اعتاد السوريون على التعامل مع الخدمات البسيطة كالماء والكهرباء والتدفئة والغاز والصرف الصحي كخدمات مقدمة من الدولة لا يترتب على المواطن مقابلها إلا دفع فواتير بسيطة غالبًا.
ومع الانقطاعات المستمرة للماء والكهرباء وأعطال شبكات الصرف والمشاكل الخدمية الأخرى كما في رداءة الطرق والمواصلات العامة وغيرها، فإن تعامل المواطن مع هذه الخدمات كان دومًا مكللاً بالشكوى واتهامات التقصير والفساد.
أما في بلاد اللجوء فقد اختلفت الأمور بشكلٍ جذري حيث، هذه الخدمات مؤمنة على أحسن وجه، ولا توجد انقطاعات للماء والكهرباء على الإطلاق، ويستطيع اللاجئ أن يتعامل مع توافرها كمسلمات، ولكن أحدَا من اللاجئين لم ينتبه إلى المقابل المادي الباهظ لهذه الخدمات، ففواتير الماء والكهرباء والغاز هنا مرتفعة ويجب الانتباه إلى الاستهلاك بشكلٍ كبير.
فعلى سبيل المثال قد يعتقد اللاجئ أن وفرة المياه في ألمانيا التي لا تكاد الأمطار فيها تتوقف عن الهطول مع كثرة البحيرات والأنهار، تعني أن باستطاعة الإنسان أن يصرف المياه كما يشاء، ولكن هذا غير صحيح، فبملاحظة بسيطة لسلوك الألمان في هذا الشأن ننتبه إلى أنهم شديدو الحرص في استخدام الماء بحيث يقومون بالتوفير إلى أقصى حد، عند جلي الصحون مثلًا ولذلك يستخدمون الجلاية الكهربائية، كما أنهم يكتفون بمسح الأرضيات فقط دون القيام بسكب المياه لشطفها كما هي العادة في بلادنا حيث يقوم البعض بهدر المياه الشحيحة أصلاً بطريقة غير مسؤولة على الإطلاق.
كذلك الأمر في مجال استخدام الكهرباء، يهتم الألمان دومًا بشراء الأجهزة التي توفر في الطاقة حتى لو كانت أغلى ثمنًا لكنها على المدى البعيد ستوفر عليهم الكثير وهذا ينطبق على أجهزة المطبخ أو الإنارة وغيرها، ونلاحظ مثلًا أن البيوت شبه مظلمة ليلًا أو يستخدمون الإنارة الخافتة.
وليس السبب في ذلك هو فقط توفير الفواتير الحالية التي يدفعونها، ولكن أيضًا تتعلق بالتكلفة المستقبلية للصيانة والتصليح وتحسين مستوى المعيشة والتي هي مسؤولية الدولة من جهة ولكن على حساب دافعي الضرائب من المواطنين من جهةٍ أخرى. ويضاف إلى ما سبق أيضًا الإحساس العالي بالمسؤولية تجاه البيئة وهدر الطاقة والمياه وغيرها وما يترتب على ذلك من تلوث وتخريب لحياة الأجيال اللاحقة.
كل هذه الأمور لم يتعلمها مواطننا السوري والمواطن في العالم الثالث على العموم، ولكنه الآن في دولة تقدم خدماتها باحترام وبمقابل يستحق أن يتوقف عنده، وأن يدرك الغاية البعيدة منه وهي حماية مستقبل الإنسان وتحمل المسؤولية مع الدولة.
ومن هنا فإن النصيحة الأولية هي الانتباه لاستهلاك المياه والكهرباء والغاز قبل أن تأتي الفاتورة بفائض لا يستطيع اللاجئ دفعه. وهي خطوة أولى ربما تجاه رفع الحس بالمسؤولية والتشارك مع المؤسسات الخدمية للدولة.
اقرأ أيضاً: