“التجارة العادلة” “Fair Trade”:
تحدثنا في العدد السابق عن المنتجات العضوية وعلامة “Bio” التي تصادفنا عند تسوقنا لاحتياجاتنا الغذائية. وقد تلفت نظرنا علامة أخرى هيFair Trade التي نصادفها أحيانًا على أكياس القهوة والسكر والشاي والموز والكاكاو والمحاصيل الواردة من البلدان النامية، فإلامَ تشير هذه العلامة؟ وبم تختلف عن علامة المنتجات العضوية؟
تُعرّفنا السطور التالية على مفهوم Fair Trade “التجارة العادلة”، ما له وما عليه:
ما هي التجارة العادلة Fair Trade وما هي أهدافها؟
تسعى التجارة العادلة لتحقيق أسعار أفضل، وظروف عمل لائقة وشروط عادلة للتجارة بالنسبة للمزارعين والعمال في البلدان النامية من أجل بيع وتسويق سلعهم ومنتجاتهم بأسعار عادلة “قريبة” من الأسعار العالمية، وتقليل حالات الاستغلال التي يتعرضون لها، خاصة من بلدان الشمال المتقدم. وتسعى أيضًا لدعم تطوير المجتمعات الزراعية لتمكينها من تقرير مستقبلها وحماية البيئة التي تعيش وتعمل فيها من خلال الآليات التالية:
- لفت الأنظار إلى مقدار ما يعانيه المنتجون في الدول الفقيرة من ظلم وعدم مساواة في جني أرباح منتجاتهم كما ينبغي.
- توفير قنوات تسويق ملائمة لمنتجي ومصدّري الدول النامية في الدول المتقدمة، مما يؤدي إلى توفير وضع أفضل للمزارعين سواءً في الأسواق الداخلية أو الخارجية.
- مراعاة البعد البيئي لتلك المنتجات؛ بحيث تكون المنتجات الزراعية المباعة غير ضارة بالبيئة أو بصحة الإنسان، وإنتاج أصناف ذات نوعية جيدة.
- توفير سبل عمل مشروعة للعديد من العاطلين عن العمل، سواء في البلدان النامية أو المتقدمة، واحترام حقوق هؤلاء العمال.
ما هي حركة التجارة العادلة Fair Trade movement؟ متى ظهرت؟ وما هي عوامل ظهورها؟
التجارة العادلة هي حركة اجتماعية منظمة هدفها المعلن هو مساعدة المنتجين في البلدان النامية على تحقيق شروط تجارية أفضل وتعزيز الاستدامة. تدعو أعضاء الحركة على دفع أسعار أعلى للمصدرين، وكذلك تطبيق معايير اجتماعية وبيئية أعلى.
بدأ ظهور فكرة (التجارة العادلة) في أوائل التسعينيات من القرن العشرين، عندما تبنت بعض المنظمات والمؤسسات الأوروبية والأمريكية فكرة تحقيق سعر عادل لمنتجات صغار المزارعين ومصدري المواد الزراعية وأصحاب الحرف التقليدية، وخاصة في دول العالم النامي. وبرز هذا المفهوم (التجارة العادلة) بشكل أوضح على يد مؤسسة “أوكسفام” العالمية التي تأسست عام 1942 وهي عبارة عن اتحاد من المنظمات غير الحكومية المستقلة التي تكرّس نشاطاتها لمكافحة الفقر. بدأت “أوكسفام” حملة تهدف إلى تغيير قواعد التجارة العالمية، وإتاحة الفرصة لمنتجات الدول الفقيرة لدخول أسواق الدول الغنية، وإنهاء قواعد صندوق النقد الدولي والبنك الدولي؛ بمعنى آخر فقد حاولت المنظمة توجيه التجارة والعولمة إلى العمل لخدمة الشعوب الفقيرة وليس ضدها، وقد سعت تلك الحملة إلى شراء سلع الفقراء وبيعها في دول الشمال الغنية للحصول على سعر عادل لهم، وتم ختم هذه السلع بشعار “صُنع بكرامة”.
