كيف تحتفل ألمانيا بعيد الميلاد، وما هي العادات والتقاليد في موسم الأعياد
على الرغم من أن مولد المسيح حدث منذ حوالي ألفي عام في المشرق، وأن الجميع في شرقنا يحييون ذكرى الميلاد بطقس احتفالي بهيج يترقبه الصغار والكبار، إلا أن القسم الأكبر من تلك الطقوس، أخذناه عن الغرب. وهو بدوره أخذ الكثير عن ألمانيا، موطن غابات التنوب دائم الخضرة وشجرة الميلاد، وسانتا كلاوس وأسواق الميلاد التي تكاد لا تخلو من سحر بهجتها مدينة ألمانية أو قرية. ولربما تكون ألمانيا بأسواقها وتقاليدها، أفضل مكان لتمضية هذا الوقت من العام ولاختبار مباهج عيد الميلاد كما تشاء الأصول والأعراف التي ستحاول السطور القليلة التالية تسليط الضوء عليها.
Weihnachtskalenderتقويم الميلاد
هو عبارة عن تقويم من 24 خانة على شكل أبواب ونوافذ أو أكياس يتم فتح واحدة منها في كل يوم من الأيام التي تسبق عيد الميلاد اعتبارًا من بداية كانون الأول، لتكشف عن مفاجأة كرمز من رموز الميلاد أو حبة شوكولا لذيذة أو حكمة، أصبحت هذه التقاويم تصنع للكبار كهدايا رائجة، وقد تحوي على مستحضرات تجميل أو أغراض مختلفة لتكون مفاجآت يومية حتى حلول ليلة الميلاد.
Adventskranz إكليل المجيء
زمن المجيء في التقويم المسيحي هو الشهر الذي يسبق عيد الميلاد، ويتحضر خلاله المؤمنون روحيًا بالصوم والتأملات، وخاصة في الشرق، حيث يمتنع معظم المسيحيين في بلادنا عن تناول الأطعمة الحيوانية من 25/11 وحتى ليلة الميلاد. أما في ألمانيا فلزمن المجيء طقوس خاصة، حيث تضع العديد من العائلات إكليلاً مضفورًا من أغصان الشيح أو التنوب أو الكرمة وتثبت فوقه أربعة شموع كبيرة، تضاء شمعة كل يوم أحد من الأسابيع الأربعة التي تسبق الميلاد، إلى أن تضيء الشموع الأربعة معًا في الأحد الأخير، وهناك أيضًا عادة ألا يكشف عن زينة الشجرة قبل عشية الميلاد، ولهذا يبقى الإكليل هو الزينة التي تجلب أجواء العيد إلى المنزل طوال شهر ديسمبر.
Sankt Nikolaus Tag عيد القديس نيقولا
ليلة الخامس من ديسمبر هي الليلة التي يحلم بها كل الأطفال في ألمانيا، يلمعّون أحذيتهم الصغيرة ويضعونها أمام أبواب غرفهم قبل النوم، بانتظار أن يمر سان نيكولاوس ومساعده كنيشت روبريشت في الليل ويجلب لهم هدية أو حلوى. أما الأطفال المشاغبون فيكون من نصيبهم الحصول على فحمة في الحذاء من كيس الفحم الذي يحمله كنيشت روبريشت على كتفيه.
وتستند شخصية سان نيكولاس الألمانية إلى شخص حقيقي، كان أسقفاً لمدينة قونية في آسيا الصغرى ومحبوبًا من الناس لاهتمامه بالفقراء من الأطفال. ومع مجيء حركة الإصلاح الديني اللوثرية، تم إلغاء التعبد إلى القديسين، ونسب تقليد العطاء وفتح الهدايا إلى الطفل يسوع Christkind وانتقل إلى ليلة عيد الميلاد. حيث تفتح الهدايا في ليلة 24 ديسمبر، بعد تناول وجبة الأسرة التقليدية وغناء أناشيد عيد الميلاد.
