جبار عبد الله – كولونيا
هكذا يطلق عليهم من شاهدهم وسمع عنهم أو تلقى مساعدة منهم. هم مجموعةٌ من الشباب والشابات من جنسيات متعددة جمعتهم إنسانيتهم في صف واحد.
بعضهم جديدٌ في مدينة كولن وبعضهم مقيمٌ فيها منذ سنوات، يقضون ساعات طويلةٍ من وقتهم في محطة القطارات الرئيسية في مدينة كولن، ويتناوبون في مجموعاتٍ صغيرة تصل الليل بالنهار كلٌّ حسب وقته.
يجوبون المحطة ذهابًا وإيابًا ليقدموا كل ما يستطيعون من مساعدةٍ لللاجئين الجدد الواصلين توًا إلى المحطة، بعد رحلة هروبٍ شاقة وطويلة. تراهم يجرون خلفهم عربةً صغيرةً محملةً بكل ما تيسر لهم من فواكه وخضروات وحلويات ومأكولات وبعض الألعاب، يقدمونها بمحبةٍ لكل واصل جديد إلى المدينة.
إضافةً إلى إعطاءِ المعلومات الأولية عن وضع اللجوء، ويرشدون التائهين منهم إلى مقصدهم المطلوب.
إنسانيتهم لاتعرف الحدود ولا الجنسيات، وهدفهم زرعُ الابتسامة على وجه اللاجئين الجدد وتخفيف الضغوطات المبدئية عنهم.
يقول فهد ملايل 34 عامًا (مهاجر تونسي)، وهو أحد المنسقين الأوائل لهذه الفكرة :في البداية كنت مع مجموعةٍ من المتطوعين نساعد اللاجئين في مطار كولن، الذي أصبح مركزًا مبدئيًا لاستقبال اللاجئين القادمين إلى كولن من عدة مناطق، بعد ذلك أدركنا ضرورة إنشاء مجموعةٍ جديدة، مهمتها مساعدة اللاجئين الوافدين إلى محطة القطارات الرئيسية، نظراً لوصول أعدادٍ كبيرة منهم بحاجة للعون وخاصةً أولئك الذين لايجيدون إلا لغتهم الأم.
في السياق نفسه يقول فهد: “في اليوم الأول كنت وحدي في المحطة، حيث صادفت عددًا كبيرًا من اللاجئين، يجلسون في كل الأماكن، بعضهم متعبٌ ومنهك، والبعض حائرٌ يتلفت يمينًا وشمالاً، ينظر إلى وجوه المارة عسى أن يسعفه القدر بشخصٍ يتكلم لغته ليرشده إلى وجهته الصحيحة، وفي اليوم التالي شرحت الحالة على صفحات التواصل الاجتماعي في كولن وطلبت مساعدة الأصدقاء”.
يتابع فهد قائلاً: “تفاعل معي الكثيرون، وحصلت على كميةٍ جيدة من التبرعات من ملابس وأطعمة ومشروبات، وبعض النقود التى خففت الصعوبات المادية الكثيرة، وخاصةً بالنسبة لشراء التذاكر للأشخاص الذين فقدوا نقودهم أو أنفقوها مسبقًا”.
يقول فهد: أنا فخورٌ جدًا بكل من وقف إلى جانبي لتطوير وتطبيق هذه الفكرة، وخاصةً اللاجئين الذين انضموا إلينا بكثرة، وأشجّع اللاجئين في ألمانيا وأوربا بأن يساهموا أيضًا بتقديم العون للآخرين فهم يعرفون جيدًا صعوبة الوضع في البداية.
ويقول عبيدة القاسم 21 سنة (لاجئ سوري): “قبل أسبوعين وصل والدي وإخوتي إلى محطة القطارات الرئيسية في كولن بوضعٍ يرثى له، حيث كان معظم أفراد العائلة منهكًا جراء الرحلة الشاقة، وخاصةً أخي الصغير الذي لا يتجاوز السادسة من العمر والذي كان مريضًا يعاني الألم طوال الرحلة، ونحن جالسون في حيرة من أمرنا في إحدى زوايا المحطة، جاء أفراد هذه المجموعة وعرضوا علينا المساعدة وسرعان ما قدموا لنا الطعام والشراب والألعاب لإخوتي الصغار، ونقلوا أخي بسرعة إلى المستشفى لمتابعة حالته الصحية. ثمّ رافقونا إلى أحد مراكز اللجوء حيث حصلنا هناك أخيرًا على أولى خطوات الشعور بالأمان”.
القاسم أصبح اليوم أحد المتطوعين في هذه المجموعة، وهو في غاية السعادة بتقديم أي مساعدةٍ ممكنة، ويعبر عن امتنانه لهذه المجموعة التي قدمت لعائلته خدمةً كبيرة، وخاصةً بمتابعة حالة أخيه الصحية في وقتٍ كانوا فيه مرتبكين للغاية، ولايعرف ماذا يجب أن يفعلوا.
*ناشط سوري