الحب غير المتبادل تجربة حقيقية مُسجلة، وكُتب عنها القصائد منذ قرون، إضافةً إلى كونها ظاهرة وضع علماء الاجتماع بحوثًا حولها. يتعرض 98% من البشر في حياتهم إلى أن يكونوا أحد طرفي حالة حب غير متبادل.
الحب من طرف واحد ببساطة هو أي نوع من الحب لا يُرَد بنفس الدرجة التي يُعطى بها، من غير المفاجئ أن هذا الأمر منتشر خاصةً بين اليافعين. ينتشر الحب غير المتبادل بمعدل 4 أضعاف الحب المتبادل بين طلاب الجامعات والمرحلة الثانوية.
للمساعدة على فهم كيفية تطور هذا النوع من العلاقات، حدد الباحثون خمسة أشكال أساسية من الحب غير المتبادل:
1) الإعجاب بشخص غير مُتاح:
مثل الإعجاب بشخصية شهيرة، كنجم سينمائي أو بطل رياضي، لكنه لا يعرف الشخص المعجب به شخصيًا.
2) الإعجاب بشخص مُتاح لكن دون محاولة بدء علاقة عاطفية:
ربما لا يستطيع الشخص التعبير عن مشاعره أو محاولة بدء علاقة عاطفية لأسباب مختلفة، وسواءً كانت هذه الأسباب مبررة أم لا، يورث الحب غير المتبادل الشعور بالإحباط. مثال ذلك ما حدث في مسلسل نتفلكس الجديد Sex Education، إذ يقع شاب بعمر 16 عامًا في حب زميلته في المدرسة الثانوية، لكنه لا يعترف لها بمشاعره.
3) التعلق بشخص أحببته رغم أنه رفض مشاعرك:
مثل الرواية الكلاسيكية Little Women، وفيها تقدم فتاة النصائح لصديق العائلة حول حبه غير المتبادل تجاه أختها، التي عرض عليها الزواج سابقًا لكنها رفضته.
4) الاشتياق لحبيب سابق:
يحدث هذا النوع من الحب المحبط بعد الانفصال، وإن علم الشخص أن الطرف الآخر ليس شريكًا مناسبًا له. تشير عالمة الأنثروبولوجي هيلين فيشر إلى أن الشخص قد يميل أكثر إلى التعلق بشخص قد انفصل عنه، وهو ما يُسمى انجذاب الإحباط، ويرتبط بالتعلق بعلاقة انتهت بالفعل. توضح فيشر أن الأمر مرتبط بتحفيز إفراز النواقل العصبية المرتبطة بالشعور بالسعادة والوقوع في حب، وهي الدوبامين والنورإبينفرين.
5) حب متبادل لكنه غير متكافئ:
قد يلتزم الطرفان بالعلاقة مع اختلاف درجة الحب أو اختلاف الهدف من العلاقة، مثل التزام زوجين أحدهما تجاه الآخر اعتمادًا على شعور أحدهما بالحب مقابل إشباع احتياج الآخر إلى الشعور بالأمان والاستقرار. ربما ترغب المرأة في مجرد أن تكون في علاقة، في حين لا يستطيع الرجل الحياة دونها. أو ربما هو فقط يريد أمًا جيدة لأولاده، في حين تراه هي شخصًا كاملًا أو توأم روحها المثالي.
كيفية التعافي من حب غير متبادل:
تتضمن الخطوة الأولى للتعامل مع الإحباط الناجم عن الحب غير المتبادل أن يسأل الشخص نفسه عدة أسئلة لاكتساب الوعي الذاتي وزيادته، وهذه الأسئلة هي:
1- هل أتبع نمطًا ما؟ هل تكرر الأمر خلال السنوات السابقة؟ هل جميع العلاقات العاطفية التي مررت بها في سنوات رشدي كانت من هذا النوع؟
إذا أجبت بنعم عن واحد أو أكثر من الأسئلة السابقة، فيجب أن تحاول فهم سبب تكرر الأمر. يقل الحب غير المتبادل عاطفيًا مقارنةً بالحب المتبادل في النواحي الإيجابية، لكنه يتضمن نفس الاضطراب العاطفي بل ربما يفوقه. أي أن الحب غير المتبادل يتصف بالكثير من الصفات السلبية والقليل من الصفات الإيجابية مقارنةً بالحب المتبادل.
2- كيف يفيدني هذا الحب؟ هل أتجنب خطر الرفض المرتبط بالبحث عن حب متبادل؟
يعاني بعض من اختبروا الحب من طرف واحد عدة مرات من فقدان احترام الذات، ما قد يؤدي إلى الاعتقاد بأنه غير جدير بالحب، إذ يؤكد البقاء في علاقة حب غير متبادل الاعتقاد الخاطئ بأن الشخص لا يستطيع أن يكون محبوبًا.
اتبع الخطوات التالية للتعرف على شعورك الذاتي، وكونك ترى نمطًا متكررًا أم لا، إذ إنك غالبًا تقضي أوقاتًا عصيبة وتضع الكثير من طاقتك في التفكير بشخص آخر بدلًا من الاهتمام بنفسك:
1- حول أفكارك وسلوكك بعيدًا عن مطاردة الشخص بعيد المنال:
يعاني الشخص الذي يشعر بحب غير متبادل الشوق والصبر والانسحاب والانتكاس، أي أعراضًا تشبه أعراض الإدمان! تخلص من إدمانك هذه المطاردة وتحرر من هذا السلوك. توقف عن متابعتهم على وسائل التواصل الاجتماعي والتفاعل مع منشوراتهم.
2- لا تبدأ علاقة عاطفية جديدة حتى تُشفى من علاقة الحب غير المتبادل:
مثل أي تعديل حياتي، قد تستغرق عملية التعافي مدةً قد تزيد على ستة أشهر. في تلك الأثناء طوّر علاقاتك مع أصدقائك الحاليين أو عائلتك، أو أي أشخاص أخرين ضمن مجتمعك. يُعَد الانخراط في أنشطة اجتماعية خطوةً فعالة للتقليل من تركيزك على نفسك، ولتلبية احتياجك العاطفي إلى الانتماء.
وأخيرًا، اتبع الأساليب التالية لحماية نفسك من تكرار هذه التجربة الحزينة والمحبطة:
1- إذا كنت غير قادر على التعافي بنفسك، استشر الطبيب الذي قد يستطيع مساعدتك على تخطي هذه التجربة ويحول دون تكرارها. إن كنت تعاني تاريخًا من الإهمال أو التعنيف في طفولتك، فستحتاج إلى مساعدة اختصاصي لتخطي تجاربك المؤلمة.
2- حاول تقبل الشخص الآخر كما هو إن كان غير قادر على مبادلتك نفس الشعور. يشعر الشخص رافض العلاقة عادةً بنفس السوء الذي يشعر به الشخص الذي رُفض، وكثيرًا ما يعاني الإحباط والشعور بالذنب والقلق كونه لا حيلة له في الأمر.
خاتمة
بوسع من يعانون إحباط الحب غير المتبادل التعافي، عبر اكتسابهم الوعي الذاتي وزيادة الإحساس بالذات، إضافةً إلى ضبط النفس وطلب مساعدة المختصين عند الحاجة. قد يكون النمط متكررًا ومسببًا للإدمان، ما يتطلب جهدًا أكبر للتغلب عليه، لكن النتيجة النهائية لهذا الجهد هي إيجاد فرصة لتحقيق قبول أفضل للذات، إضافةً إلى العثور على الحب المتبادل.
المصدر. أنا أصدق العلم للاطلاع على المقال الأصلي اضغط هنا
اقرأ/ي أيضاً:
الحب دون التزام.. هل أصبحت كلمة «أحبك» تعني «أريد أن أكون معك اليوم»؟
زاوية يوميات مهاجرة 17: في باريس التي لم تعد باريس.. هكذا تسلل الحب
هل نقدر على تفسير الحب … وهل بالفعل له 7 أنواع؟