Weihnachtsmarktأسواق عيد الميلاد
لا تخلو مدينة كبيرة أو صغيرة في ألمانيا من سوق لعيد الميلاد، تتوهج الأنوار في تلك الأسواق في منتصف شهر تشرين الثاني، وهي ملتقى للصغار والكبار، يبيع فيها الحرفيون تحفًا حقيقية صغيرة مصنوعة يدويًا لزينة الميلاد، علاوة على تشكيلة واسعة من المآكل والمشروبات الشتوية الشهية، كاللوز المكرمل والكستناء المشوية، والجبن السويسري المذاب، وعجة البطاطا، والنقانق، والفطائر الألزاسية المالحة والأسماك المقلية والمشروبات الساخنة. ويعود تقليد سوق عيد الميلاد إلى القرن 15. واليوم هناك أكثر من 2500 سوقًا في ألمانيا، فضلاً عن أن هذا التقليد قد غزا العديد من البلدان الأوروبية وأمريكا. أسواق عيد الميلاد هي متعة حقيقية لجميع الحواس.
Glühwein النبيذ الساخن
عند التنزه في سوق الميلاد، يتنشق المرء روائح شهية، عطرية ومختلفة كرائحة السكر المكرمل والفطائر والتوابل كالقرفة والزنجبيل التي تفوح من كعك الميلاد Lebkuchen، إلا أن الرائحة المهيمنة هي رائحة حلوة لاذعة ناتجة عن تطاير كحول النبيذ ممزوجًا بعطر التوابل والبرتقال. النبيذ الساخن مشروب يشرب الوجنات بحمرة الدفء والبهجة، ويمكن للجميع الاستمتاع به، فهناك Kinderpunch ذو الطعم المماثل والخالي تمامًا من الكحول لكي يستمتع به الأطفال.
“Oh Tannenbaum” شجرة عيد الميلاد
عادة تزيين شجرة عيد الميلاد هي عادة سابقة للمسيحية، ومرتبطة بالعبادات الوثنية الجرمانية في إكرام وعبادة الشجرة، لذا لم تحبذ الكنيسة في القرون الوسطى الباكرة عادة تزيين الشجرة، وأول ذكر لها في المسيحية يعود لعهد البابا القديس بونيفاس (634 – 709) الذي أرسل بعثة تبشيرية لألمانيا، ومع اعتناق سكان المنطقة للمسيحية، لم تلغ عادة وضع الشجرة في عيد الميلاد، بل حولت رموزها إلى رموز مسيحية، غير أن انتشارها اقتصر على ألمانيا ولم يصبح عادة اجتماعية مسيحية ومعتمدة في الكنيسة، إلا مع القرن الخامس عشر، حيث انتقلت إلى فرنسا وفيها تم إدخال الزينة إليها بشرائط حمراء وتفاح أحمر وشموع، واعتبرت الشجرة رمزًا لشجرة الحياة المذكورة في سفر التكوين من ناحية ورمزًا للنور، وللإيمان الذي لا يذبل.
أكلات عيد الميلاد
يعتبر الـ Stollen واحدًا من أفضل حلويات عيد الميلاد في العالم، ونجده على رفوف المتاجر والمخابز والسوبرماركت ابتداءً من منتصف شهر تشرين الأول، أشهر أنواعه هو الشتولن من دريسدن المفعم بالمكسرات والفواكه المجففة، شكل قالب الشتولن دائما مستطيل مع تلة صغيرة في المنتصف كناية عن الطفل يسوع في مهده وقد يحتوي على حشوة من المارزيبان “عجينة اللوز والسكر”
هناك أيضًا كعك الزنجبيل الشهير، وهو من أقدم أنواع الكعك المحلى، يحتوي على العسل والعديد من التوابل كاليانسون والكزبرة والقرنفل والزنجبيل والهيل والبهارات ومكسرات كاللوز، البندق، والجوز، والفواكه المجففة. وسنستفيض في العدد القادم بالحديث عن أطعمة عيد الميلاد في ألمانيا.