د. بسام عويل. اختصاصي علم النفس العيادي والصحة النفسية والجنسية
يعتبر الإدمان على مشاهدة المواد الإباحية حسب مصادر الأبحاث العلمية من أخطر أنواع إدمان الإنسان الحديث. فمن أين تبدأ المشكلة؟ وما هي عواقبها؟ وكيف يمكن التعامل معها؟
تظهر الأبحاث أن 80% من الذكور و 20% من النساء الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و 30 عاماً يشاهدون ويتفاعلون مع المواد ذات المحتوى الإباحي (مشاهدة أفلام أو قراءة قصص جنسية)، مرة واحدة على الأقل في الأسبوع.
ولكن متى يمكننا التكلم عن الإدمان على الإباحية؟
عندما تصبح مشاهدة المحتوى الإباحي سلوكاً قهرياً يصعب التحكم به، يؤثر على الأداء اليومي للمهام المنوطة بالشخص، كتفضيل المشاهدة على حساب التواصل مع الأصدقاء والعائلة، وإهمال الشريك، بدلاً من الحميمة و ممارسة الجنس معه. وقد يظهر أيضاً في حالات الإصرار على نقل محتوى الأفلام التي يشاهدها الشخص المدمن، وتمثيلها في الممارسة الجنسية مع الشريك، أو إرغام الشريك على مشاهدة تلك المواد.
اقرأ/ي أيضاً: أسرار وأنواع النشوة الجنسية.. من سلسلة في الجنس وعن الجنس بدون تابوهات
من علامات الإدمان أيضاً عدم الشعور بالاستثارة الجنسية بدون مشاهدة المواد الإباحية. وعندما يصبح الاستمناء أثناء مشاهدة الأفلام ليس فقط وسيلة للتخلص من التوتر الجنسي، ولكن أيضاً ذو بعد انفعالي وعاطفي يحل مكان التواصل الفعلي، وهو ما يجعل الشخص المدمن يشعر بالجوع المستمر لمتابعة مشاهدة المواد الإباحية، حتى أثناء النهار وفي العمل.
وعادة ما يؤدي إدمان مشاهدة المواد الإباحية إلى مشاكل في الحياة المهنية والمدرسية. وقبل كل شيء يؤدي إلى عواقب وخيمة في الحياة الخاصة، وفي العلاقات العاطفية والجنسية الواقعية.
اقرأ/ي أيضاً: الحياة الجنسية للأنثى المعاصرة.. رغباتها وتوقعاتها من الشريك
مسار إدمان مشاهدة المواد الإباحية
تمت محاولات عديدة لتصنيف مسار الإدمان على الإباحية إلى مراحل، معظم التصنيفات تتضمن هذه المراحل:
- مرحلة البحث عن المتعة
يبدأ الشخص بتصفح المواد المثيرة ويعود إليها من أجل الإثارة الجنسية. في هذه المرحلة يكون الدافع الرئيسية هو: الرغبة في التجربة واختبار أحاسيس جديدة، وفي حالات ليست بالقليلة لكسر الملل.
- مرحلة فقد التحكم
وتأتي مع زيادة الحاجة للتفاعل مع المواد الإباحية بما في ذلك المواد التي تحتوي على مواضيع محرمة ومنحرفة، وما يصاحبها من التسامح مع هذه المنبهات والسلوكيات الجنسية غير النمطية.
- مرحلة تعويم المتعة
فقدان الحساسية تجاه المواد التي ربما بدت صادمة في البداية و قبولها، والرغبة في متابعتها والاستزادة منها، ومحاولة إقناع المدمن لذاته بضرورة الإطلاع على المزيد بغرض زيادة جرعة المتعة.
كيف يؤثر إدمان المواد الإباحية على الدماغ؟
أكد علماء ألمان من معهد “ماكس بلانك” في برلين أن أدمغة الأشخاص المدمنين على مشاهدة المواد الإباحية على الإنترنت تعاني من نفس التغييرات التي يعاني منها المدمنون على الكوكايين. وعلى وجه التحديد، يتعلق الأمر بتقليل المادة الرمادية في الفصوص الأمامية للدماغ، أي الخلايا المسؤولة عن التحكم في السلوك والتفكير العقلاني.
كما تم الإقرار بأن إدمان المواد الإباحية يمكن أن يؤدي إلى تغييرات جسدية وتشريحية دائمة في الدماغ، تظهر على شكل تغيرات تؤثر على عمل المادة البيضاء المسؤولة عن اتخاذ القرارات العقلانية الناضجة.
ماذا عن علاج إدمان مشاهدة المواد الإباحية؟
في هذه الحالة يعتبر العلاج النفسي من أكثر أشكال المساعدة فعالية. ويرتبط العلاج بشكل مباشر بتعرف الشخص المدمن على نفسه بشكل أفضل، واكتشاف التشوهات في البنى الفكرية والاعتقادات والأنماط التفكيرية التي يتبناها.