د. هبة النايف. طبيبة أطفال سورية مقيمة في ألمانيا ومؤسِسة صفحة هبة طبيبة طفلك
رغم التطور العلمي الكبير في مجال الصحة، إلا أن كثيراً من الناس مازالوا يصدقون وصفات تقليدية قديمة أو يتبعون عاداتٍ غذائية أثبت العلم الحديث ضررها، مثل التمليح والوطوطة أي دهن بشرة المولودات البنات بدم الوطواط ظنّاً أن ذلك يمنع ظهور الشعر بالجسم، القماط المشدود طوال اليوم وليس فقط للنوم، لف السرة بحزام مع قطعة معدنية وغيرها من التصرفات والخرافات هي مجرد عادات مؤذية للأطفال.
أستعرض في هذا المقال بعضاً من هذه الخرافات التي قد تؤذي الأطفال، راجيةً أن يتوقف الأهالي للحظات لقراءتها وتشغيل المنطق وسماع الرأي الطبي فيها ومن ثمّ التخلي عنها.
سأبدأ باستمرار الأهالي في إعطاء أبنائهم اليانسون لتهدئة بكائهم ودفعهم للنوم، وأؤكد مرةً أخرى أن اليانسون مهدئ عصبي يسبّب الخمول وإذا استخدم بكثرة يمكن أن يسبب التسمم العصبي للأطفال، ولا يجوز إعطاؤه للرضع. أقول لكل أم، الرضيع حتى عمر أربعة أشهر يمكن ألا ينام فتحملّيه ولا تؤذيه بالمنومات.
قد يقول البعض “ربينا عاليانسون وما صرلنا شي”، لكن في الواقع الآثار موجودة ولكنكم لا تعرفون أنها بسبب اليانسون. بعض الأضرار المحتملة وأعراض التسمم العصبي: الإقياء الشديد، العصبية والبكاء بلا توقف، الخمول الشديد، قلة الرضاعة وقلة النمو، مشاكل بالتعلم في المدرسة مستقبلاً.
اقرأ/ي أيضاً: حروق الأطفال: كيف أتصرف إذا أصيب طفلي بالحروق؟
هناك أفكار مغلوطة لدى بعض الأسر بأن تقديم الليمون للرضيع قد يسبب تأخره في النطق مستقبلاً أو “ثقل” لسانه، وهذا غير صحيح، وإن حصل الأمران معاً فهو من محض الصدفة فقط. (الليمون مسموح للرضع من ٦ أشهر وهو لا يؤذي المعدة، وهو مصدر رائع لفيتامين سي).
من الأفكار الغريبة أيضاً وضع طوق الثوم حول رقبة الوليد لعلاج اليرقان، واسمحوا لي أن أذكر لكم هنا الفوائد الوحيدة لطوق الثوم: يسبب رائحة كريهة وقد يتسبب بخطر الاختناق بالطوق، لا يعالج الثوم ولا غيره من الوصفات كالماء والسكر اليرقان وإن شفي الطفل فهي محض صدفة.
اقرأ/ي أيضاً: طفرات النمو: هكذا يكبر أطفالكم دون أن تلاحظوا..
من الخرافات المتعلقة بالأطفال أيضاً هو الكحل العربي للمولود والأسوأ غمس الكحل بالثوم أو البصل، عدا عن أنه تعذيب يشوه شكل الرضيع، فهو كذلك يسبب أذى كبير للعين وخطر تسممها بالرصاص والتهابها، وبالتأكيد وسع العين وطول ولون الرموش لن يتغير، فارحموا أطفالكم.
عصرة الليمون في عيني المولود لتقوية النظر أو لمنح العيون البريق، صدقوني هذا لن يسبب في الحقيقة إلا أن يشعر المولود بالحرق والألم فقط.
يعتقد بعض الأهالي أن ترك الطفل أمام التلفاز يعلمه الكلام أو بعض العادات الاجتماعية، لكن الحقيقة أن الطفل يتعلّم من خلال اللعب بألعابه وتفحّص العالم بيديه وعينيه، وبالتواصل مع الآخرين ومشاهدتهم، لا يتعلّم من الجلوس أمام الشاشات كمتلقّي دون حراك دون الردّ على أحد. الكرتون ممنوع قبل السنتين لكن مكالمات الفيديو مع العائلة مفيدة ومسموحة.
الأغاني دون شاشة مسموحة، ويمكن أيضاً بعد عمر السنة أن تجلس الأم أو الأب مع الطفل ويشاهدوا سوياً ويتحدثوا عما يشاهدونه، بشرط الانتباه على المحتوى واختيار المناسب لعمر الطفل. أنصح أيضاً بتجنب الأغاني الصاخبة والعاميّة دون عبرة.
لقد كثُرت ظاهرة تأخر النطق عند الأطفال وظهور أعراض شبيهة باضطراب التوحد عليهم من العزلة وإدمان الشاشات، فانتبهوا على أطفالكم وأبعدوهم عن الشاشات وحدثوهم واقرأوا لهم.
هناك فكرة أخرى مغلوطة لدى بعض الآباء والأمهات تتعلق بالقلق من ارتفاع حرارة الطفل، حيث يقومون بإعطاء خافض الحرارة قبل اللقاح وهذا خطأ كبير، لأنه يمكن أن يؤثر على فعالية اللقاح أو يغطي على أعراض التهاب أو كريب ولو بسيط عند الطفل، حيث أن المفروض في حالة وجود أي التهاب ألا يتم تلقيح الطفل حتى يُشفى من الالتهاب.
ومن ناحية أخرى لا يجوز إعطاء الخافض بعد اللقاح إلا إذا تجاوزت الحرارة ٣٨ درجة مئوية، لأن إعطاء الخافض كل ٤ ساعات يلغي التفاعل المناعي الطبيعي للجسم مع اللقاح، والذي يتيح للجسم أن يكون مناعة ضد المرض، وللألم مكان اللقاح أنصح بعمل كمادات باردة برودة خفيفة.