يعرفه الجمهور السوري والعربي عموماً في مجال الدراما التلفزيونية والمسرح أيضاً، الشاعر السوري عدنان العودة، ولكن مؤخراً صار له حضور مختلف لدى السوريين في الشتات، من خلال تجربة الرواق. كان لأبواب هذا اللقاء معه ليحدثنا عن مشروع الرواق بداياته وأين أصبح الآن.
- حدثنا قليلاً عن تجربة الرواق، كيف نشأت الفكرة، ومن أين بدأت؟
لاحظت أثناء تواجدي في الإمارات العربية منذ 2013، ولعامين أنه ليس هناك نادٍ اجتماعي أو مركز ثقافي أو جمعية تعنى بشؤون السوريين في بلدان الاغتراب، أو منبر يعبّرون فيه عن آرائهم بعيداً عن الاصطفاف السياسي، والشقاق الكبير نتيجة الكارثة السورية، ولأنني كاتب بطبيعة الحال، ومعنيٌ بالشأن العام، قمت مع مجموعة من الأصدقاء، باختيار مكان في دبي، وهو ناد ومطعم قديم اسمه نادي جبل علي، وأسميناه “الرواق”، حيث كنا نعقده كل يوم جمعة من الساعة الثامنة حتى الثانية عشر ليلاً.
يتضمن برنامج الرواق في كل مرة، عرضاً سينمائياً ويستضيف شاعراً أو قاصّاً، ويقدم أيضاً مغنياً أو عازفاً، إضافة إلى أعمال فنانين تشكيليين سوريين، وعرض بعض الفيديوهات لشعراء وموسيقيين يعيشون خارج الإمارات، عدا عن تقديم بعض القراءات المسرحية بين الفينة والأخرى لكتاب سوريين وعالميين، ومرة تلو الأخرى لاقى الرواق نجاحاً كبيراً، وتحول إلى ملتقى للمغتربين السوريين والعرب أيضاً في الإمارات.
وبعد أن حصلت على منحة إقامة كاتب في هولندا، استكملت تجربة الرواق في روتردام بالتعاون مع بيت القصص، وبدأت بعقده مرةً كل شهر، ليكون أيضاً ملتقىً للسوريين والعرب، ومنبراً ليقدموا ثقافتهم وفنونهم للجمهور الهولندي من جهة، ومن جهةٍ أخرى ليتعرفوا أيضاً من خلاله على الثقافة والفن في هولندا، مما يساعد على عملية الاندماج ضمن مجتمعهم الجديد في هولندا.
- هل تعتبر الرواق مشروعاً فردياً أم أنه نتاج عمل جماعي، ومن هم المساهمون معك في هذا العمل؟
الرواق مشروع جماعي، وأتولى فيه جانب الإدارة، ولو لم يكن كذلك لما استمر على مدى ثلاث سنوات في دبي وروتردام، أما عن المساهمين في العمل معي، فهم كنان عزوز في دبي، وبادرعتم ونصيرة تختوخ وإيلس دوميت في روتردام.
- هل كانت هناك جهات داعمة للمشروع؟ وكيف تمكن الرواق من تغطية نفقاته؟
في تجربة الرواق دبي، ليس هنالك من داعم للأسف، فكنا نقوم كنان وأنا بتنظيمه بشكل طوعي، أما رواق روتردام، فيحصل على دعمٍ من بيت القصص، وبلدية روتردام، ومن خلال هذا الدعم البسيط، نستطيع أن نغطي نفقات الضيوف في السفر والإقامة في كل مرة.
- ماهي الشريحة التي توجهت إليها بفكرة الرواق؟ وهل حققت في الرواق جزءاً مما تصبو له؟
ما همّني حقيقة في رواق روتردام منذ البداية، هو أن أجمع السوريين في مكان متعارف عليه، وبشكل دوري لأسباب اجتماعية، فالكثير من اللاجئين يعانون مشاكل تتعلّق بالعزلة وصعوبة الاندماج، علّهم يتمكنوا من تجاوز هذه الصعوبات بشكل تدريجي، ويتفاعلوا مع المجتمع الهولندي، وقد استطاع الرواق على مدى ثلاث سنوات ومن خلال ضيوفه والنتاج الذي يقدمونه، أن يتوجه إلى العائلة السورية والعربية بشكل عام أن يستقطب المئات لحضوره، عدا عن أنه ساهم بشكل كبير وفي روتردام خاصةً، بتعريف الهولنديين بالثقافة والفن والمطبخ السوري.
كما أسعى من خلاله إلى التخفيف من حدة تطرّف اليمين المعادي لتواجد اللاجئين على الأراضي الهولندية، من خلال تقديم الفن والثقافة السورية العريقة.
