ولاء خرمنده
شخصية قوية، قوية ما يكفي لتصرح بضعفها حتى! وشخص لا يجد ذاته إلا بمهنته التي توليها كل أهمية، نموذج لعشرات الشباب اللاجئين قسرًا بكل بما يترتب على هذا القسر من تداعيات نعيشها جميعا نحن الذين قدمنا إلى هنا دون أدنى جاهزية، لأننا ببساطة لم نملك الوقت لنخطط أبعد من النجاة وإن اختلفت دروبنا، مسكونة بمخاوفها المشروعة، وعلي أن أعترف أن البحث والمراقبة لساعات لم يجعلني أفلح بتحديد ملامح أدق لشخصية راما جرمقاني، فأنا أمام شخصية تحمل الصفات المتناقضة، أو ربما هناك سطح وعمق لا ينسجمان نظريا على الأقل، فرغم إنها تبدو صلبة إلا أن نصوصها الذاتية تخبر عن حساسية شديدة، قد تجدها تعرف الوطن بكل “مكان يمنحك عملًا ومحبين” هذه الشروط التي يحققها بلد كألمانيا، لكنها تعيش نوستالجيا واضحة تجاه سوريا التي غادرتها إلى ألمانيا لتحضر دورة عن حرية الصحافة بدعوة من مؤسسة فريدريش ناومان في أبريل 2015 دون أن تخطط مسبقا للبقاء هنا، لكن مخاوف أمنية على سلامتها جعلت عودتها أمرا غير مطروح بعد أن اعتقدت أن تقريرا أمنيا وضع باسمها لدى النظام السوري، فقررت البقاء وتقديم طلب لجوء هنا.
راما المتقنة للإنكليزية لم تجد بدًا من تعلم الألمانية التي تحاول دراستها حاليا رغم ما تعانيه من صعوبات بهذا الخصوص، ورغم قلقها اتجاه مستقبلها هنا ومآل مهنتها بعيدا عن موضوع اللاجئين حيث أنها لا تشعر بأن الشأن الألماني قد يكون موضوع عملها حتى الآن ولو أنها لا تعمم هذا على المستقبل، استطاعت رغم كل تلك المخاوف والأزمات أن تتابع مهنتها مسجلة نجاحات إضافية تجعلني لا أشك أنها ستتخلص من أسئلتها المشروعة تلك بأجوبة مقنعة حول المهنة والحياة هنا، فهي بالإضافة لعملها كمراسلة لإذاعة روزنا السورية من ألمانيا واستمرارها بالعمل لصالح إذاعة BBC ، كانت ضمن كادر العمل الذي أنجز فيلم MYESCAPE ( رحلة هروبي) وهو فيلم وثائقي يحكي عن رحلة اللجوء إلى ألمانيا وقد لاقى ضجة مهمة في الأوساط الألمانية كونه الأول من نوعه من حيث أن معظمه صور بكاميرات هواتف اللاجئين أنفسهم الذين صوروا أجزاء من رحلتهم المحفوفة بالمخاطر دون هدف العرض، وقد صورت مقابلات معهم لاحقا يشرحون فيها هذه المقاطع وقد عرض على كل من قناتي WDR وDW الألمانيتين المساهمتين في إنتاجه وكان دور راما بالجزء السوري من الفيلم، من حيث البحث وإجراء المقابلات، فقد ذكر الفيلم تجارب اللاجئين السوريين، كما اللاجئين من جنسيات أخرى كأريتريا وأفغانستان وباكستان.
وكذلك رشح مقال لراما كانت نشرته في صحيفة ديرشبيغل الألمانية الشهيرة عن قضية الاندماج، لجائزة الربيع للصحفيين الشباب، كمقال لصحفي أجنبي وتعلن نتائج المسابقة في أيار المقبل. أما عن خطط راما المستقبلية فهي تطمح لعمل مشروع إعلامي موجه للاجئين السورين هنا وإن لم تكن قد حسمت بعد الشكل الإعلامي الذي سيكون عليه.