ماهي المنظمات التي تدعم وتشرف على التجارة العادلة Fair Trade؟
تتبنى أربعة اتحادات كبرى في أوروبا إلى جانب “أوكسفام”، فكرة نشر التجارة العادلة، وهذه الاتحادات هي: “الاتحاد الدولي للتجارة العادلة”، ومقره هولندا، “المنظمات الدولية للعلامات التجارية والتجارة العادلة”، “شبكة المؤسسات التجارية العالمية الأوروبية” والذي يمثل حوالي 2500 من مؤسسات التجارة العادلة، و”الاتحاد الأوروبي للتجارة العادلة” والذي يدير مكتبًا خاصًا في بروكسل للدفاع عن قضايا التجارة العادلة.
لأعضاء الاتحاد الدولي للتجارة العادلة هدف أساسي واحد: دعم المزارعين والمنتجين في البلدان النامية من خلال تطبيق التجارة العادلة. توجّه التجارة العادلة كل قرار تجاري يصدر عن أعضاء اتحاد التجارة العادلة.
ماهي مبادئ التجارة العادلة Fair Trade principles؟
- شراء المنتجات بصفة مباشرة من صغار الفلاحين الأكثر احتياجًا بدون وسيط بينهم وبين المستهلك.
- تحديد سعر الشراء بشكل عادل من خلال النظر إلى الاحتياجات الحقيقية للمنتجين الصغار وعائلاتهم، مع الأخذ بعين الاعتبار أسعار تلك المنتجات في الأسواق.
- تأسيس العلاقات مع الفلاحين على شكل عقود شراكة طويلة الأجل، مقابل التزامهم بجودة إنتاجهم، والانتقال بأسرع ما يمكن نحو الإنتاج البيولوجي الخالي من المبيدات الكيماوية.
- تمنح منظمات التجارة العادلة الفلاحين الصغار منحة سنوية تمكنهم من تمويل مشاريع التنمية المستدامة.
ما خصائص المنتج الذي يحمل علامة التجارة العادلة Fair Trade product؟
شراء منتجات التجارة العادلة يعني بالمبدأ المساهمة في حصول المنتجين في البلدان النامية مثل كينيا أو كولومبيا، على سعر عادل لما يزرعون وينتجون. وهم يحصلون أيضا على منحة التجارة العادلة الإضافية التي تمكنهم من استثمارها في مشاريع التنمية المستدامة التي تخدم مجتمعاتهم كالمدارس والمستشفيات والآبار.
الجدل الدائر حول التجارة العادلة، هل هي تجارة عادلة؟ أم أنها مجرد صيحة؟ Fair trade or trend؟
أثيرت بعض الانتقادات حول أنظمة التجارة العادلة، ويحتدم النقاش حول الآثار الأخلاقية والاقتصادية التي تزعم التجارة العادلة تحقيقها. ففي دراسة أجريت عام 2015، ونشرت نتائجها في المجلة الصادرة عن معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في الولايات المتحدة، تبين أن عائدات المنتجين كانت قريبة من الصفر، لوجود فائض في معروض “شهادات التجارة العادلة Fair Trade certification”. كما تقول الدراسة إن جزءًا صغيرًا فقط من منتجات التجارة العادلة تم فعليًا بيعه في أسواق التجارة العادلة. أما مردوده فذهب لتغطية تكاليف استصدار تلك الشهادات “علامة التجارة العادلة”.
وتشير بعض الأبحاث إلى أن تحقيق بعض معايير التجارة العادلة يمكن أن يسبب تفاوتًا أكبر في بعض الأسواق حيث أن هذه القواعد الصارمة قد لا تكون مناسبة لسوق معين. كما أن هناك شكاوى من عدم تطبيق معايير التجارة العادلة من قبل المنتجين والتعاونيات والموردين والموضبين، ومحاولة التهرب منها. وأن القليل من العائدات يصل إلى العالم النامي، وبالتالي يصل قدر أقل إلى المزارعين، ناهيك عن عدم وجود أدوات فعالة لقياس التأثير الذي يحدثه التحول إلى هذا النوع من التجارة، إلى جانب الفساد المستشري في دول العالم الثالث وعدم قدرة الفلاحين الفقراء على الامتثال للمعايير الدقيقة التي تفرضها “التجارة العادلة” كتجنب المواد الكيماوية والزراعة العضوية.
مواضيع ذات صلة
المنتجات والأغذية العضوية “Bio” وآراء المستهلكين