مفيدة عنكير
أول عربي تحت قبة البرلمان الألماني 2011، مؤسس جمعية إسلامية في ألمانيا عقب أحداث سبتمبر 2001، رئيس المركز الثقافي في غرافسفالد 2004، مسؤول شؤون الهجرة والاندماج بمقاطعة مكلينبورغ فوبرماين اليوم. إنه الطبيب السوري إبراهيم نجار.
دخل نجار البرلمان ممثلاً عن مقاطعة مكلينبورغ بفوز كاسح أذهل الجميع، فقط ﻷنه لا يعترف بالعقبات، ولا حدود لطموحاته، يقول: ”النجاح السوري باق رغم الخراب والدمار”.
أسس شركة طبية في سوريا إبان وجوده هناك بين 2009 – 2006، وعقب أحداث سوريا ”جند” نفسه لمساعدة المنكوبين هناك، ولم يبخل بإرسال الإغاثات الطبية والإنسانية بالتعاون مع جمعيات أهلية تعمل في مجال الإغاثة.
انتدب إلى الولايات المتحدة في إطار برنامج التبادل في شؤون الاندماج، وبعدها إلى السويد ثم هولندا، وهو لا يزال يحاضر في مجال “إدماج اللاجئين” بالمجتمع الجديد، ليقدم صورة السوري الطموح، الطبيب والبرلماني والمسؤول، وقبل كل ذلك: الإنسان.
نجار الطبيب
قدم إبراهيم نجار إلى ألمانيا بقصد الدراسة سنة 1992، وسرعان ما تعلم اللغة الألمانية وأتقنها، قبل أن يحصل من الجامعة على منحة للتحضير للشهادة الثانوية، وأتاحت له علاماته العالية في الثانوية دخول كلية الطب البشري.
وبسبب نشاطه ومشاركاته في مختلف الفعاليات على مستوى الكلية وخارجها، عين نجار متحدثا باسم الطلبة الأجانب في الجامعة، وفي تلك الفترة وجد عملاً وقرر التخلي نهائيا عن المصروف المرسل من أهله في سوريا.
عاد نجار إلى سوريا طبيبا سنة 2006 وغادرها في 2009، وأسس خلال هذه الفترة شركة طبية أدارها بنفسه، وأجبرته الظروف على العودة إلى ألمانيا، ليدخل مسارًا جديدَا في حياته العملية إلى جانب مهنته كطبيب.
نجار السياسي اللامع
عاد نجار من سوريا بطموح جديد، قرر أن يصبح سياسيًّا بارزًا، وكان له مراده عندما انتخب عام 2011 عضوًا في البرلمان عن مقاطعة مكلينبورغ فوبرماين، ليكون أول شخص من أصول عربية ينتخب عضوًا في البرلمان الألماني، وأعيد انتخابه عام 2014 لدورة برلمانية جديدة تستمر حتى 2019، بعد أن حقق فوزًا ساحقًا في الانتخابات وجاء بين العشرة الأوائل الحاصلين على أعلى الأصوات.
دخل نجار المعترك السياسي قبل هذا التاريخ من بوابة الحزب الاشتراكي الديمقراطي، ففي عام 2004 تعرف على رئيس ولاية مكلينبورغ أرفين سيرلينك وكان يشغل منصب وزير العدل في الحكومة الألمانية حينها، ”المعروف عنه ميله للأجانب ونضاله نصرة لقضاياهم” على حد وصف إبراهيم نجار.
قبل نجار دعوة سيرلينك للانضمام للحزب الاشتراكي الديمقراطي SPD، وكان العربي الوحيد في صفوف الحزب حينها، ويقول ”في تلك الفترة حاول حزب الخضر أن يرشحني للانتخابات ضمن قائمته، لكني رفضت، كانت اهتماماتي بعيدة عن السياسة”.
