د. نهى سالم الجعفري*
الغيوم عادةً تملأ السماء والطقس بالعموم مائل للبرودة، وسقوط الأمطار محتمل في أي وقت حتى في أشد الأيام حرارة لدرجة تجعل الكثيرين يعانون من الكآبة لاسيما المهاجرين القادمين من البلدان المتوسطية.
من منكم لم يسمع هذه النصيحة سواء من أطباء أو أصدقاء مقيمين في ألمانيا: (أولاً وثانياً وثالثاً ضرورة فيتامين د في ألمانيا) فمن يعيش في هذا البلد يعرف تمام المعرفة الحاجة الأساسية لهذا الفيتامين مع عدم استقرار الأجواء حتى في الصيف حيث يتغير بسرعة كبيرة بما لا يمكن التنبؤ به.
فصل الصيف لا يتعدى الشهرين، لذلك ينتظر الناس ظهور الشمس هنا بفارغ الصبر كالعملة النادرة، وتتحسن نفسيتهم بشكل واضح وكأنها تؤثر في الأرواح قبل الأجساد. وعادةً ما يهرع الناس هنا للاستفادة من كل لحظة بالجلوس أطول وقت ممكن تحت أشعة الشمس ومحاولة تعويض أجسامهم ما فقدته طوال العام.
والهدف الأول هنا هو الاستفادة من فيتامين دال (Vitamin D) الذي نحصل عليه بصورة رئيسية من أشعة الشمس، وهو يلعب دوراً مهماً في الوقاية من هشاشة العظام بصورة رئيسية والوقاية من أمراض أخرى كأمراض القلب، والسكر، تقوية مناعة الجسم، وله دور مهم في فقدان الوزن، وتقليل الإصابة بالاكتئاب.
وتعد الأوقات الأنسب للاستفادة من أشعة الشمس هي ما بعد الشروق مباشرةً وقبل الغروب، حيث تكون الأشعة فوق البنفسجية طويلة الموجة وهي مفيدة جداً، ومنها نحصل على فيتامين دال وهو مهم جداً للأطفال والسيدات لاسيما مع انتشار هشاشة العظام لدى النساء بشكل خاص، ومن الضروري التعرض لأشعة الشمس يومياً لمدة ربع ساعة على الأقل حتى لو كان هذا التعرض من خلال الشباك أو لجزء بسيط من الجسم. فتعريض الجسم لأشعة الشمس ضمن هذه الفترة يؤدي إلى تحفيز الجسم لتكوين فيتامين دال الذي يساعد في بناء العظام ودعم بنيتها.
إن انخفاض مستوى فيتامين د وهشاشة العظام منتشر عالمياً وبالأخص في الدول الأوروبية، كما أن الإصابة بالهشاشة لم تعد مقتصرة على النساء فقط.
وكما ذكرنا أن النسبة العظمى للفيتامين يمكن الحصول عليها بشكل رئيسي من أشعة الشمس، أما في حالة الإصابة بعوز فيتامين دال (نقص عن المعدل الطبيعي) فيجب في هذه الحال تعويضه عن طريق العلاج الدوائي بشكل أساسي واتباع حمية غذائية بشكل ثانوي للتشديد على ضرورة فيتامين د في ألمانيا.
كما علينا أن نعرض الأطفال للشمس بشكل يومي لتقوية عظامهم وكي لا يتعرضوا لمشاكل في النمو أو تعويضهم بالفيتامين حسب توصيات الطبيب.
وكحالة وقائية علينا الاستفادة من أشعة الشمس في فصلي الربيع والصيف، أما في الشتاء فعلينا التركيز على الأطعمة التي تحتوي هذا الفيتامين ومن أهمها (الأسماك البحرية الدهنية كالسلمون والبرمجة، البيض والحليب، فطر عش الغراب وغيرها)، ولكن كما ذكرنا فإن أفضل الأطعمة التي تتصدر باحتوائها على نسبة عالية من الفيتامين تعتبر غير كافية للوقاية من مرض لين العظام لدى الأطفال وهشاشة العظام لدى البالغين، ففي حال وجود عوز بفيتامين دال يجب التركيز على إعطاء الجرعة الدوائية المناسبة بصورة أساسية كعلاج وليس فقط الاكتفاء بالتغذية .
ورغم ما سبق من فوائد، إلا أنه ينصح أطباء الجلد وأخصائيو الأورام بعدم التعرض لأشعة الشمس بصورة مباشرة ما بين الساعة العاشرة صباحاً والرابعة مساءً خاصة في الأيام الحارة، حيث تكون الشمس عامودية وتكون الأشعة فوق البنفسجية من النوع قصيرة الموجة والتي يجب تجنبها لما تسببه من ضرر للجلد، كالالتهابات والحروق، وجفاف الجلد والبشرة والإصابة بسرطان الجلد في بعض الأحيان.
وعادةً يتم تشخيص حالة التجفاف من خلال الأعراض المرافقة ومن أهمها: الصداع والهبوط العام نتيجة انخفاض مستوى السوائل في الجسم، وخلل الشوارد بسبب التعرق المفرط وهو ما يعرف باسم ضربة الشمس، لذلك ننصح دائماً بتعويض السوائل في هذه الأيام.
د. نهى سالم الجعفري. طبيبة سورية مقيمة في ألمانيا
اقرأ/ي أيضاً
الزوج في غرفة الولادة… مهمة صعبة وضرورة لا بد منها رغم التقاليد
الدعم النفسي.. طوق النجاة لمريضة سرطان الثدي
التأمين الصحي نعمة ام نقمة؟ تجارب لا يمكن تعميمها