خاص أبواب
سارة قائد.. إنسانة تضجّ بالأفكار والأسئلة، تستخدم الرسم وسيلةً لتواجهنا بأفكارها وتستفز الإجابات، الرسم ليس أداتها الوحيدة ولكنها الأساسية، ومازالت تبحث عن وسائل أخرى وتجرب.
هي رسامة كاريكاتير من البحرين خريجة كلية الفنون الجميلة، تعمل في مجال التصميم مع مجموعة فنانين في استوديو واحد في البحرين. بدأت سارة قائد المساهمة في “أبواب” بأعمالها الفنية المتميزة، وفيما يلي تحدّث متابعي أبواب عن أعمالها وعن فن الكاريكاتير، والتحديات التي تواجه هذا الفن في العالم العربي:
- ما هي مواضيعك الأثيرة، وأين ترين نفسك في فن الكاريكاتير؟
ترتكز أعمالي في مواضيعها بالطبع على الأزمات التي يواجهها الإنسان بشكل عام، وبالدرجة الأولى على اللاجئين، وقضايا المرأة بشكل خاص، وتتناول معاناتها والتحديات التي تواجهها سواء كلاجئة أو كإنسانة تحاول التظاهر على وضعها الحالي، أحاول دوماً أن أجعلها تتكلم، تحزن، وتضحك بصوت مسموع ومنصف، بشكل مستمر في حياتها اليومية.. ومن هنا كان جانب من أعمالي عبارة عن حقائب، والتي يمكن أن تكون مشروعاً خاصاً”. جانبٌ آخر من أعمالي هو “اليوميات” والتي ليس بالضرورة أن ترتبط بي سياسياً، بل بيومياتي كمجموعة (الحرف الأبجدي أ).
- هل تعتقدين أن فن الكاريكاتير مازال يحظى بجمهور كبير؟
بالتأكيد، فالرسم هو الأداة الأقرب للبشر، فقد كان التواصل الأول للإنسان في التاريخ القديم عبر الرسوم، وربما التطور الطبيعي هو الذي جعل الرسوم التعبيرية وخاصة في تطبيقات التواصل الاجتماعي الحديثة وتعبيراتها المختلفة هي اللغة الدراجة حالياً، فأصبح الناس يعبرون عن الحب بإرسال صورة القلب مثلاً. فيما مضى كان الناس يضعون وردة في مذكراتهم وكتبهم مثلاً.. بهذه الطريقة يمكننا أن نختصر الكثير من المشاعر والانطباعات بقطعة صغيرة من الرسم.
- تعرضين أعمالك على منصاتك الخاصة، أما من نشر ورقي كألبومات أو كتيبات أو مؤسسات صحافية تنشرين من خلالها؟
بشكلٍ عام معظم أعمالي مستقلة في النشر، بمعنى أنني أعتمد على حسابي الخاص في مواقع التواصل الاجتماعي، لكنني نشرت أيضاً مع مجموعة من المؤسسات وصالات العرض، كمؤسسة نوش فش اللبنانية، وأيضاً معReconnecting arts ، وهم مجموعة شباب عرب يحاولون وصل الشرق مع الغرب من خلال الفنون، كما قمت بعرض أعمالي مع مجموعة “ألفاء” في معرض جماعي متنقل بين البحرين والمملكة المتحدة. أما على صعيد الإعلام فقد كان لي مساهمات أخرى مع كلٍ من العربي الجديد وهافينغتون بوست.
- لماذا نجد الكاريكاتير ميت في العالم العربي؟
لا أتفق مع كلمة ميت، يوجد إحياء ولكن بشكل شخصي وفردي، يوجد الكثير من فناني الكاريكاتير ولكن غالباً لا يُنظر لهذا الفن تلك النظرة النخبوية التي يُنظر بها إلى الفن التشكيلي الذي يُقدّم في المعارض والمتاحف. رغم أنه أحياناً نجد نفس الفكرة التي يتناولها الكاريكتير بشكل مباشر، موجودة في عمل نحتي أو في لوحة فنية لكن التلقي مختلف. وأعتقد أن هذا سبب من أسباب خوف صالات العرض من عرض هذا النوع من الأعمال. والتمويل أيضاً يلعب دوراً مهما في تراجع الكاريكاتير.
- هل تعتقدين أن الفنان يمكن أن يعيش اعتماداً على فنه فقط؟
لا بد من الإشارة إلى أن البعض ينظر الى الفن كرفاهية.. فعندما أقول لأحد “أنا أرسم الكاريكاتير”، يعتقد أن هذه هواية فقط ويعود ليسألني: “ماذا تعملين إلى جانب هذه الهواية”. ولذلك فإنني لا أعتمد على الكاريكاتير أبداً من الناحية المادية، وأعمل في المجال الأكاديمي /التصميم الداخلي/ المقاطع المتحركة بأنواعها أو في مشاريع أخرى.
ومن ناحية أخرى، الكاريكاتير ليس شيئاً محسوساً أو ملموساً ليدفع الناس ثمنه، هناك صحف ومواقع تدرك أهمية الكاريكاتير وتقدره وتدفع أجوراً جيدة لرساميها كما تدفع لكتاب مقالاتها، وبالطبع يتفاوت ذلك بحسب خبرة وموهبة وأحياناً حسب التوجه السياسي للفنان أو طريقة تعبيره ومواقفه الخاصة.
- لا تستخدم سارة قائد النصوص إلى جانب الرسومات، فما السبب؟
كنت سابقاً أكتب نصاً إلى جانب رسوماتي، أما الآن فأنا أرى أن العمل يستطيع التكلم عن نفسه، وهذا أفضل من تقييد المشاهد بجملة معينة يمكن أن تجعل العمل أقل مستوىً من حقيقته.
من ناحية أخرى، يأخذ الناس معلوماتهم من الأخبار ووسائل الاعلام العربية والعالمية، والتي للأسف الكثير منها ذو أجندات وغير منصف ومتفهم للأحداث في عالمنا ومجتمعاتنا، لاسيما أنه في وقتنا الحالي وقت الحروب والنزاعات، تقلصت مساحة اللغة المشتركة بين البشر بشكل كبير. وهنا تتبلور قيمة الكاريكاتير أمام تضاؤل أهمية اللغة في بلاد الأزمات وأمام تباعد الناس عن بعضهم، فأنا مثلاً لا أقرأ مقالاً لكاتب من الطرف الآخر، بينما اللوحة تجعلني أشاهدها بشكل مباشر ودون قرارٍ مسبق، فتصلني فكرة ووجهة نظر الطرف الآخر بسلاسة.
تؤكد قائد أن أهمية الكاريكاتير هذه تبرز أيضاً بين الثقافات المختلفة، ولاسيما في الغرب، حيث يمكنه نقل الحدث وأصدائه دون الحاجة لترجمة، ودون الرضوخ لرقابةٍ وأجندة. ويستطيع أن يكون لغةً جديدة لا مجال معها للأبواب الموصدة، وحيث تحمل النظرة الأولى كل المعنى. ومن هنا ترحب أسرة أبواب بالفنانة سارة قائد وبكل ما يمكن أن تقدمه لمتابعيها من جمال.
اقرأ أيضاً: