في اليوم العالمي للقضاء على العنف ضدّ المرأة، ما تزال النساء والفتيات في العالم عموماً وفي سوريا على نحو خاصّ، يعانينَ من العنف ضدّهن بأشكاله المختلفة، رغم مضي أكثر من ربع قرن على إصدار الجمعية العامة للأمم المتحدة “إعلان القضاء على العنف ضد المرأة“، في قرارها 48/104 المؤرخ في 20 كانون الأول (ديسمبر) 1993. وبحسب أرقام الأمم المتّحدة، تتعرّض واحدة من بين كل ثلاث نساء للعنف الجسدي أو الجنسي خلال حياتها، وإنّ أكثر من70% بالمئة من ضحايا الاتجار بالبشر في العالم هم من النساء والفتيات، وتتعرّض 75% منهنّ للاستغلال الجسدي. ومنذ بدء انتشار جائحة كوفيد19 أظهرت البيانات والتقارير المتخصصة زيادة كمّية ونوعية في العنف المنزلي ضدّ النساء في العديد من البلدان، ومن ضمنها تلك التي توصف بالمتقدّمة وتتبنى قوانين وتتخذ إجراءات تحمي النساء.
في سوريا، حيث تتعرّض النساء والفتيات لأبشع صور الانتهاكات والجرائم، قُتل ما لايقل عن 28405 أنثى منذ عام 2011، منهن 91 قضين تحت التعذيب، إضافة إلى 8764 أنثى مختفيات قسرياً، وفق ما ذكرت (الشبكة السورية لحقوق الإنسان) في تقريرها الصادر اليوم. ولا تقتصر معاناة النساء السوريات على العنف المرتبط بالنزاع المسلّح، إذ يستمر ارتكاب ما يسمّى “جرائم الشرف” بحقّهن، في استهتار بأقدس حقوق البشر: حقّ الحياة. من جهة ثانية، تعاني السوريات النازحات واللاجئات، صنوفاً مختلفة من العنف والانتهاكات، منها، على سبيل المثال لا الحصر، الاستغلال الجنسي وزواج الصغيرات وانعدام الرعاية الصحية.
لقد نص القانون الدولي الإنساني على توفير الحماية للمدنيين في النزاعات المسلّحة، وخصوصاً النساء، إلا أنّ أيَاً من أطراف النزاع المسلّح الذي أعقب الثورة السلمية في سوريا لم يلتزم بذلك، لاسيما نظام الأسد، فلم تٌحترم حقوق النساء، وعانين الاعتقال والإخفاء القسري والتعذيب، والعنف الجنسي، وبلغت الانتهاكات والجرائم بحقّهنّ مستوى الجرائم ضد الإنسانية.
إننا في المنظمة الدولية للمعتقلات السوريات، إذ نؤكّد مواصلة كفاحنا للقضاء على العنف ضدّ النساء والفتيات، والتزامنا بهذه القضية بوصفها قضية عالمية بامتياز لا تقتصر على مجتمع دون آخر، ولا ترتبط بالنزاع المسلّح فقط، فإننّا في الوقت نفسه، نشدّد على مطلبنا الأساس في الحرّية للمعتقلين والمعتقلات والمختفين والمختفيات قسراً في سجون النظام السوري وغيره من سلطات الأمر الواقع المختلفة على الأرض السورية، ونجدّد المطالبة بتنفيذ قرارات الأمم المتّحدة المتعلّقة بالانتقال السياسي في سوريا، كخطوة أولى على طريق إقامة نظام ديمقراطي يستند إلى دستور عصري قائم على الالتزام دون تحفّظ بكافة المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، ومن ضمنها الاتفاقيات الخاصّة بحقوق النساء والفتيات، ووضع الأسس الكفيلة بمحاسبة المرتكبين وإنصاف الضحايا.
إنّ المجتمع السوري لن يجد طريقه إلى التعافي والسلام والاستقرار ما لم تتوقّف جميع أشكال الانتهاكات والعنف بحق النساء والفتيات، وهو ما يتطلّب الاعتراف بحقيقة وخطورة هذه الجرائم والعمل على محاسبة مرتكبيها، وسنّ التشريعات التي تجرّم العنف ضد النساء والفتيات بصوره كافة، وتنصّ بوضوح على عقوبة هذه الجريمة، وضمان حماية حقيقية للنساء والفتيات المعنفات.
فلنرفع الصوت عالياً: أوقفوا العنف ضدّ النساء
المنظمة الدولية للمعتقلات السوريات
25.11.2020
اقرأ/ي أيضاً:
جرائم العنف الجنسي لنظام الأسد أمام القضاء: حوار مع الحقوقية والباحثة جمانة سيف
في قاعة محكمة كوبلنز: لينا محمد تروي شهادتها المفصلة بمواجهة أنور رسلان