وسط الانشغال بوضع قانون للهجرة، يستمرّ الجدل في ألمانيا حول اقتراحٍ للاستفادة من طالبي اللجوء الذين رفضت طلبات لجوئهم والمتعذَّر ترحيلُهم، في سدّ النقص في الأيدي العاملة، مقابل السماح لهم بالبقاء في البلاد.
في ظلّ وجود أكثر من مليون و200 ألف وظيفة شاغرة في ألمانيا، يحتدم النقاش بين الأحزاب السياسية في البلاد حول اقتراح بالاستفادة من عشرات آلاف الأشخاص المرفوضة طلبات لجوئهم من المندمجين في المجتمع الألماني، والمتعذّر ترحيلهم لأسباب قانونية أوإنسانية.
حيث اقترح رئيس وزراء ولاية شلسفيغ-هولشتاين دانييل غونتر، الأسبوع الماضي إمكانية “تغيير مسار” طالبي اللجوء المرفوضة طلبات لجوئهم والمتعذر ترحيلهم، في حال كانوا مندمجين في المجتمع الألماني، قاصداً بذلك أن يتم فتح سوق العمل أمام أولئك الأشخاص، ليحصلوا بذلك على حق الإقامة عن طريق العمل بدلاً من حق الإقامة عن طريق عملية اللجوء، والتي تم رفضهم فيها.
اقتراح “تغيير المسار مهم للاقتصاد”
وفي حين يحظى اقتراح غونتر، بالدعم من مسؤولين في حزبه (الحزب المسيحي الديمقراطي)، إضافة إلى الحزب الاشتراكي والحزب الليبرالي وحزب الخضر، فإنه يواجه بالرفض من قبل الحزب المسيحي الاجتماعي، الشريك في التحالف الحكومي، وحزب البديل من أجل ألمانيا، بحجة أن الاقتراح سيشجع الناس على الهجرة غير القانونية.
وقد أبدت زميلة غونتر في الحزب، أنيتا فيدمان-ماوتس، والتي تشغل منصب مفوضة الاندماج في الحكومة الألمانية، عن دعمها لاقتراح زميلها، مؤكدة أن ذلك “مهم للاقتصاد” أيضاً.
ورغم رفض الحزب المسيحي الاجتماعي للاقتراح، إلا أن زعيمة الحزب الاشتراكي الديمقراطي أندريا نالس أكدت في حوار تلفزيوني أنهم سيطبّقون اقتراح “تغيير المسار” لفتح مجال العمل والبقاء في ألمانيا لطالبي اللجوء المرفوضة طلباتهم والمتعذر ترحيلهم، رغم توقعها “معارضة شديدة” داخل الائتلاف الحاكم.
وقد دعا نائب رئيس الحزب الاشتراكي أولاف شولتس، الذي يشغل منصب وزير المالية ونائب المستشارة أنغيلا ميركل، لفتح أفق العمل أمام الأشخاص المرفوضة طلبات لجوئهم إذا كانوا قد قطعوا شوطاً طويلاً في إجراءات اللجوء.
وبحسب تصورات الحزب الاشتراكي الديمقراطي الشريك بالائتلاف الحاكم في ألمانيا، من المقرر أن تكون شروط ما يسمى بـ “تغيير مسار” طالبي اللجوء المرفوضين، هي اندماجهم الجيد في المجتمع، بالإضافة إلى توفر عمل معرفة لغوية جيدة.
اللاجئون لسد حاجة سوق العمل؟
وقد أكّد وزير العمل الاتحادي في ألمانيا هوبرتوس هايل، في حوار تلفزيوني على القناة الألمانية الثانية، على اتفاق وزارته مع وزارة الداخلية على ضرورة الاستفادة من قدرات اللاجئين لسد العجز في سوق العمل، وذلك في قانون الهجرة الجديد الذي تعمل عليه الحكومة الألمانية، مشيراً إلى أنهم سيناقشون تفاصيل ذلك قريباً.
وتعلق ألمانيا آمالاً على أكثر من مليون لاجئ وصلوا إليها عام 2015، لسد الفجوات في القوى العاملة. لكن نقص العمالة الماهرة التي تتحدث الألمانية وفشل الكثير من اللاجئين في إثبات كفاءتهم أبطأ العملية. وأعلن المعهد الألماني لأبحاث سوق العمل والتوظيف الشهر الجاري أن عدد الوظائف الشاغرة في ألمانيا وصل إلى رقم قياسي جديد، مشيراً إلى أن هناك نحو 1.21 مليون وظيفة شاغرة في البلاد.
كما أعلنت هيئة تأمين المعاشات في ألمانيا أن احتياطي صندوق التقاعد القانوني في البلاد ارتفع بصورة أكبر مما كان متوقعاً له مؤخراً، حيث من المتوقع أن يرتفع احتياطي المعاشات إلى نحو 37.3 مليار يورو حتى نهاية عام 2018، بارتفاع حوالي مليار ونصف عن العام 2017.
وعزت الهيئة هذا التطور الإيجابي لاحتياطي المعاشات إلى “سوق العمل المستقر”، مشيرة إلى أن الارتفاع في التوظيف المقرون بالتأمين الإجباري، رفع من إيرادات إسهامات التأمين.
ومن أجل الحفاظ على سوق العمل المستقر هذا، ترتفع أصوات السياسيين والاقتصاديين للاستفادة من 166 ألف شخص، رفضت طلبات لجوئهم، لكنهم ما يزالون في ألمانيا لتعذر ترحيلهم، مقابل منحهم إمكانية الإقامة في البلاد.
“عدم الخلط بين اللجوء وهجرة العمال”
ورغم ترحيب اتحاد النقابات في ألمانيا (DGB) باقتراح “تغيير المسار” لطالبي اللجوء المرفوضين والذين يقومون بالتدريب المهني أو يمارسون أيّ عمل يؤّمن لهم معيشتهم، إلا أن رئيسة الاتحاد أنيلي بونتنباخ، شدّدت على ضرورة ألا يؤدّي الحديث عن “تغيير المسار” إلى الخلط بين قانون اللجوء وقانون الهجرة الذي تعمل عليه الحكومة الألمانية. وأضافت بونتنباخ لصحيفة “نوين أوسنابروكر تسايتونغ” أنه “يجب أن تستمر ألمانيا باستقبال الأشخاص الهاربين من الحرب والاضطهاد، وأن تمنحهم تطلعات للبقاء فيها”.
وكان الائتلاف الحاكم بألمانيا المكون من الحزب الاشتراكي الديمقراطي والاتحاد المسيحي بزعامة ميركل وافق في مطلع شهر تموز/ يوليو الماضي بناء على طلب الاشتراكيين على تمهيد الطريق لقانون الهجرة هذا العام من أجل جذب قوى عاملة متخصصة على نحو هادف، إلا أن القانون لم يصل لصيغته النهائية بعد، رغم وضع النقاط الأساسية فيه.
المصدر: مهاجر نيوز – محي الدين حسين
اقرأ أيضاً: