محمد حورية*
تركت الحرب السورية آثاراها على مختلف نواحي حياة الشعب السوري، سواء من هم في الداخل أو في الخارج، ويعتبر اختلال التوازن الديموغرافي إحدى الآثار السلبية الكثيرة لهذه الحرب، ونتناولها هنا من حيث اختلال نسب الذكور إلى الإناث.
حيث ذكرت عدة تقارير صادرة عن منظمات اجتماعية وسكانية، أن نسبة الإناث في سوريا عام 2010 كانت 49.8 % مقابل 50.2 % من الذكور، فيما ارتفعت هذه النسبة في عام 2016 إلى 60 % من الإناث مقابل 40% من الذكور، ويرجع هذا الانخفاض الكبير إلى الحرب التي حصدت أرواح الكثير من الشباب من مختلف أطراف النزاع في سوريا، إضافةً إلى هجرة الكثير من الشباب، مما أدى إلى انخفاض معدلات الزواج في الداخل السوري.
ومع استقرار الكثير من الشباب في البلدان التي هاجروا إليها، فقد أصبح زواج السوري في الخارج من الأمور الضرورية بحكم أن معظمهم ضمن الفئة العمرية المناسبة للزواج.
صعوبات زواج الشباب السوري في ألمانيا
حصلت ألمانيا على أكبر حصة من تعداد اللاجئين الذين وصلوا إلى أوروبا، ومعظهم من الذكور، وذكرت دراسة حديثة أعدها المكتب الاتحادي الألماني للاجئين والهجرة أن نسبة الذكور من اللاجئين الذين وصلوا إلى ألمانيا بلغ 71% مقابل 29% من الإناث.
وأدى هذا الارتفاع في عدد الذكور مقابل عدد الإناث إلى انخفاض معدلات الزواج بين اللاجئين، ولكن يرى الكثير من اللاجئين أن هناك عقبات أخرى تقف في وجه الشاب السوري الذي يرغب بالزواج، ليس آخرها الطلبات التعجيزية من بعض الأسر، فيما ذكر البعض الآخر أن من أهم المعوقات التي تقف أمام الشاب السوري، هي حالة عدم الاستقرار التي تواجه الشباب في ألمانيا من عمل ومسكن ولغة … الخ
ومن الصعوبات التي تواجه الشباب في ألمانيا أيضاً مسألة التواصل مع العرب الموجودين في كل منطقة، حيث نجد أن حالات الزواج ترتفع في أماكن تجمع العرب عموماً والسوريين خصوصاً فيما تنخفض في القرى والأرياف حيث يصعب بشدة إيجاد رفيق أو شريك.
دور وسائل التواصل الاجتماعي في حل أزمات التعارف بهدف الزواج
انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي خلال الفترة الماضية صفحات ومجموعات تهتم بتسهيل عملية التواصل والتعارف بين مختلف العائلات، أو بين العائلات والشاب الذي يرغب بالزواج، فما عليك إلا أن تنضم إلى إحدى هذه المجموعات أو الصفحات وتكتب مواصفاتك وإمكانياتك، وتنتظر الردود من خلال التعليقات، وتشمل هذه الحالة كلا الجنسين (الذكور والإناث).
مجلة أبواب تواصلت مع آدمن إحدى المجموعات المتخصصة بموضوع الخطبة والزواج وحدثنا عن آلية عمل المجموعة والفائدة من إنشائها:
السيد “وسيم نجار” المسؤول عن هذه المجموعة قال: “إن المؤسس لهذه المجموعة هي السيدة “هدى”، والهدف الأساسي من إنشائها هو تسهيل التعارف بين الشاب والفتاة. وبما أن معظم الشباب الذين وصلوا إلى ألمانيا، كانوا قد تركوا عائلاتهم في سوريا أو تركيا أو لبنان، ووفق العادات السورية، فإنه من المهم تواجد عائلة الشاب الراغب بالزواج أو على الأقل وجود أحد أفراد أسرته. وهنا تكمن الصعوبة في أن يجد الشاب الفتاة التي تناسبه، حيث لا زالت العادات هي التي تحكم آلية الزواج والخطبة، ولكننا ومن خلال هذه المجموعة استطعنا تجاوز هذه الخطوة في كثير من الحالات”.
وعن نسبة الذكور في المجموعة قال وسيم: “عندما أنشئت المجموعة كانت نسائية فقط، ولكن بعد فترة تم الاتفاق على توسيعها لتشمل الشباب أيضاً، وذلك لتسهيل عملية التواصل بين الأعضاء”.
أما عن المشكلات التي تواجه إتمام عملية الزواج فقال وسيم: “تتعلق المشاكل بالشاب أو بالفتاة، فمثلاً الكثير من العائلات ترفض بشكل قاطع زواج ابنتهم من شاب لا يزال يأخذ المعونة الاجتماعية من الجوب سنتر، إلا في حال كان الشاب يحمل شهادة طبيب أو مهندس، أو شهادة علمية عليا، وهناك أيضاً مشكلة تتعلق بمكان السكن، أي وجود الشاب في مدينة والفتاة في مدينة أخرى، بالإضافة إلى ارتفاع المهور التي يطلبها أهل الفتاة، ويبرر الأهل ذلك بعدم معرفتهم بالشاب وأن المهر المرتفع هو ضمان لحق ابنتهم!
أما بخصوص نجاح المجموعة في تحقيق هدفها الذي أنشئت لأجله فيقول: “هناك عدة حالات زواج تمت من خلال هذه المجموعة، كما تمكنت المجموعة من تسهيل عملية التعارف بين العائلات، ونشوء علاقات اجتماعية حتى وإن كانت خارج نطاق الخطبة والزواج”.
وفي هذا تأكيد على الدور البارز الذي تلعبه وسائل التواصل الاجتماعي مرة أخرى في حياتنا، إذ تقوم بدعم تأسيس العلاقات الاجتماعية والأسرية. ورغم وجود من هو مؤيد لهذه الفكرة ومعارض لها، فإنها بلاشك موجودة وفاعلة على المستوى العام والخاص، حتى أنها دخلت في أدق تفاصيل حياتنا اليومية والاجتماعية.
*محمد حورية. كاتب سوري
اقرأ أيضاً:
الأتراك بين الاندماج و الهوية التركية
اليونيسف: 12 مليون فتاة سنوياً ضحية ظاهرة الزواج المبكر
لاجئات سوريات بعرض البيع تحت مسمى الزواج
المرأة اللاجئة بين الزواج الديني والزواج المدني