- في لقاءاتك الدورية مع جمهور الرواق، ما هي أكثر الانطباعات التي تمنحك السعادة، وتشعرك بالعموم بنجاح المشروع؟
مع استمرار الرواق للسنة الثانية في روتردام، وتقديمه للكثير من الأسماء المهمة في الفن والثقافة السورية، أكثر ما يمنحني السعادة، سرور هؤلاء الضيوف بالمشاركة، وقدومهم بشكل طوعي، ففي الرواق ليس هناك جدار يفصل الفنان أو الشاعر عن الجمهور، فهو يشبه سهرة عائلة كبيرة، فكم من صداقاتٍ نشأت ما بين السوريين أنفسهم وبينهم وبين الهولنديين خلال تواجدهم في الرواق.
- مقارنة برواق دبي، كيف تقيم رواق روتردام بعد مرور عام على البدء به؟
رواق دبي، مشروع طوعي وبسيط، وخاص بالسوريين والعرب، أما الرواق روتردام، فهو مشروع مدعوم من الدولة، ومشترك ما بين السوريين والهولنديين وباقي الجنسيات، حيث يقدم نتاجه بثلاث لغات، هي العربية والهولندية والإنكليزية.
- بعد أن حصل رواق روتردام على ترخيص كمؤسسة ثقافية هولندية، ماهي الآفاق والخطط المستقبلية للمضي في هذا المشروع؟
في الفترة الحالية أحاول الحصول على إقامة عمل في هولندا، وعلى أساس حصولي عليها، سأستمر في إقامة الرواق بالتأكيد، وسأسعى للحصول على دعم أكبر له، ليكون أيضاً معرضاً للفن التشكيلي، ومتجراً للكتب.
وهناك خطط للتوسع في الرواق إلى دول أوروبية أخرى، ففي الفترة المقبلة، سيقام الرواق في بروكسل وفيينا أيضاً، مرة كل شهر، وذلك بالتعاون مع أول مكتبة عربية في بروكسل، ومنظمة المرأة العربية النمساوية في فيينا.
- كيف يتم اختيار ضيوف برامج الرواق الشهرية، هل يتم بناءً على حالة نخبوية، أم أن هناك عوامل أخرى؟ ولماذا لم يتم تسليط الضوء على التجارب الشابة الموجودة بكثرة في أوروبا؟
العامل الأول في اختيار ضيوف الرواق، هو الرغبة لدى الضيف بالمشاركة، ذلك أن الضيوف لا يتقاضون أجوراً لقاء تقديم نتاجهم في الرواق، وقد شُرِّف الرواق بالمشاركة الطوعية لأسماء مثل ديمة أورشو ورشا رزق ولبانة القنطار ولينا شماميان وابراهيم كيفو وبسمة جبر وعلي أسعد وماجد سراي الدين ونوري الجراح، وأسماء أخرى كبيرة ومهمة دونما مقابل مادي.
وبخصوص التجارب الشابة، فإن الرواق قدم خلال سنواته الثلاث، الكثير من الأسماء، كمجد عبد الدين وعلاء أبو حسون، ومارين كبابة ويوسف لقطينة وأسماء أخرى كثيرة أيضاً.
- هل تحاول ترسيخ شكل فني متميز بعيد عما تروجه الميديا عموماً، واستقطاب جمهور خاص أيضاً؟
الرواق، يحاول من خلال ضيوفه أن يقدم فناً وثقافة جادة وهادفة، ضمن معايير لا تخضع للتسيس وشروط السوق، ولذا استطاع الاستمرار على مدى سنوات، واستطاع استقطاب المئات للتواجد والمشاركة فيه بشكل دوري ودائم.
هل تعتقد أن تجربة مثل الرواق كان يمكن أن تنشأ وتنجح في سوريا قبل الثورة، أم أنه كمشاريع أخرى كثيرة كان سيخضع لضغوطات سياسية؟
بالتأكيد الرواق خارج سوريا يتمتع بفضاء غير محدود من الحرية، وليس هنالك من رقيب عليه، وهذا جانب مهمٌ جداً، فما معنى الفن والثقافة دونما حرية، غير أنه لا بد من التذكير أنه هنالك بيت القصيد في دمشق وهو ملتقى ثقافي أسبوعي في سوريا ما قبل الثورة، وقد استمر المشروع أيضاً بإدارة الشاعر لقمان ديركي لعدة سنوات وشكل حالة ثقافية مهمة أيضاً، وقد كان يتمتع بهامش لا بأس به من الحرية.
هل هناك فكرة مشروع آخر غير الرواق في هولندا مستقبلاً؟
بالتأكيد لدي الكثير من الأفكار، وعلى رأسها إطلاق صحيفة سورية هولندية باسم الرواق أيضاً.
تمنياتنا لك بالتوفيق والنجاح الدائم.
خاص أبواب