باري محمود. ماجستير في جراحة وزرع الأسنان – برلين
كما تبتهج الأم ببزوغ أول سن لبني عند طفلها بدءاً من الشهر السادس من عمره، فإنها تبدء رحلة من التفكير والقلق عندما يسقط أول سن لبني ويبزغ أول سن دائم ببلوغ الطفل السادسة من عمره. ولكن عندما يأتي الطفل كل عدة أشهر إلى أمه فرحاً أو شاكياً أن سناً لبنياً آخر يبدأ بالحركة، فإنها لاتبالي كثيراً، لأنها تعرف أن مصير كل سن لبني هو السقوط.
ولكن ما يغيب عن البال أن فترة تبديل الأسنان من اللبنية إلى الدائمة تستغرق وقتاً طويلاً من عمر ال ٦ سنوات حتى ال ١٢-١٣سنة، حيث لكل سن لبني توقيت زمني معين يبدأ به بالتحرك ثم السقوط، فإن سقط سن ما في توقيته المحدد فهو المسار الطبيعي لتطور منظومة الفم والمضغ عند الطفل، أما استباق قلع السن اللبني أو تأخيره عن السقوط فله مضاعفات عدة غالباً لا يتم أخذها بعين الاعتبار.
القلع المبكر للأسنان اللبنية:
ليس نادراً أن يطلب الأهل ذلك من طبيب الأسنان عندما يشكو الطفل من ألم ما مصدره أحد الأسنان اللبنية سيما في حالات التسوس السطحية أو العميقة، وعلى مبدأ أن السن اللبني سيخلفه سن دائم فيطلب الأهل قلعه.
طبعاً هنا يجب توضيح أهمية معالجة السن اللبني كما يعالج السن الدائم فهناك حشوات سنية ملائمة للأسنان المؤقتة أو حتى يمكن أن تتم معالجة أعصاب الأسنان اللبنية بل وتتويجها بتيجان خاصة وذلك حفاظاً على بقائها أطول فترة بالفم:
- درءاً للمضاعفات على الأسنان الدائمة التي تبزغ بنفس مكان السن اللبني، والتي قد تحدث نتيجة القلع المبكر للأسنان اللبنية ومنها البزوغ المائل أو البزوغ في المكان الخاطئ.
- تجنباً لحدوث فراغ بالقوس السني مما يؤثر على نطق الطفل وشكله، وربما يتعود اللسان على حركات خاطئة تؤثر على الفك لاحقاً.
- نقص عدد الأسنان اللبنية دون تعويضها قد يؤثر على مضغ الطعام عند الطفل، مما ينعكس على صحته العامة.
من هنا فإن المبدأ هو الحفاظ على السن اللبني قدر المستطاع، ريثما يحين الوقت المناسب لتبديله حسب جدول زمني معين، ولا ينصح بقلعه إلا في حالات خاصة، تجنباً لحدوث مضاعفات على صحة الطفل العامة كالخراجات التي تحدث على الأسنان اللبنية نتيجة عدم معالجة التسوس، فيتم قلعها لوقاية شغاف القلب من الانتقالات الجرثومية،
وإن كان توقيت بزوغ السن الدائم بعيداً، فينصح بتعويض السن اللبني بـ “حافظ مسافة” كي يبزغ الدائم دون مشاكل.
“حافظ المسافة”: هو جهاز صغير من مادة شبيهة بالبلاستيك، أو على شكل أسلاك تثبت على الأسنان المجاورة كي تمنع تحرك الأسنان باتجاه الفراغ المتشكل بسبب قلع السن اللبني.
القلع المتأخر للأسنان اللبنية
إن عملية سقوط السن اللبني تتم بنشاط من السن الدائم، الذي يبزغ بنفس المكان، وهي عملية فيزيولوجية حيث يضغط السن الدائم على اللبني وتقوم الخلايا المسؤولة بامتصاص جذور السن اللبني، بحيث عندما يحين التوقيت المناسب يكون السن اللبني تقريباً بدون جذر، فيسقط بسهولة أو أحياناً يقوم الطفل أو الأم بقلعه باليد.
ولكن في حالات خاصة قد لا يسقط السن اللبني رغم بلوغه التوقيت المناسب، وهنا لابد من استشارة الطبيب الذي يقييم الحالة بأن يقلع السن أو يتركه لأجل آخر مع الأخذ بعين الاعتبار حالة السن الدائم التالي له.
إن بقي السن اللبني فقد يعيق أو يؤخر بزوغ السن الدائم أو تطوره، أو يكون بزوغه شاذاً بحيث يستدعي المعالجة التقويمية لاحقاً.
لذا فإن القاعدة الصحيحة لاتخاذ القرار بالقلع أو عدمه، هي التوقيت والعمر وهذا ما يقرره الطبيب، فإما يترك للسن اللبني أو يقلعه ويعوِّضه بحافظ لمسافته ريثما يبزغ السن الدائم.
الجدير بالإشارة أن شركات التأمين في ألمانيا سواءً الحكومية أو الخاصة، تتكفل بالمصاريف بل وتشجع مبدأ معالجة الأسنان اللبنية.
اقرأ/ي أيضاً:
التأمين الصحي في ألمانيا: ماذا تعرف عن خدمات شركات التأمين وإمكانية مقاضاتها
شكراً من القلب.. رسالة من مريضة بسرطان الثدي