إعداد ميساء سلامة فولف
في هذه الزاوية نعرّفُ القراء بشخصيات من المهاجرين الذين وصلوا إلى ألمانيا منذ سنواتٍ طويلة، وتمكنوا من إعادة بناء حياتهم ومستقبلهم بعيداً عن أشكال وحدود الانتماء التقليدي، وحققوا نجاحات في مجالاتٍ عديدة، فاحتضنتهم هذه البلاد وصارت لهم وطناً.
سليم نجاري. الحياة ليست عادلة ولكن هناك دوماً فرصٌ جديدة
أمضى الشطر الأول من حياته في محافظة اللاذقية في كنف والدين يمتهنان الطب، فالوالد كان طبيب أطفال ووالدته طبيبة جلدية.
بعد إنهائه الشهادة الثانوية ولأنه لم يكن قريباً من مهنة والديه الطبيبين توجه نحو الاقتصاد، حيث استحوذ على تفكيره التجارة والتسويق الإلكتروني. أسس منصة تسويق إلكتروني لأصحاب الأعمال الصغيرة في اللاذقية، كما حاول تأسيس فرع سوري للمنظمة العالمية لحماية البيئة غرين بيس Greenpeace أو السلام الأخضر. ولكن طموحه اصطدم للأسف بارتياب الأجهزة الأمنية في سوريا، فالإنترنت كانت حديثة العهد في مطلع الألفية.
شجعته هذه العوائق على اتخاذ القرار للدراسة خارج سوريا، بتصميمه ومساعدة أهله في البدء، تمكن من السفر إلى ألمانيا وهو في التاسعة عشرة، وجهته الأولى كانت مدينة دريسدن لدراسة اللغة، ثم فرانكفورت وجامعتها العريقة، جامعة غوته، وتخرج منها حاصلاً على شهادة الاقتصاد والتسويق الاستراتيجي. وكانت رسالة تخرجه حول التسويق في وسائط التواصل الاجتماعي للمؤسسات غير الربحية.
لم تكن أيام الدراسة سهلة بالنسبة للطلاب الأجانب، كان تصريح الإقامة مقترناً بوجود مبلغ معين في حساب الطالب، ورغم قيام أهله بدعمه مادياً إلا أنه كان حريصاً على أخذ أقل ما يمكن منهم والاعتماد على نفسه، ولذلك بدأ يعمل في أوقات الفراغ والعطل لتمويل دراسته وتمديد الإقامة، وحينها لم يكن يُسمحُ للطلاب الأجانب بالعمل أكثر من ٩٠ يوماً في السنة. فعمل في المقاهي وفي ورشات البناء، وإحدى تلك الورشات كانت ورشة بناء الكلية التي درس فيها.
مرحلة ما بعد التخرج
بعد التخرج انتقل إلى برلين المدينة الجذابة لمن يريد العمل في مجال الشركات الناشئة، وتنقل بين عدة شركات، إحداها شركة أمريكية اسمها IQPC، كان مسؤولاً عن تنظيم لقاءاتها ومؤتمراتها مع شركات صناعة السيارات الألمانية والعالمية، لتطوير تقنيات جديدة كتطوير المحركات الهجينة لتبادل الخبرة وعقد شراكات بين الشركات.
كما عمل لدى شركة فلندية اسمها Management Event، قبل أن يستقر في الشركة الأمريكية زاجينو وهي منصة تسويق إلكتروني للعلوم الحيوية، مقرها الأساسي بوسطن ومقرها الأوروبي برلين، ويشغل فيها منصب مدير الشراكة التسويقية مع شركات عالمية مختصة بتصنيع مستلزمات البحث الطبي وصناعة العقاقير.
وأخيراً يقول سليم نجاري “لا لليأس. يجب على الإنسان أن يسعى دائماً لتغيير ما يمكنه تغييره عند تعرضه لمشكلة معينة أو خيبة ما، وما يعجز الإنسان عن تغييره، عليه تقبله والتعايش معه لأن التفكير فيه لا يؤدي إلا إلى تشتيت التركيز والابتعاد عن الهدف الأصلي. الحياة ليست عادلة ولكن هناك دوماً فرصٌ جديدة.”
تعرفوا على مهاجرين آخرين حققوا نجاحات في ألمانيا:
بورتريه: مهاجرون في ألمانيا – الدكتورة سلام سعيد
بورتريه: مهاجرون في ألمانيا – الكاتب والصحفي حكم عبد الهادي
بورتريه: مهاجرون في ألمانيا – الصحافية رشا حلوة