عبد الرزاق حمدون*
أجمل مافي كرة القدم، أنه مهما بلغت من خبرة في متابعتها، تجد أنك في بعض المواقف تحتاج لمراجعة نفسك وتقييمك، وأياً كانت نظرتك سواء سلبية أم إيجابية اتجاه لاعبٍ أو مدربٍ ما، كان لا بُدّ أن تأتي اللحظة التي قد تجعلك لا تراهن في عالم المستديرة. آخر مثال لهذه الأفكار كان مباراة مانشستر يونايتد وضيفه تشيلسي التي أقيمت اليوم الأحد 25 شباط/ فبراير.
قدّم لاعبو مانشستر يونايتد أحد أجمل عروضهم لهذا الموسم تحت قيادة البرتغالي جوزيه مورينيو، وحققوا انتصاراً مهماً ومستحقاً على ضيفهم تشيلسي في قمّة الجولة الثامنة والعشرين من الدوري الإنجليزي الممتاز، بعدما استطاعوا اقتناص ثلاث نقاط مهمّة عادت بهم إلى وصافة الترتيب العام على حساب ليفربول وخلف مانشستر سيتي الأول، وليبقى تشيلسي في المركز الخامس خلف توتنهام الرابع.
أوفت القمّة الإنجليزية بكامل وعودها سواء داخل الملعب بأقدام اللاعبين أو على دكّة البدلاء من الناحية التكتيكية للمدربين وأعطت الكثير من الحكم والدروس التي ترتبط بالمقدّمة التي ذكرناها في بداية هذا المقال، أبرزها:
- لهذا السبب أنا السبيشل ون
وُجّهت الكثير من الانتقادات اللاذعة نحو البرتغالي جوزيه مورينيو بسبب الأداء العقيم الذي يقدّمه مع مانشستر يونايتد. أيام قليلة بعد التعادل في دوري الأبطال يعود بعدها مورينيو ويثبت للجميع أنه السبيشل ون في المواعيد الكبيرة، وعندما يتعلّق الأمر بمنافس بحجم تشيلسي فإن البرتغالي يخرج قبّعته السحرية، التي حوّلت فريقه من أرنب إلى وحش كاسر، ونقل المباراة إلى الالتحامات البدنية الهوائية بواقع 14 لليونايتد مقابل 8 فقط لتشيلسي. أسلوب مورينيو جاء بالكثير من اللقطات الإيجابية لفريقه وليتفوّق بها على خصمه المنشغل على الأطراف ويخسر منطقة المنتصف لصالح ماتيتش وبوغبا ومكتومناي، وفي المرحلة الثانية جاء بالتغيير بقدوم لينغارد صاحب هدف الفوز والمتألق حديثاً مع مورينيو وأقفلها بالعاجي باييلي.
- أنا كونتي الذي أوقفت برشلونة لكن!
في بعض الأحيان الحالة الإيجابية والثقة الزائدة التي قد تصيبك في فترة من الفترات تأتي بالمفعول العكسي عند ساعة الحقيقة. الإيطالي أنتونيو كونتي وبعد المستوى الفنّي الذي أظهره أمام برشلونة الإسباني في دوري أبطال أوروبا يبدو أنه قد بقي على أطلال تلك القمّة الأوروبية ونسي العودة للأجواء المحلية الإنجليزية، بالرغم من سيطرة فريقه على الشوط الأول لكن كونتي فاجأ الجميع في خسارته لمنتصف الميدان وهي لعبته المفضّلة، عدا عن إكماله للمفاجآت بتغييراته وحساباته التي ضربت فريقه بشكل كبير، أبرزها خروج البلجيكي إيدين هازارد صانع هدف تشيلسي وإبقائه على موراتا المتواضع والتائه.
– لوكاكو كيف أحمل فريقي وقت الشدائد
صيام لوكاكو عن التهديف في بعض مراحل الدوري وعدم تواجد اسمه بين المتنافسين على صدارة هدّافي الدوري وتسجيله على الفرق المتوسطة، صوّب نحوه الكثير من أسهم الانتقادات من أقلام الصحف الإنجليزية ومواقع الإحصاء الكروي، لكن ردّ المهاجم البلجيكي كان مشابهاً لرد اعتبار مدرّبه وكأن حاله يقول سننهض سوّيةً، سجّل هدف التعادل وصنع الثاني للينغارد بطريقة رائعة، عدا عن تسديداته الخمس التي كان منها ثلاث داخل الخشبات. أما أهم خواصه كانت الالتحامات الهوائية مع الخصم حيث حسم 5 التحامات هجومية. لوكاكو كان صمّام الأمان لزملائه ومرعباً لدفاعات تشيلسي.
- بوغبا الضيف الثقيل
يبدو أن العلاقة المشحونة في الفترة الأخيرة بين مورينيو وبوغبا لم تؤثر على الفرنسي، الذي قدّم كل شيء في مباراة تشيلسي بل نصّب نفسه أحد أفضل اللاعبين، حيث قام بالتسديد والتمرير والاختراق وكسب الالتحامات البدنية التي ميّزت فريقه اليوم عدا عن الاعتراضات الناجحة. بوغبا بكل بساطة كان ضيفاً ثقيلاً على كل من كان في الأولد ترافورد.
قمّة جاءت دسمة جداً لعشّاق البريميرليغ وكانت إسعافية لمورينيو الذي فقد بريقه بالفترة الأخيرة، وهزّت كيان كونتي ليعيد حساباته قبل موقعة الأبطال.
*عبد الرزاق حمدون. صحفي رياضي مقيم في ألمانيا