تقرير: رشا الخضرا*
قامت رابطة “التبادل الثقافي السوري الألمانيVerein der Förderer deutscher und syrischer Kultur e.V” بالتعاون مع WDR Cosmo مهرجاناً أدبياً بعنوان “الأدب ضد الاستبداد Literatur gegen Willkür“، على مدى يومين 16 و17 من شهر أكتوبر، دعي إليه كل من الكتاب السوريين: ياسين الحاج صالح، حامد عبود، عمر قدّور وغياث المدهون.
افتتح السيد “جبار عبد الله” مدير الرابطة المهرجان بشرح دور الأدب في محاربة الاستبداد، ومدى تفاعل الأدباء والكتاب السوريون في المهجر مع ما يحدث في وطنهم عن طريق الكتابة، وأهمية الكتابة عمّا يحدث في سوريا داخل الأوساط الأدبية والشعرية في دول اللجوء.
توالت القراءات باللغة العربية على لسان الكتاب، مع قراءة مرافقة للترجمة الألمانية. كان إقبال الجمهور الألماني لسماع قراءات الأدب العربي ملفتاً، كما فضولهم لمعرفة المزيد عن الواقع السوري وحالة الصراع الدائر مع الديكتاتورية من خلال رؤية هؤلاء الكتاب.
بعد قراءته لآخر قصيدة كتبها: “أريد أن أقود دبابة” قال الكاتب “حامد عبود“، أنه توقف عن كتابة الشعر وهو في الداخل السوري، وتحول إلى كتابة نصوص سردية. وقد صرّح لأبواب أن توقفه عن كتابة الشعر كان قسرياً بسبب الحالة السورية التي فرضت نفسها عليه وعلى الكثير من السوريين، رغم أن تلك القصيدة خرجت كحالة هوس لتحليل الوضع الراهن، على حد تعبيره، ولو كانت موجهة إلى حبيبة من قبل جندي في تخيل لما يدور في رأسه! كما ذكر “عبود” أن كتابه: “الموت يصنع كعكة عيد الميلاد” الذي يبدأ بتلك القصيدة الأخيرة، ويسرد في نصوصه مراحل رحلة الهروب ومن ثم الوصول إلى بلد اللجوء ومحاولة البدء من جديد، كان هدفه محاولة إنشاء أمل بسيط للاجئ الذي مرّ بنفس المراحل لتخطي الصعوبات، وإعطاءه الشعور بالمشاركة وتفهم ما مر به. والكاتب “حامد عبود” وصل النمسا نهاية العام 2012.
طرح الكاتب والمعارض السياسي المعروف “ياسين الحاج صالح” في نصه: “معضلة الحب والكره”، تمازجهما وتوازيهما في كل حالات الحياة، وفي داخل قلب وعقل الإنسان، وما لذلك من تأثير على دعم أو قمع أي فكر أو حتى طاغية. “ياسين الحاج صالح” اعتقل لسنوات طويلة وغادر سوريا أواخر 2013. وقد تم اختطاف زوجته الناشطة والمعتقلة السابقة “سميرة خليل”، وكتب لها رسائل جميلة وعميقة نُشرت وترجمت، لكنه لم يشأ أن يتحدث عنها في تلك الأمسية.
في اليوم الثاني سرد الكاتب والشاعر والروائي السوري “عمر قدور” 1966، على شكل قصيدة بعض ما مر به، وخاصة بعدما بحث مرة عن اسمه على الانترنت فوجد جنازتين في مدينتين سوريتين مختلفتين لشخصين يحملان نفس اسمه على اليوتيوب! والناس تدعو فيهما لتشييع الشهيد “عمر قدور”! فنظم قصيدة من وحي هذه الواقعة، بطريقة سلسلة مؤثرة لامست الكثير من الحضور. وذكر “قدّور” أن الكتابة هذه هي نوع من الذاكرة التي يعتبر نفسه ابناً لها، ويرى في الأجيال القادمة أبناءً لما يكتب اليوم، وبهذا المعنى يكون الأدب سلاحاً للبشرية، وتعميقاً لنظرتنا في كثير من القضايا. وقد ذكر لأبواب أن ما يكتبه من روايات مبني على أحداث حقيقية ومعاناة عايش بعضاً منها، كما أنه روى عن مأساة القصف بالسلاح الكيماوي لتذكير البشرية بما حدث وأخذ موقف منه. يعيش الشاعر في فرنسا منذ العام 2014.
الكاتب السوري “غياث المدهون” تورّط في عالم الشعر دون أن يتقصد ذلك، كما عبّر، لكن حالة الحب دفعته إلى هذا المكان قبل بدء الثورة السورية. يقول أنه لا يمكن فصل السياسة عن أي أمر آخر في الحياة، لذلك كان من الطبيعي أن ينعكس الوضع السوري على كتاباته، حال كل شاعر في كل مكان، حيث ينعكس واقع بلده السياسي على ما يكتبه. و”غياث المدهون” شاعر فلسطيني يعيش منذ العام 2008 في ستوكهولم.
من الملفت ما ذكرته مترجمة الأدب العربي والناشطة “لاريسا بندر” لأبواب أن هناك اهتماماً كبيراً بالأدب العربي في ألمانيا بسبب أعداد اللاجئين الذين قدموا من كتاب وفنانين، كما بدأ العديد من اللاجئين يبدون اهتماماً بالكتابة كنوع من التعبير عمّا مرّ بهم، ورغبةً منهم في الحفاظ على الذاكرة وعدم النسيان أو كنوع من العلاج النفسي والتنفيس عمّا يجول في صدورهم. الجدير بالذكر أن السيدة “لاريسا بندر” رُشّحت مع الكاتب السوري “حامد عبود” في القائمة القصيرة للجائزة الدولية للأدب للعام 2017 كمترجمة لكتابه: “الموت يصنع كعكة عيد الميلاد”، كما مًنحت وسام الدولة من الدرجة الرفيعة من قبل الرئيس الألماني من بين 29 شخصية ثقافية تقديراً لها ولمساهماتها في الترجمة وفي بناء جسور ثقافية بين العالم العربي وألمانيا.
*إعلامية سورية مقيمة في ألمانيا
خاص أبواب
اقرأ/ي أيضاً: