أن يلعب أحدهم دوراً مركزياً في إطلاق سراح ناشط ألماني في تركيا تارة، وأن يقبل عرض عمل كرئيس لمجلس إدارة شركة “روزنفت” التابعة للحكومة الروسية تارة أخرى، بالرغم من الخلافات السياسية الكبيرة بين ألمانيا وكل من روسيا وتركيا! إذاً فنحن نتحدث بالتأكيد عن شخصية ألمانية نادرة!
نعم، إنه المستشار الألماني السابق “غيرهارد شرودر“، “Gerhard Schröder”. فبحسب مجموعة RND الإعلامية فإن “شرودر” طلب من الرئيس التركي “رجب طيب إردوغان” خلال لقاء معه إطلاق سراح الحقوقي الألماني “بتير شتويتنر” وهو الطلب الذي لبّاه إردوغان. هذا ما أكده وزير الخارجية الألماني “زيغمار غابريل” في تصريح لمجلة “دير شبيغل” الألمانية قائلاً: “أنا ممتن جداً لغيرهارد شرودر على وساطته”، ورأى “غابريل” أن إطلاق سراح “شتويتنر” هو “رسالة على الانفراج بين البلدين لأن الحكومة التركية التزمت بجميع تعهداتها”، وأضاف: “علينا الآن أن نستمر في العمل على إطلاق سراح بقية المعتقلين”.
استطاع “شرودر” فعل ما عجز عنه الجميع، فقد ساهم بشكل رئيسي بالإفراج عن ناشطين معتقلين في السجون التركية منذ شهور، في الوقت نفسه أوعز “شرودر” إلى مساعديه في برلين بأنه لا يريد الرد على أية أسئلة بهذا الشأن وأنه مسرور جداً بإطلاق سراح “شتويتنر”.
قد يكون السبب وراء امتناع “شرودر” عن الإدلاء بتصريحات بخصوص هذا الشأن مرتبط بحملة تنتقده بشدة في أوساط إعلامية وشعبية، خاصة بعد انتشار خبر مفاده أن “شرودر” قبل عرض عمل كرئيس لمجلس ادارة شركة “روزنفت” التابعة للحكومة الروسية في موسكو. فقد قال “ميشائيل غروسه- برومر” المتحدث البرلماني الأول باسم كتلة الحزبين المسيحيين (الاتحاد المسيحي الديمقراطي “CDU”، والحزب المسيحي الاجتماعي البافاري “CSU”) إن “شرودر” يضحّي بمسؤوليته السياسية تجاه الدولة الألمانية “من أجل المصالح المالية الخاصة”، وأضاف “من غير المقبول أن يتولى شرودر العمل في شركة طاقة روسية قام الاتحاد الأوروبي مراراً وبالإجماع بفرض عقوبات عليها”.
كذلك شكّك “جيم أوزديمير” رئيس حزب الخضر في ولاء “شرودر” لألمانيا في تصريحات لصحيفة “فرانكفورتر ألغماينه” قائلاً: “إن التودّد إلى بوتين وأعضاء دائرته المقربين لن ينهي العنف في شرق أوكرانيا بالتأكيد، بل بالعكس سيحيي شرودر بسلوكه هذا انطباعاً بأن المصالح الاقتصادية تهمنا نحن الأوروبيين بصورة أكبر من القانون الدولي”.
وقد تم اختيار “شرودر” في سان بطرسبورغ عضواً في المجلس الاستشاري لأكبر مجموعة نفطية في روسيا “روزنفت” بناءً على اقتراح من الحكومة الروسية، قبل أن يقبل العرض بتوليه إدارتها لاحقاً.
أحمد الرفاعي. صحفي سوري مقيم في ألمانيا
مواضيع ذات صلة: