فادي جومر
بكامل طفولتي:
جهّزت شطائري، أقلامي، كتابي، ودفتري، ونمت باكرًا، باكرًا جدًا، فغدًا هو اليوم الأول في المدرسة.
لم يغبْ عنّي وأنا ألعب دور الطفل أنني على أبواب الكهولة، ولم تزدني هذه الحقيقة إلا إصرارًا على التماهي مع الدور للآخر، ربما ستكون فرصتي الأخيرة في الحياة لأضحك من القلب، لأشاغب ببراءة، أو أكذب دون خبث.
في الطريق إلى المدرسة تدافعت ذكريات الطرق التي عبرتها عبر سنوات دراستي، الازدحام والهواء الملوث والضجيج، الرعب الهائم في الخيال من عبسات “مدرب الفتوة”، ووجه المدير الذي يقطر سمًّا، الخوف الكامن في العمق من احتمال أن ألتفت إلى صديق أثناء ترديد الشعار المقدس، فخطيئة كهذه قد تكون عقوبتها بضع لسعات من العصا في البرد القارس.
تراكمت جدران المدرسة الرمادية التي تشبه حدّ التطابق جدارن السجن بارتفاعها الشاهق، وحوافها المزينة بالزجاج المكسّر منعًا لهرب الطلاب السجناء، وانفتح في القلب ذلك الباب الأسود الكبير.
حقًا.. ما الذي فعلناه لنستحق طفولة كهذه؟
أنفض رأسي وأعود إلى الطريق الجميل، اللون الأخضر الممتد بلا نهاية على الجانبين، والحياة التي تتسرب رويدًا رويدًا من الأبواب والنوافذ، الهواء البارد النقي يحرّض دورتي الدموية، فتشتغل بأقصى طاقة. أجل أنا مستعد للبدء.