبخر وتبقى لغة التواصل واحدة هي كرة القدم.
كرة القدم رسائل حقيقية
ممارسة كرة القدم في كل مكان يعطيها بعداً جماهيراً واسعاً ويجعلها أكثر قرباً من واقع الشعوب، متوفرة للجميع لا تخص الأغنياء ولا تميّز الفقراء، وفي بعض الأحيان تلعب أدواراً بارزة في جوانب حياتية أخرى وتصبح طرفاً لحل نزاعات سياسية بين دول متخاصمة تاريخياً مثلما حصل بين تركيا وأرمينا، تعمل على إخماد نار الفتنة داخل البلد الواحد كما فعلها ديديه دروغبا في عام 2005 في بلده ساحل العاج، وتقرّب الأديان من بعضها البعض كالمباراة التي رعاها الأب فرنسيس بابا الفاتيكان في العاصمة الإيطالية روما عام 2014 بحضور مارادونا والعديد من الاساطير.
كرة القدم من أجل الصداقة… تحويل المبادئ الى واقع
انتهت مؤخراً في العاصمة الإسبانية مدريد فعاليات النسخة السابعة من “كرة القدم من أجل الصداقة” بمشاركة 800 طفل من جميع القارّات و هو برنامج ترعاه شركة غاز بروم الروسية ويعتبر أفضل خطوة لإنشاء جيل رياضي إنساني لضمان مفاهيم كثيرة في كرة القدم وعلى أساسها تُلعب بين الشعوب.
البداية كانت في عام 2013 في مدينة لندن تحديداً، تمت الاستفادة بشكل كبير من كرة القدم في الجوانب التي ذكرناها سابقاً، وأعلن عن إنشاء أول منتدى عالمي للأطفال تحت مسمّى “كرة القدم من أجل الصداقة”، بمشاركة 670 طفلاً من 8 بلدان مختلفة، يقيمون ضمن مكان واحد مقسمين لفرق مختلطة الجنسيات والأعراق لغرس قيم التعايش بينهم.
استخدام كرة القدم كعامل رئيسي في تقريب المسافات هي الغاية الأكثر وضوحاً في هذا المشروع، حيث يتبادل الأطفال حياتهم اليومية مع أقرانهم من بلدان أخرى باستخدام لهجات أو حتى لغات مختلفة وتبقى كرة القدم هي الرابط الحقيقي بينهم.
يقوم المشروع على تثبيت ثمانية قيم: “الصداقة، والمساواة، والعدل، والصحة، والسلام، والوفاء، والانتصار، والتقاليد”، ويتم ربط هذا المشروع بحدث رياضي هام في كل عام أبرزها نهائي دوري أبطال أوروبا حيث يحضر المشاركون المباراة النهائية.
تكرار البرنامج سنوياً زاد عدد الدول المشاركة وشجع أساطير كروية أكثر على الانخراط في هذا المشروع أولهم فرانز بيكنباور وليس آخرهم روبيرتو كارلوس.
ولأن العمل مع النشء يساوي الغرس في تربة خصبة، كانت هذه البطولة أرضاً خصبةً لرسائل بيئية كما حصل في 2018 حيث كانت الفرق موسومة بأسماء حيوانات مهددة بالانقراض ليعلم الأطفال أن هناك كائنات أخرى على هذا الكوكب بحاجة لرعاية.
هذه النسخة شهدت مشاركة أطفال من سوريا والعراق وقطر والسعودية لعبوا جميعاً وتشاركوا في بيئة من الصداقة خالية من سموم السياسة وتعقيداتها.
مواد أخرى للكاتب:
ليفربول.. الإجماع على أحقّية بطل أوروبا باللقب
توتنهام ليفربول.. نهائي بداية الحكم الانكليزي
سارّي في تشيلسي … فلسفة كروية أخضعت ديكتاتورية زرقاء