عروبة صاصيلا. باحثة سورية في مجال الأسرة والطفل مقيمة في ألمانيا
في طفولتنا عشنا مع جداتنا وسمعنا حكاياهنّ التي كانت تمنحنا دفء المحبة وجزيل العطاء بأن ساعدت بتشكيل خيالنا بمساحة من الفرح واللهفة من خلال طريقة السرد عن شخصيات الحكايا البطولية.
ذاك الفرح وتلك اللهفة من إغناء الخيال إلى نسج الأحلام، كان الهاجس الذي دفعني إلى كتابة حكايا الجدات التي أبدعتها جماعات ومجموعات من شعوبنا ارتبطت بمكان وزمان شكّل هوية انتماء مستمرة بما يتفق مع بيئتا وتفاعلاتها مع طبيعتها وتاريخها، فكونت نتاجاً تراكمياً بقي في إطار التداول الشفهي عبر انتقاله من جيل لآخر، ولضمان استمراريته لأجيالنا السورية القادمة والتي انتشرت في كل أنحاء العالم بسبب ظروف الحرب والهجرة بعيدة عن وطنها وجذورها الحقيقية، بات من الضرورة حفظ هذا التراث للتأكيد على هوية الانتماء بالارتكاز على موروث شعبي اجتماعي يمنح أجيالنا قليلاً من الفرح.
وبالرغم من أنّ أجيال الوقت الحاضر عبر العالم قد تاهت بالعولمة والتكنولوجيا، إلا أنها تعيش في أوطانها مرتكزة على جذورها وموروثها المادي واللامادي، وقد اهتمت بعض الشعوب بحفظ تراثها عبر حكايات شعبية قدّمتها لأطفالها بجمعها بكتب بالغة الأهمية، ككتاب (الأخوين غريم) في ألمانيا التي استمد نَسجَهُ من حكايا تراث الشعوب بما فيها حكايا ألف ليلة وليلة.
مشروع حكايا الجدات جمعتُه مما قرأت وسمعت وأعدت صياغته بلغة بسيطة مناسبة كتراث اجتماعي وهو جزء من أمنياتي بالفرح والسعادة لأجيالنا القادمة بالمهجر.
ولابد لنا من الإشارة هنا الى أنه ومنذ عام 2003 كرّست منظمة الأمم المتحدة للتربية والتعليم (اليونسكو) جهودها في حماية تراث الإنسانية اللامادي، وأولت لذلك أهمية كبرى لتحفظ كافة الشعوب آدابها الشعبية في الشرق والغرب، فمنذ تطور علوم الفولكلور في منتصف القرن التاسع عشر لدى معظم الشعوب، صدرت مئات المجموعات المحققة حول الحكايا الشعبية المختلفة وحول خصوصية الشعب الذي أبدعها أو طوّرها.
وكلنا أمل بأن نحقّق هدفنا وننجح في تقديم حكايا تراثنا السوري الغني بتاريخه وإبداعه.
عروبة صاصيلا:
محاضرة في مجال المرأة وجيل الشباب في سوريا عبر منابر متعددة من المراكز الثقافية والإذاعة والجامعة وبعض الصحف المطبوعة والإلكترونية، حاصلة على شهادة تقدير للمشاركة في قصص الأطفال عن التراث من جمعية العاديات بحلب وأصدقاء الجمعية في كندا في خدمة التراث اللامادي خلال مسابقة لجائزة خير الدين الأسدي علامة حلب.