جلال محمد أمين / محامي ومستشار قانوني سوري مقيم في ألمانيا
لا يمكن الاكتفاء من الحديث عن موضوع لم الشمل، فهو الشغل الشاغل للاجئين وللحاصلين على حق الحماية في ألمانيا، كما أنه أصبح شبه أساسي في نقاشات السياسيين والإعلاميين في ألمانيا. ويتناول القانون الألماني لم شمل الأسرة لأي شخص حصل على حق اللجوء القانوني بموجب المواد التالية:
المادة 16 من القانون الأساسي، وتقابلها المادة 25-1 من قانون الإقامة، وكذلك المادة 25-2 فقرة 1 من قانون الإقامة في ألمانيا حق للشخص، بغض النظر عن وضعه الاقتصادي، إلا أن هذا الحق مقيد بشروط مختلفة:
فالشرط الأساسي هو أن يتقدم الشخص بطلب لم شمل الأسرة خلال ثلاثة أشهر من تاريخ قطعية قرار اللجوء، ويتم تقديم الطلب عن طريق الإنترنت بموجب طلب اسمه “صيانة المهلة”، أي بمجرد أن يتم تقديم هذا الطلب ضمن الأشهر الثلاثة، لا يؤثر تأخير الحصول على الفيزا، ولا تتأثر عملية لم الشمل بسبب المواعيد البعيدة في السفارات الألمانية.
الشرط الآخر يتعلق بالأشخاص المسموح بجلبهم، وهم الأزواج والأطفال القصّر والوالدين لمن كان قاصراً، هذا يعني أن اللاجئ القاصر يستطيع جلب والديه ولكنه لا يستطيع إحضار أخوته القصر عن طريق لم الشمل. وهناك بضعة حالات استثنائية تم فيها الموافقة على منح الأشقاء القاصرين حق لم الشمل، لا يمكن تعميمها.
وتجدر الإشارة إلى أن الطفل المعاق يعتبر في منزلة الطفل القاصر من ناحية لم الشمل، إلا أن هذه الحالة تتطلب تقديم كافة الوثائق القانونية.
بالطبع توجد الكثير من الحالات التي حصل فيها الوالدان على تأشيرة الدخول إلى ألمانيا دون باقي الأولاد القاصرين، ولم يستطع فيها الأهل أن يتركوا أولادهم لوحدهم، فلجأوا إلى حلول مختلفة، كأن يأتي الوالدان ويتركا الأولاد لدى الأقارب، ويقدمان بعدها طلب لجوء ليقوما بلمّ شمل أبنائهما. أو يأتي أحد الوالدين وينتظر الآخر مع الأولاد، ومن ثم يقدم طلب لجوء وبعد الحصول على اللجوء يقدم أحد الوالدين طلبات لم شمل للأطفال، وهذه الطريقة كانت ناجعة عندما كان الحصول على اللجوء سهلاً، أما بعد منح السوريين الحماية فباتت هذه الطريقة غير مجدية.
ماذا لو مضت مدة الثلاثة أشهر ولم يتقدم الشخص بطلب صيانة المهلة؟
إذا مضت مدة الأشهر الثلاثة ولم يتقدم اللاجئ بطلب صيانة المهلة، فإنه يفقد حقه في لم الشمل الناشئ بهذه الطريقة، ويحق له طلب لم الشمل كمقيم منتج وعامل ولا يتلقى أي مساعدة من الدولة. أي يشترط أن يستطيع تأمين معيشة المطلوب لم شملهم من ناحية السكن والملبس والمأكل والتأمين الصحي الخ….
وعلى سبيل المثال إذا كان الشخص لديه زوجة فقط، فيجب أن يكون دخله الشهري يتراوح بين 1300 حتى 1400 يورو، ولديه منزل لا تقل مساحته عن 45 متراً، وباستثناء السوريين يفترض على الأقل أن يتقن مبادئ اللغة الألمانية.
ملاحظة: الطفل القاصر الحاصل على اللجوء، ويحق له لم الشمل مُعفى من طلب حفظ وصيانة المهلة.
ماذا لو استمرت إجراءات لم الشمل للقاصرين لمدة طويلة بسبب الضغط الشديد على السفارات، وفي خلال هذه المدة أصبح القاصر بالغاً، وتجاوز الثامنة عشر؟
عندما يقوم الوالدان بلم شمل أبنائهما، فلا داعي للخوف مهما طالت مدة إجراءات لم الشمل، لأن العبرة هي لتاريخ طلب لم الشمل، ولكنّ العكس غير صحيح وهذه هي المشكلة الكبرى، بمعنى أنه حين يتقدم القاصر بطلب لم شمل لوالديه، وتطول مدة الإجراءات إلى أن يصبح راشداً، ولم يكن الوالدان قد حصلا على تأشيرة السفر (الموافقة على لم الشمل)، فإن الإجراءات تبطل ويُلغى طلب لم الشمل.
إلا أن المحكمة الأوروبية وفي قرارها بتاريخ 12 نيسان 2018، أقرّت بحق القاصر بمتابعة إجراءات لم الشمل حتى لو بلغ سن الرشد، ومن المفروض أن تقوم الدوائر الألمانية بتبني هذا القرار.
تطورات تتعلق بلم الشمل للحاصلين على الحماية الثانوية
من حيث المبدأ القانوني لم يكن القانون الألماني يمنح حق لم الشمل للحاصلين على الحماية الفرعية، ولكن قبل فتح الأبواب للاجئين حصل الكثير من السوريين على الحماية، دون الحق في لم الشمل، وحينها كان عدد اللاجئين لايزال قليلاً، مما جعل المحاكم تنظر في الطعون المقدمة لها بروية، وكانت النتائج أكثر إيجابية خاصة في برلين. لكن الأمر تغير مع الموجة الكبيرة لأعداد اللاجئين السوريين.
ومؤخراً صادق البرلمان الألماني على شروط جديدة تتعلق بلم شمل الحاصلين على الحماية الثانوية. وتبعاً لخلافات بين الأحزاب أثناء مفاوضات تشكيل الحكومة الائتلافية، فقد تم التأجيل لبداية الشهر الثامن من عام 2018، وتم تحديد عدد القادمين بموجب لم الشمل بألف شخص شهرياً ماعدا الحالات الاستثنائية، ويعود تقديرها للدوائر المختصة.
إلا أن وزير الداخلية الألماني الجديد هورست زيهوفر يتجه إلى تشديد لمّ شمل عائلات اللاجئين الحاصلين على الحماية الثانوية، حيث قدم في الرابع من نيسان/أبريل 2018 مسودة قانون ينص على عدم السماح بلمّ الشمل إلا للأزواج والأطفال القصّر، وكذلك الأب والأم بالنسبة للقصّر غير المتزوجين.
وحسب هذه المسودة لن يتم الاعتراف بعقود الزواج المنظم في خارج البلد الأصلي للاجئ، كما يجب أن تكون موثقة بتاريخ يسبق دخول اللاجئ إلى ألمانيا، ويمنع لم شمل “الجهاديين والإرهابيين ودعاة الكراهية وقادة الجماعات الممنوعة”.
إلا أن المقترح غير المنطقي في مشروع القانون هو احتمال عدم منح حق لم الشمل للاجئ الذي يتلقى مساعدات من الدولة، حيث أن تم تنفيذ هذا الشرط يخرج حق لم الشمل عن طبيعته القانونية، ويتحول إلى لم شمل للمقيم العامل، وبالتالي يبطل قانون لم الشمل الخاص بالحاصلين على الإقامة الفرعية.
خاص أبواب