حنان جاد. كاتبة مصرية مقيمة في أمريكا
(اكتمل العدد، آسفين، عودوا من حيث أتيتم) يقول ترامب في واحدةٍ من خطبه الأخيرة موجهاً حديثاً افتراضياً إلى اللاجئين العالقين على الحدود مع المكسيك.
يلتفت ترامب إلى جمهوره قائلاً: “إنهم محتالون”، ثم يتمادى في تسليتهم بعرض يسخر فيه من طالبي اللجوء الذين يتظاهرون بالخوف على حياتهم ليتمكنوا من الاحتيال على أمريكا. المفارقة أن الجمهور هو منظمة أيباك وأن ترامب سيعلن في هذا اللقاء اعترافه بسيادة إسرائيل على الجولان حماية لأمنها!
في سابقة هي الأولى من نوعها لرئيس أمريكي، وصف ترامب اللاجئين بأنهم حيوانات ومحتالون، ومغتصبون، وتجار مخدرات ودعارة، وغزاة، وإرهابيون. أما اللاجئون السوريون فاعتبرهم منذ أن كان مرشحاً رئاسياً جزءاً من هجرة جماعية منظمة، ووصفهم بأنهم جنود لتنظيم الدولة الإسلامية ووعد بإعادتهم إلى سوريا حال انتخابه.
ترامب الإبن وصف اللاجئين السوريين بصحن حلوى سكيتلرز فيه ثلاث حبات مسممة.
لمزيدٍ من التأثير وضع صورة لصحن مملوء بالحلوى على حسابه في تويتر وطرح سؤاله المصيري على الشعب الأمريكي: “لو قيل لك أن ثلاث حبات فقط في هذا الصحن مسممة هل ستأكل منه؟” قسم العلاقات في شركة سكتيلرز اضطر إلى التعليق لتنظيف سمعة الحلوى من تلك الوحشية مؤكداً أن اللاجئين بشر وأن الشركة لا تعتقد أن التشبيه مناسب. آخر الدراسات والإحصاءات مع ذلك برأت اللاجئين والمهاجرين غير الشرعيين من أي علاقة مع ارتفاع معدلات الجريمة.
مشكلة اللاجئين في أمريكا اليوم أكبر من المغالطات والتنمر اللفظي الذي يقوده الرئيس، لقد دخلت عملية اللجوء في أمريكا في حالة من البطء القاتل بسبب الأمر التنفيذي بإجراء تحريات أمنية موسعة على كل لاجئ تجنباً لإيواء إرهابيين.
عدد اللاجئين الذين قبلوا عام 2018 نصف عدد الذين قبلوا في العام 2017 بسبب هذا البطء، وثمة وعد من ترامب بأن هذا النصف سينخفض مرة ثانية في العام المقبل بنسبة 33% ما يوحي بأن البطء هدف وليس مجرد نتيجة. الدول الست التي أعلن ترامب حرمان مواطنيها من دخول أمريكا قبل منها مجتمعة أقل من 500 لاجئ في العام الماضي، رحلات موظفي الأمن إلى الخارج لعمل لقاءات مع اللاجئين تمهيدا لجلبهم إلى أمريكا أوقفت. 1500 لاجئ سوري فقط تم توطينهم في أمريكا منذ سبع سنوات والبقية في الانتظار، المنتظرون لا يستطيعون السفر خارج أمريكا ولا يستطيع أقاربهم زيارتهم بسبب الحرمان.
لكن حالهم يظل أفضل من حال اللاجئين الذين يتدفقون على الحدود الأمريكية مع المكسيك قادمين من وسط أمريكا، فقد قامت إدارة ترامب بفصل الأطفال عن أهاليهم المنتظرين دورهم في تقديم طلبات اللجوء بدعوى توفير ظروف معيشية ملائمة لهؤلاء الأطفال، تم احتجاز الأطفال وبعضهم رضّع من دون توثيق كاف مما جعل إعادة بعضهم إلى أهاليهم شبه مستحيلة.
كل هذا لردعهم عن “الاحتيال على أمريكا”!؟
توفي ستة أطفال خلال الستة أشهر الأخيرة بعيداً عن أهاليهم في مراكز الاحتجاز. كل هذا لم يمنع اللاجئين من القدوم مع أطفالهم محاولين عبور حدود في غاية الخطورة هرباً من ظروف معيشية لا يبدو أنها أقل خطورة. وترامب من جهته لايزال يبحث عن خطط أخرى لإيقافهم، منذ أيام قليلة أصدر مرسوماً يقضي بالرفض التلقائي لطلبات اللجوء التي يقدمها من عبروا الحدود المكسيكية إلى أمريكا بشكل غير شرعي.
كما لا يزال يقترح فرض رسوم على تقديم طلبات اللجوء وهو أمر تعارضه الأمم المتحدة والمنظمات المعنية بالحريات المدنية في أمريكا، يقترح ترامب أيضاً منع اللاجئين من العمل حتى يبت في طلباتهم، وبالنظر للفترة الطويلة التي يستغرقها هذا البت (700 ألف حالة أمام المحاكم حاليا) يصبح المنع من العمل عملياً حكماً بالإعدام.
25.4 مليون لاجئ حول العالم، أكبر عدد من المشردين منذ الحرب العالمية، أكبر صحن حلوى سكيتلرز بشرية على مائدة الغيلان.
إقرأ/ي أيضاً:
ترامب يوهب الجولان لإسرائيل… والاتحاد الأوروبي يعترض
في سابقة تاريخية.. الكونغرس بمجلسيه يسحب الدعم عن ترامب بمايخص حرب اليمن
جرأة ترامب اللامحدودة هل تتحول إلى هجوم على حكم القانون في الولايات المتحدة