ميلاني برغر.
ترجمة د. هاني حرب.
“القتل عبر القانون، هو أمرٌ يقوم به الجبناء فقط” قالت مي سكاف بصوتٍ مرتجف.
الممثلة السورية مي سكاف، تتحدث عن الحرب في سوريا، وتقدم نفسها الآن كقربانٍ لتفترسها النمور البرية على مسرح مكسيم غوركي الأسبوع المقبل. وهي واحدة من سبعة متطوعين، حسب ما أعلن “مركز الجمال السياسي”، قدموا أنفسهم قرابين لعملٍ يحمل إسم “افترس لاجئًا”.
عقد مركز الجمال مؤتمرًا صحفيًا في برلين أعلن فيه عن الفعالية التي ستقام على مسرح غوركي، في الثامن والعشرين من الشهر الحالي، تتضمن هذه الفعالية تقديم قرابين بشرية لنمورٍ بريةٍ، في محاكاةٍ للمصارعة مع الأسود التي كانت تتم على الحلبات الرومانية (الكولوسيوم).
وبحسب المركز فقد تطوع سبعة أشخاص ليكونوا قرابين في هذا العمل ومن بينهم سكاف. يهدف العمل لتسليط الضوء على معاناة طالبي اللجوء في ألمانيا بشكلٍ متطرف، بهدف إحداث ضغطٍ على الحكومة الألمانية لتستجيب لمطالب تقدم بها المركز و”حزب اليسار الألماني”.
يطمح الناشطون الذين نظموا هذا العرض لتغيير القانون الساري الآن على شركات الطيران، إذ بحسب هذا القانون لا يسمح لشركات الطيران نقل أشخاصٍ دون تأشيرات سفر صالحة لبلد الوجهة التي يسافرون إليها. ويترتب عليها دفع مبالغ كبيرة جدًا كعقوبات في حال المخالفة.
ووفقًا للمركز، فإن هذا القانون يعتبر أحد الأسباب التي تدفع الكثيرين لركوب البحر المتوسط كطريقٍ شبه وحيد للوصول إلى أوروبا. لذلك يطالب “مركز الجمال السياسي” بإيقاف العمل بهذا القانون، وقد تم تقديم طلب رسمي من قبل “حزب اليسار الألماني” بهذا الخصوص.
وبحسب ما قال السيد كيسي ليونهارت من مركز الجمال السياسي، فإن هذا الطلب سيطرح للتصويت أمام البرلمان الألماني، يوم الخميس المقبل. وسيتم يوم الجمعة القادم 24 حزيران\يونيو 2016، تقديم اقتراحات وتوصيات من اللجنة الداخلية للبرلمان للعموم.
بالإضافة إلى ذلك، تقدم الناشطون في المركز المذكور بطلبٍ آخر، وهو أن توافق الحكومة الألمانية على نقل مئة لاجئ سوري من تركيا إلى ألمانيا، على متن الطائرة “يواخيم 1” والتي ستقلع من تركيا إلى ألمانيا يوم الثامن والعشرين من حزيران، حسب ادعاءات الناشطين المنظمين لهذه الفعالية. وعلى هذا الصعيد بدأ “مركز الجمال السياسي” بجمع التبرعات لتمويل هذه الرحلة.
ويـُنتظرُ أن تعطي الحكومة الألمانية إجابةً واضحة على هذا الطلب يوم الأربعاء الثاني والعشرين من حزيران 2016، بحلول الساعة الواحدة ظهرًا. وهو التوقيت المعتاد الذي تتيح فيه الحكومة للصحفيين توجيه أسئلة مفتوحة في مركز الحكومة الألمانية في برلين.
وزارة الداخلية الألمانية ترى هذه الفعالية “مثيرة للسخرية”
وصف المتحدث باسم وزارة الداخلية الألمانية الاتحادية هذه الفعالية بأنها “مثيرة للسخرية ولا داعٍ لها”، فهي لا تعدو كونها عملاً مسرحيًا، ولا جدوى من تحميل أعبائها للاجئين الباحثين عن مأوى. حيث لن يكون هناك تأثير على تعديل أو إيقاف العمل بقوانين وشروط السفر لأجل هذه مسرحيةٍ كهذه.
وفي هذه الأثناء هددت بلدية وسط برلين حسب جريدة “بيلد” بفك المسرح\الحلبة كاملاً، ولم يتم إعلام أعضاء “مركز الجمال السياسي” بالأمر رسميًا، وإنما عرفوه عن طريق الصحيفة فقط.
من هي مي سكاف؟
تحدثت مي سكاف حوالي عشرين دقيقة أمام كاميرات الصحافة وممثليها، حيث توجهت للمجتمع الألماني المدني وللسياسيين الألمان مذكّرةً إيّاهم بالتاريخ الألماني “تخيلوا أن ما حدث عام 1989 حدث بشكل مختلف، تخيلو لو أن حكومة ألمانيا الشرقية اتخذت قرارًا مغايرًا، وأن الدبابات التي كانت تقف في وجه الناس أمام جدار برلين، بدأت بقصف أجزاء من المدينة وتحويلها لأشلاء وأنقاض”.
لم تتحدث سكاف عن نفسها كثيرًا و لم يـُسمح بتوجيه أسئلةٍ شخصية لها. تكلمت عن المضايقات والعنف الذي تم توجيهه لزملائها الفنانين في سوريا. وتقول: “استطعت الهرب عبر الجبال إلى دولةٍ محاذية لسوريا كأي هارب من العدالة أو مجرم فار”.
سكاف، كانت ومازلت ضد حكم الأسد، وقد اعتقلت عام 2011 لعدة أيام وتعتبر من ناشطي الثورة في سوريا.
“مركز الجمال السياسي” مشهور بفعالياته المتطرفة غير الحيادية
قد لا يتوقع أحدٌ أن إنسانًا سيتم افتراسه أو التهامه يوم الثامن والعشرين من الشهر الحالي. لكنّ “مركز الجمال السياسي” يؤكد على أن “من يعرفنا يعرف طريقة عملنا، ويعرف تماما أننا نلتزم بوعدنا “هذا ما قاله الفنان فيليب روخ الأسبوع الماضي عن العملية.
عمل “افترس لاجئًا” لن يكون الفعالية الأولى أو الأخيرة لهذه المجموعة التي تحمل بعدًا صادمًا للمتلقين. ففي فعاليةٍ سابقة حملت اسم “فليأتي الموتى” طالب المركز بوضع الأكفان أمام باب البرلمان الألماني، كمثال عن اللاجئين الذين يقضون نحبهم في طريقهم للوصول إلى أوروبا. وفي النهاية تم حفر مئة حفرة وتم وضع الصلبان عليها في الساحة أمام البرلمان الألماني.
كما قامت المجموعة منذ سنوات بسرقة الصليب التذكاري لقتلى جدار برلين من وسط برلين، وتم نقله إلى حدود الاتحاد الأوروبي الخارجية، حيث قاموا بدفن لاجئين اثنين قضوا نحبهم في طريقهم إلى أوروبا.
عن تاغس شبيغل بتصرف.
جدير بالذكر، أن الفنانة السورية مي سكاف أوضحت على وسائل التواصل الاجتماعي أن النمور ليست برّية بل مدرّبة، وأن الفعالية لا تعدو عن كونها عملاً مسرحيًا ببعد فنيّ سياسيّ، لدعم اللاجئين السوريين وتعديل قانون اللجوء الألماني.