بعد الهزائم المتلاحقة لتنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش)، يقبع العديد من الأطفال، الذين ولدوا نتيجة زيجات بين مقاتلي التنظيم الإرهابي وألمانيات، في سجون المنطقة.
ماذا سيكون مصير أطفال الألمانيات الداعشيات ؟ وهل يشكل إحضارهم إلى ألمانيا خطراً؟
انتشر في بداية شهر تموز/ يوليو، فيديو تم تصويره في مدينة الموصل شمالي العراق في كل أنحاء العالم. وقد أظهر هذا الشريط لحظة إلقاء قوات الأمن العراقية وسط أنقاض المدينة، القبض على الفتاة الألمانية ليندا فينتسل والتي تبلغ من العمر16 عاماً، وتنحدر من ولاية سكسونيا.
وكانت ليندا قد سافرت سراً للإلتحاق بصفوف تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش) العام الماضي، وقد تزوجت بعد ذلك من الجهادي “أبو أسامة الشيشاني”، والذي يُعتقد أنه قد قُتل في غارة جوية بعد ذلك.
لكن الأمر الذي لا يراه المرء في شريط الفيديو هذا، هو أن ليندا التي لا تزال بعمر الطفولة تقريباً، كانت قد أنجبت طفلاً وهو الأن رضيعاً. ومنذ ذلك الحين، تقبع ليندا هي ورضيعها في سجن عسكري في بغداد.
ليندا هي واحدة من 940 ألمانياً تطرفوا إسلامياً وسافروا إلى الأماكن التي تقبع تحت سيطرة تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش)، نحو 20 في المائة منهم نساء، أي مايقارب 200 امرأة، والعديد منهن لديهن أطفال.
ونقلاً عن عدة وسائل إعلامية ألمانية، تحاول الحكومة الاتحادية حالياً استرجاع هؤلاء الأطفال إلى ألمانيا. ومن الممكن في البداية أن يتم وضع هؤلاء الأطفال في رعاية لأقارب لهم، لأن فترة سجن تلك الأمهات قد يطول.
وبناءً على طلب رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، من المقرر أن تُعرض ليندا فـينتسل للمحاكمة في بغداد.
وقد صرح العبادي لوكالة الأنباء AP في أيلول / سبتمبر ، أنه في حال وصلت عقوبة الشابة الألمانية إلى عقوبة الإعدام، يتعين وقتها إثبات تورطها في قتل الأبرياء.
حملة دعائية لاصطياد الزوجات
وفي عام 2014 أطلق تنظيم “الدولة الإسلامية” حملة إعلانية كبيرة هدفها إغراء ودفع الفتيات والنساء الشابات للالتحاق بالتنظيم في سوريا والعراق، وفي مقابلة مع DW، تشرح الخبيرة الألمانية في شؤون الإسلام، سوزانه شروتر، واحد من أسباب هذه الحملة الإعلانية :”المسألة كانت ببساطة عدم وجود نساء للمقاتلين الأجانب”.
وتعتقد الخبيرة أن عملية الإعلان تمت بمخاطبة النساء الأجنبيات عن طريق نشر صور لشبان، يتمتعون بالجاذبية، وصور أخرى لسيدات محجبات خاضعات لأزواجهن المقاتلين، وقصص حب متنوعة تدعم وسائل الإغراء لدى التنظيم.
وتطلق الخبيرة على ذلك اسم “الجهاد الرومانسي”.
وقد أشارت الخبيرة الألمانية إلى نجاح هذه الحملة وتقول: “هذا ما دفع بالعديد من النساء الشابات إلى الانتقال بالفعل إلى هناك، والزواج من مقاتلين والقيام بالأعمال المنزلية وإنجاب أطفال، الذين سيكونون المقاتلين المستقبلين في دولة الخلافة”.
الأطفال ..خطر أمني؟
لا يشكل جميع الأطفال، الذين ولدوا من أمهات ألمانيات في مناطق سيطرة “الدولة الإسلامية” أو الذين عاشوا لبعض الوقت هناك، خطراً أمنياً.
وبحسب تقييم الخبيرة شروتر فإن: “جميع الشابات اللواتي ذهبن هناك لديهن أطفال. هذه واحدة من المشاكل التي ينبغي علينا كمجتمع التعامل معها في المستقبل القريب”. وتضيف الخبيرة: “أولئك الأطفال قد يكونون متطرفين أو مصابين بصدمات نفسية. وبطبيعة الحال يترتب على ذلك مصاعب كبيرة ستقع علينا”.
ومن الجدير بالذكر أنه يتم الآن مناقشة قضية استعادة أطفال “الدواعش” الألمان إلى ألمانيا وفق اعتبارات أمنية.
وقد حذر رئيس “هيئة حماية الدستور” (المخابرات الداخلية) هانس غيورغ ماسن في منتصف تشرين الأول / أكتوبر، قائلاً: “نرى خطراً في عودة الأطفال، الذين خالطوا الإرهابيين وتلقوا تعاليم منهم من مناطق الحرب، إلى ألمانيا”. ومع ذلك فإن هذا الخطر يبقى ضئيلاً، كلما كان الأطفال صغيري السن.
ووفق التقرير الذي نشرته صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية في العام الماضي، يبدأ “داعش” بتعليم الأطفال التطرف في سن السادسة. وبحسب الصحيفة، يكون الأطفال في سن المراهقة تقريباً جاهزين للقيام بمهمات وعمليات انتحارية.
إن نهاية تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش) لا يعتبر نهاية لتلقين التطرف للأطفال أو المراهقين، ولا نهاية التحريض والتنشئة على الجهاد المزعوم، ففي الصيف الماضي سيطرت “هيئة تحرير الشام” على محافظة إدلب في الشمال الغربي من سوريا بشكل كامل. وكما ذكرت الوسيلة الإعلامية Vice في عام 2015، فإن المنهج التعليمي للهيئة لا يختلف فعلياً عن ذلك المُتبع من قبل داعش.