لولايةٍ خامسة، قرر الحزب الحاكم في الجزائر الدفع بالرئيس عبد العزيز بوتفليقة مرشحاً لرئاسيات 2019، وسط تساؤلاتٍ حول مدى قدرة الرجل المنهك صحياً على البقاء على رأس السلطة.
أثار الإعلان حالةً من الجدل عن قدرة الرجل الذي يحكم البلاد منذ العام 1999 على الاستمرار في الحكم لولاية خامسة وهو بالكاد قادرٌ على إكمال عهدته الحالية بسبب سقمه منذ سنوات، وسط إحباطٍ في أوساط فئة من الأجيال الشابة ترى في ترشيحه مرة أخرى استهتاراً سياسياً واستخفافاً بالشعب.
مستقبل البلاد على كرسي متحرك
يشكو بوتفليقة من مشكلات صحية عديدة، ويتنقل في ظهوره النادر على كرسي متحرك، وينقل الإعلام الرسمي من حين لآخر أخبار رحلاته العلاجية إلى أوروبا لإجراء فحوصاتٍ دورية، خاصة منذ إصابته بجلطة دماغية في 2013. وظهر بوتفليقة في الانتخابات التشريعية في مايو 2017، وهو يدلي بصوته مدفوعاً على كرسي متحرك كذلك.
وقبل شهرين، عاد الرئيس إلى الجزائر بعد إقامة قصيرة في جنيف، حيث أجرى فحوصات طبية “دورية”.
وفي سبتمبر الماضي، أطاح القصر الرئاسي بقائدي أركان القوات الجوية والدفاع الجوي، ما أثار تساؤلاتٍ حول علاقة التغييرات الدائمة في صفوف الجيش بانتخابات الرئاسة، ونفوذ سعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس، الذي يحمل رتبةَ “مستشار الرئيس الخاص.
آنذاك، ذهب محللون إلى وصف تلك الإقالات بـ”الروتينية”، من بين هؤلاء أستاذ العلوم السياسية في جامعة سطيف، عبد الكريم عيادي، الذي قال لشبكة “سبوتنيك”، إن “التغييرات التي يجريها بوتفليقة روتينيةٌ لتثبيت مراكز صنع القرار وتوفير أجواءٍ وظروفٍ جيدة وهادئة للاستحقاق الرئاسي المُزمع إجرائه أبريلَ المقبل”.
يأتي هذا في وقت أشار موقع “TSA عربي” الجزائري، إلى أن التلفزيون العمومي (الحكومي) لم يبث، مساء الأحد، في نشرة الثامنة الرئيسية، إعلانَ ترشيح الحزب الحاكم بوتفليقة للرئاسيات.
هل خرج الشعب الجزائري من المعادلة؟
نجح بوتفليقة ونظامُه السياسي في السيطرة على مقاليد الحكم بالجزائر فيما كان جيرانه يعيشون فصولاً من ثورات “الربيع العربي”، حيث تمكن الرجل من السيطرة على الاحتجاجات في بعض المدن الجزائرية عام 2011.
يقول أستاذ العلوم السياسية، عبد الكريم عيادي، لـ “سبوتنيك”، إن “الشعب الجزائري ليس طرفًا في معادلة الحكم…الطبقة المتوسطة تعتبر مستقيلةً ومنسحبةً من الحياة السياسية، وتتفادى المشاركة في النقاشات التي تتناول الشأن العام، خصوصًا العلاقة بين المدني والعسكري”.
إلا أن متابعة ردود فعل الجزائريين على الشبكات الاجتماعية الأحد بعد ترشيح بوتفليقة لولايةٍ خامسة، تكشف مزيجاً من الانطباعات السلبية ومشاعر الغضب والاستياء والإحباط.
قرر حزب الجبهه الجزائرى ترشيح بوتفليقه لفترة رئاسة سادسه رغم إصابته بجلطة دماغيه افقدته النطق وتحركه بكرسى متحرك لذا أصبح فى حكم المؤكد خوض الانتخابات تحت شعار التحنيط والعبور pic.twitter.com/yUYgSjuAi6
— AMR.MADKOUR753 (@AMadkour753) October 29, 2018
قول ولد عباس إن #بوتفليقة هو مرشح الأفلان لانتخابات الرئاسة 2019 لا جديد فيه، كل التفاصيل منذ سنة 2014 كانت توحي بأن مشروع الجنازة الرئاسية ماض قدما، لكننا فضلنا أن نغرق في التفاصيل على أن ننظر إلى الصورة بكليتها.
— Nadjib Belhimer (@nadjibbel) October 28, 2018
#بوتفليقة رسميا مرشح #الأفلان للانتخابات الرئاسية 2019.
وهكذا يسقط وهم الديمقراطية، التداول على السلطة والإصلاح السلمي للنظام السياسي في الجزائر.
لن يغادر بوتفليقة كرسيه الا نحو مقبرة العالية.— G.Zine (@GheZinou) October 28, 2018
وتساءل الإعلامي غاني مهدي، المقيم في بريطانيا: “(هل هم) عميان لهذا الحد؟… هذه الخطوة معناها أننا لا نهمهم، نحن لا ننتمي إلى بلد وشعب واحد.. هم شعبٌ ونحن شعبٌ آخر.. هم جماعة البترول والمليارديرات.. واحنا اللي ياللي عايشين… لا أريد أن أستعملَ كلمات بذيئة”.
يتابع بحنق: “تخيلوا الشعب الجزائري اللي مات من أجل حريته… وصلنا لمرحلةٍ خطيرة في تاريخ الجزائر المعاصر، قال (يقصد أمين جبهة التحرير الوطني) لنا وقت انتخاب بوتفليقة في العهدة الرابعة بعد عشرين يوم ييجي يمشي لكم.. هذا الرجل كذاب، لم نسمع منه قط تفكير”.
واعتبر مهدي أنه بإعلان جبهة التحرير الوطني ترشحَ بوتفليقة فإنهم “يريدون الإبقاء على هيمنة جماعة اغتصبت هذا الشعب الجزائري، اغتصبت الكرامة والتاريخ والتراب الجزائري”.
المصدر: موقع رصيف22
اقرأ/ي أيضاً: