عماد شريتح. محرر صحفي سوري مقيم في ألمانيا
إلى كل الأصدقاء والأقرباء والأحباب والأهل والمعارف الأحياء منهم والأموات، وإلى كل من يستطيع القراء أطلب منكم قراءة السطور التالية، والتفكير ملياً قبل أن تحسدني وتذكرني بأنني في ألمانيا بلد الماكينات، وكرة القدم، بلد الشقروات، بلد الأمن والرفاهية والعدالة الاجتماعية.
عزيزي الحاسد اللطيف الخفيف الظل قبل عشرة أيام أهداني صاحب الشركة التي أعمل لديها بطاقتين من الدرجة الممتازة تستطيع من خلالها التلذذ بما وجد من طعام وشراب ولحضور فريق دورتموند في ملعبه، فقلت لنفسي هذه فرصة لإثبات الاندماج الحقيقي باصطحاب زوجتي المحجبة لمثل هذا الحدث الاجتماعي بالرغم من أن الكثيرين لم يوافقوني على الفكرة، إلا أنني أصريت على اصطحابها لأؤكد أننا لسنا مختلفين ونعيش حياةً طبيعية في بلد طبيعي، لكن نظرات الآخرين لنا تركت في نفسي ألماً ضاهى آلام سجن اللاذقية المركزي وعذاب المسير أثناء اللجوء إلى ألمانيا.
لم أدع زوجتي تشعر بالحزن العميق عندما طلب موظف الاستقبال في قسم “VIP” التحقق من صحة البطاقات، وتابعنا مشاهدة المباراة بدون تركيز؛ بسبب الضغط النفسي الرهيب.
هل مازالت تحسدني؟ هل تستطيع عزيزي أن تتحمل أن يسأل أحدٌ زوجتك المحجبة إن كانت تملك أذاناً لتسمع بها؟ كما فعلت جارتنا Anna عندما سألت زوجتي بطريقة العالم آينشتاين ولتبدو كأنها اكتشفت الجاذبية مرة أخرى. أو حتى عندما يتغير في بعض الأحيان وجه موظف الصندوق “الكاشيير” في السوبر الماركت الوحيد قي قريتك في كل مرة يراك بها.
“قسماً.. لدينا ثلج وكمبيوتر”
صديقي دعني أخبرك.. في كل مرة أتعرف على ألماني يسألني ماذا عملت في سوريا؛ فأقسم له بالله عشرين مرة أنني درست في الجامعة وأعرف الإنكليزية وأستطيع استعمال الحاسوب.. ولا يصدق، وفي كل قسم أقسم يردد “achso”، ويتابع التعرف علي بالسؤال التالي: هل لديكم ثلج، جبال، أنهار، أم فقط صحراء؟، طبعاً لا يا عزيزي لا نعرف الثلج إلا في البرادات. ورغم ذلك سوف يتم اتهامي بالجنون ولذلك قررت أن أرفع لافتة مكتوب عليها “قسماً.. لدينا ثلج وكمبيوتر”، حتى أسهل المهمة على الأذكياء الآخرين الذين يودون التعرف علي مستقبلاً.
الأسبوع الماضي تواجدت الشرطة مصادفةً في الشارع الذي أقطن فيه بهدف التحقيق في قضية سرقة متجر من قبل عجوز مداوم على السرقة، وجاءت مصادفةً سيارة الإسعاف لإنقاذ عجوزٍ آخر يعاني صعوبةً في التنفس، لتتواتر الأخبار بعد ذلك بأن اللاجئ السوري “أنا” تشاجر مع زوجته وطعنها بالسكين، بالله عليك هل أعيش في الجنة كما يقال؟.
نحن مجرد كرة تلعب بنا الأحزاب السياسية، بهدف تحقيق مكاسبها دون أن تسألنا ماذا يعني الاندماج الحقيقي بالنسبة لنا، يصدرون القوانين والتشريعات لنكون بالنسبة لتلك القرارات مجرد سطر اتفاق أو تعارض في مناقشات “البوندستاغ“.
اقرأ/ي أيضاً:
زاوية حديث سوري: ما يريده الألمان “What German want”
زاوية حديث سوري: هل تجوز التهنئة ؟