عبد الرزاق حمدون*
في ريال مدريد دائماً ما يتغنّون بتاريخهم وأساطيرهم التي لعبت للنادي الملكي على مر العصور، ومن بين هذه الأساطير الخالدة المدرب الحالي للفريق زين الدين زيدان.
قضية ارتباط زيدان مع ريال مدريد لا يمكن المساس بها، ولا يتجرّأ أحد على تزوير التاريخ الذي كتبه كابتن فرنسا في مونديال 2006 سواء عندما كان لاعباً وقائداً لخط وسط فريق النجوم في مدريد، أو حين تابع تعزيز الرابط وكتابة التاريخ باستلامه زمام تدريب الفريق وتحقيقه للقبي دوري أبطال أوروبا لعامين متتاليين والليغا المنسية منذ زمن ليس ببعيد.
ما هي إلا مراحل على بداية هذا الموسم حتى بدأ بريق الفريق الملكي بالبهتان وتعرّض بطل العام الماضي للعديد من الهزّات محلّياً أوصلته لمراكز لم نألفها على كبير مدريد، مما جعل جماهير البرنابيو تطالب بحلول جذرية أبرزها تغيير المدرّب لتثبّت مقولة تشافي هيرنانديز نجم برشلونة السابق عن جمهور الريال أنه متطلّب دائماً.
ضغطٌ كبير عاشه المدرب الفرنسي مع أكثر الفرق شهرة عالمية وأن تكون مديراً فنّياً لكوكبة من النجوم وتتعرض للعديد من الانتقادات فهذا يتطلّب قوّة شخصية كبيرة منك للخروج من تحت الأضواء بأقل الخسائر، وكان ذلك تماماً ما قام به زيدان فعلى الرغم من ابتعاده عن الصدارة محلّياً وخروجه من مسابقة الكأس، إلا أن ريال مدريد لا يزال في عِداد المتنافسين بل ربما المرشح الأقوى للفوز بلقب البطولة الأمجد قاريّاً: دوري أبطال أوروبا، كيف لا وهو أكثر من توّج بها عبر تاريخها.
تعامل زيزو بهذه الرصانة مع الموقف الحرج بدون أن يخسر لاعباً واحداً يدلنا على إيمانه بلاعبيه وبقدراتهم، بل من يتابع الريال حالياً تحديداً بعد مباراتي باريس سان جيرمان في دوري الأبطال سيلاحظ تماماً الاستقرار الذي يعيشه الفريق بالرغم من الإخفاق الذي يلاحقهم محلّياً، لكن لو نظرنا إلى تاريخ ريال مدريد سنرى بأنه مليء بالألقاب والأمجاد أي بمعنىً أصح أن النادي الملكي لا يبحث عنها بقدر ما يريد الاستقرار مع مدير فنّي واحد فقط والابتعاد عن التغيير كما حصل في المواسم الماضية.
زيدان هو الشخص المثالي لهذا المشروع لأنه يمتلك خواص تخوّله لذلك، أبرزها عشق الجماهير له وإحياؤه للعديد من الأسماء التي أصبحت من أعمدة الفريق “كاسيميرو- إيسكو- موراتا- فاسكيز” وتخريجه لأحد أبرز النجوم الشابّة أسينسيو, كل هذه العوامل تعطينا فكرة عن قربه من لاعبيه وثقته اللامتناهية بهم.
4-3-3، 4-4-2 بشقّيها الجوهرة والفلات، 4-2-1-2-1، 4-3-1-2 ، 4-2-3-1 كل هذه التشكيلات لعبها ريال مدريد في عهد زيدان وتداور عليها جميع اللاعبين وشارك معظمهم في مراكز متنوعة. رهان زيدان على نجاح هذه النماذج التكتيكية كان بشخصيته التي أعطاها لهم في إتمام المهام الموكلة إليهم وعلى وجه الخصوص عند المواعيد الكبيرة.
حسن تعامل زيدان مع البرتغالي كريستيانو رونالدو خاصّة بعد تقدّمه في العمر وانتقاء الوقت المناسب والحاسم لتفعيله بما يفيد الفريق، وهذا بحد ذاته قضية لا يستطيع العديد من كبار المدربين التعامل معها خاصة من حيث إقناع رونالدو بضرورة الراحة خلال بعض مراحل الموسم الأولى كما يفعل زيدان.
ربما لا يتمتّع المدرب ذو الأصول الجزائرية بالخواص التكتيكية والحنكة التي نراها عند غوارديولا ومورينيو واليغري وكثيرين، لكن ما قام به زيزو مع الريال حتى الآن بالرغم من تواضع مسيرته التدريبية يكفي أن يعطينا فكرة عن أهمّية تواجد اسمه على دكة الفريق الملكي.
* عبد الرزاق حمدون. صحفي رياضي مقيم في ألمانيا