تعتبر ألمانيا من أهم مواطن البحث العلمي في العالم، حيث تحوي على أكثر من 300 مركزًا بحثيًا مختلفًا في جميع التخصصات العلمية والأدبية واللاهوتية وكذلك الفنية. إن البحث العلمي في ألمانيا ومن أكثر من عشرين عامًا يقوم بضم أكثر من 3000 عالم أجنبي، من جميع الاختصاصات لمراكز الأبحاث المنتشرة في ألمانيا. ماهي هذه المراكز؟ وماهي طرائق البحث العلمي وكيفية الدخول لهذه المراكز؟
البحث العلمي يتبع العديد من الطرائق المختلفة ومنها الأسلوب العشوائي وهي الأمور البديهية التي يتعلمها الإنسان خلال حياته اليومية. يعتبر الأسلوب العشوائي أو الأسلوب العام من أهم وسائل البحث العلمي الحالية وخصوصا بوجود الكثير من التكنولوجيا المتقدمة والتي تسمح بدراسة الجينوم كاملا للإنسان على سبيل المثال أو دراسة أنواع البكتيريا والجراثيم كاملة من على لحاء بعض الأشجار. هذه الطريقة تفيد لاكتشاف وإحداث اختراقات في العديد من العلوم وخصوصا العلوم الحياتية والطبية.
أما الأسلوب العلمي المبرمج وهو الذي يعتمد على استخدام التفكير بشكل كبير ومركز، بحيث يتناسب مع الحالة أو المشكلة التي تعترض الإنسان. عبر هذه الطريقة يجب على الإنسان نتظيم الخطوات التي سيقوم باتباعها لمجابهة المشكلة التي تعترضه لاقتراح عدد من الحلول المختلفة للوصول إلى المعرفة التامة أو شبه التامة المبنية على الأسس العلمية المدروسة.
إن دخول مراكز البحث العلمي الألماني بمختلف اختصاصتها ليست بالأمر الصعب أو المستحيل. يمكن لطلبة البكالوريوس أو الماجستير التقديم لهذه المراكز للحصول على مكان للتدريب (Praktikum) حسب التخصص الذي يريدون التقديم إليه لفترة بين 2-8 أسابيع عادة ويكون هذا التدريب مجانيا. إضافة إلى ذلك يمكن لهؤلاء الطلبة بل ويجب عليهم التقديم لهذه المراكز وهذه المخابر والتي تتبع للأقسام الجامعية المختلفة للبدء برسالة البكالوريوس أو رسالة الماجستير الخاصة بهم. بعد إنهاء الماجستير تفتح أبواب الأبحاث العلمية لطلبة الدكتوراة، حيث يتم كتابة رسالة الدكتوراة والعمل عليها ضمن المخابر والمراكز الخاصة، إن كانت علومًا حياتية أو علوما أدبية أو اقتصادية أو حتى لاهوتية، ويعتبر البحث العلمي أساس رسائل الدكتوراة في ألمانيا، ويتخللها بعض الدراسات والمواد التي ينبغي على الطالب تقديمها والنجاح بها حسب الجامعة.
بعد إنهاء الدكتوراة أو حتى الماجستير يمكن للطالب أو حامل الدكتوراة التقديم للعمل ضمن مراكز الأبحاث العلمية كباحث مساعد (بعد الماجستير) أو كـ “بوست دوكتور” أي ما بعد الدكتوراة حيث يعمل الباحث في البحث العلمي كباحث مشارك ضمن المشاريع المختلفة التي يعمل عليها مخبر الأبحاث الذي ينتمي إليه.
إن العمل في هذا المجال في ألمانيا يتطلب تقديم جهد يزيد عن 12 ساعة يوميًا من الباحث لأجل بحثه. هذا أمر ينتظره الأساتذة من طلبتهم ومن باحثيهم للبقاء ضمن خريطة البحث العلمي العالمية والتي تتصاعد فيها حدة المنافسة بين الجامعات ومراكز البحث العلمي المختلفة لتصدير وكتابة المقالات العلمية المناسبة.
ومني كباحث في مجال علم المناعة منذ أكثر من عشرة أعوام هنا في ألمانيا، لكم بعض النصائح لمن يرغب بدخول معترك البحث العلمي في ألمانيا او حتى خارجها.
- يجب أن يكون الباحث محبًا للموضوع العلمي الذي يقوم به، فالبحث العلمي شغف وحب.
- إعطاء الوقت الكافي للبحث العلمي. البحث العلمي ليس عملا من الثامنة صباحا حتى الخامسة مساءً بل عمل متواصل وقد يضطر الباحث للبقاء في المختبر حتى العاشرة ليلا أو العمل أيام العطل السنوية أو عطلة نهاية الأسبوع.
- اللغة الألمانية مفتاح دخول الأبحاث العلمية من أوسع أبوابها وكذلك اللغة الإنكليزية الممتازة. على الباحث في ألمانيا أن يتقن اللغتين بشكل متوازٍ وشبه كامل.
- على الباحث أن يعتاد على المشاكل اليومية والفشل في كثير من الأحيان. الدراسة المدرسية والجامعية في بلادنا العربية تعطي الطالب الانطباع أن الحياة مليئة بالنجاحات. البحث العلمي يتطلب الكثير من الصبر والمتابعة والتكرار والتجريب.
- لتسهيل الدخول لمجالات البحث العلمي أنصح الباحثين الشباب بالبحث عن فرص التدريب المختلفة لتعلم وإتقان أكبر قدر ممكن من الطرائق البحثية المختلقة، فكلما زادت تلك الطرائق كلما زادت فرصة الباحث بالدخول الأسهل فالأساتذة والمخابر تبحث عن الأنسب والأسرع دخولا لمجالات البحث العلمي دون الحاجة لتدريبه فترات طويلة من الزمن.