سامي حسن | كاتب فلسطيني سوري-ماينز
على مدى ست سنوات من عمر الثورة، دفع السوريون غاليًا جدًا ثمن صرخة الحرية التي أطلقوها في أواسط آذار 2011. الملايين منهم أصبحوا في عداد الشهداء والمعتقلين والمفقودين والمهجرين واللاجئين، ناهيك عن تدمير المدن والقرى، وخضوع سوريا لأكثر من احتلال. لعل هذه الكلفة العالية للثورة السورية هي ما يدفع البعض للقول اليوم بما معناه كان أفضل لو أن الثورة لم تقم. لسنا هنا في وارد نقاش هذا الرأي لكن: ماذا لو أن الثورة انتصرت ؟
لا شك أن لكل بلد خصوصيته، وبالتالي، فإن انتصار الثورة في كل من تونس ومصر، لم يكن يعني أن سوريا ستكرر السيناريو نفسه. لكن إذا كان القول بحتمية انتصار الثورة هو أمر غير واقعي، فإن القول بحتمية عدم انتصارها هو أيضًا غير واقعي. بمعنى، كان يمكن على ضوء معطيات ومتغيرات أخرى، أن تأخذ الثورة السورية مسارًا آخر يؤدي إلى انتصارها وتحقيق أهدافها، بعد عام أو عامين ربما. عندها كان سينتفي أساس مقولة، لو أنها لم تقم.
فلو أن الثورة انتصرت، لما سقط كل هذا العدد من الضحايا، ولما كان الخراب شاملاً كما هو الحال عليه اليوم. ولكان بيننا الآن عبد العزيز الخير وعلي الشهابي وسميرة الخليل ورزان زيتونة وخليل معتوق وزكي كورديلو وجهاد محمد، وجميع المعتقلين والمختطفين.
لو انها انتصرت، لما وقعت سوريا تحت الاحتلال، ولما رأينا وجوه المحتلين الروس والإيرانيين والداعشيين، وغيرهم من المحتلين.
لو أنها انتصرت، لانتقلت عدواها إلى دول أخرى، فأطيح بالمزيد من أنظمة الاستبداد، وكنس النظام الطائفي في لبنان، وكذلك الأمر في العراق.
لو أنها انتصرت، وقدمت نموذجًا للدولة الديمقراطية الحداثية، لكانت مسمارًا في نعش الدولة العنصرية الصهيونية، ولكفت إسرائيل عن الادعاء بأنها واحة الديمقراطية في الشرق الأوسط.
لو أنها انتصرت، لكنا اليوم في سوريا مشغولين بانتخابات حرة وديمقراطية، أو نجوب الشوارع في تظاهرات تطالب بتحسين الأوضاع الاقتصادية.
لو أنها انتصرت، لكنا اليوم أمام حالة انبعاث وتألق للمسرح والموسيقا والشعر وغيرها من الفنون والآداب. ولكنا أمام عشرات الصحف الجديدة، التي ربما كانت “أبواب” إحداها.
لو أنها انتصرت، لما أصبحنا لاجئين في ألمانيا نكابد عناء تعلم اللغة والبحث عن عمل و…إلخ، ولكنا اليوم نستمع لمحاضرة في معهد غوتة بدمشق عن إمكانية الاستفادة من التجربة الألمانية لإعادة بناء سوريا. لو أنها انتصرت…….. لو أنها انتصرت.