نجار مندوب الاندماج
لاحقًا وبعد أن أصبح نجار عضوًا في البرلمان الألماني، انتدب إلى الولايات المتحدة في إطار برنامج التبادل بشؤون الاندماج، ثم إلى السويد وبعدها هولندا، يقول ”لم أر دولة أو شعبًا يعامل السوريين بهذا اللطف كالحكومة والشعب الألمانيين”، قبل أن يضيف ”هذا ما جعلني احترمهم وأحبهم بعقلي وقلبي وضميري”.
يكثر نجار اليوم من تقديم محاضرات في مجال الاندماج، ويحث اللاجئين على ممارسة دورهم الفعال في المجتمع الجديد ويقول عن ذلك ”أشعر بالفخر عندما يعجب الألمان بنجاحات السوريين، ويقولون هؤلاء هم أهلك وناسك”.
ولا يخفي أن نظرة الألمان تجاه السوريين تغيرت بعد 2014، وهو يحاول جاهدًا ”أن يبتعد المسيؤون عن أفعالهم” ويقول ”يبدو أن العدد المتزايد والتدفق الهائل للاجئين القادمين من مختلف الدول، جعل بعض التصرفات السلبية تطفو على السطح”.
ولا يبدو نجار متشائمًا حيال هذه النظرة ويستدرك ”لا يزال الألمان يتكلمون عن محاسن السوريين، وبدوري أحاول دومًا أن أظهر إنجازاتهم في كل محفل وندوة”.
نجار المسلم
أسس نجار بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، بمشاركة زملاء آخرين، جمعية إسلامية في ألمانيا وأصبح رئيسها، وهو يلخص أهداف تأسيس الجمعية ”تغيرت نظرة الألمان والأوربيين عموما تجاه المسلمين بعد أحداث سبتمبر، وكان لا بد من تأسيس جمعية تتولى تعريف الغرب بالإسلام الحقيقي المعتدل، والتقريب بين المسلمين والمجتمعات الأوربية”.
نشطت الجمعية في تنظيم زيارات للكنائس في ألمانيا، وأقامت محاضرات وندوات للتعريف بالثقافة الإسلامية، وتوضيح “حقيقة الإسلام” الوسطي المعتدل للألمان منعا للبس والخلط بين الإسلام والإرهاب.
وعلى الجانب الشخصي، واظب إبراهيم نجار على صلاته وصيامه، ويقول إن الألمان يقدرون ذلك ويضرب مثلا: ”كانو يدعونني لموائدهم في رمضان، ويوقتون موعد العشاء مع آذان المغرب، كنت أقدر لهم ذلك”.
ويتابع حديثه عما يتمتع به الألمان من إنسانية ”رأيت ما يفعلونه مع السوريين، وكيف يشكلون الفرق التطوعية لمساعدتهم، ويفعلون ما بوسعهم لمد يد العون”.
نجار الإنسان الحالم
سعى نجار ولا يزال، في كل المحاضرات والندوات والاجتماعات التي يديرها أو يشارك فيها، إلى توضيح حقيقة ما يجري في سوريا، من انتهاك للحقوق وقتل وتدمير وتهجير، وتولى في هذا الجانب إرسال الكثير من المساعدات الإغاثية والإنسانية والأجهزة الطبية وحليب الأطفال إلى سوريا، بالتعاون مع جمعيات أهلية وأصدقاء.
شغل نجار منصب رئيس المركز الثقافي في غرافسفالد عام 2004، وهو اليوم المسؤول الرسمي لشؤون الاندماج والهجرة في مقاطعة مكلينبورغ، وأعيد انتخابه في ديسمبر 2016 نائبا لرئيس لجنة شؤون الشباب والرياضة في المقاطعة، بينما رأس في نفس الشهر اجتماعًا للأجانب على مستوى المقاطعة في مدينة أوسيدون، والذي ينظم مرة كل خمس سنوات.
لايتوقف طموح نجار عند هذا الحد، وهو يشعر بالاعتزاز لتمثيل بلده خير تمثيل ويقول ”النجاح السوري لا بد أن يبقى رغم كل هذا الدمار”.