بقلم عبد الرزاق حمدون*
في أغنية مشهورة للراحلة أسمهان بعنوان “ليالي الأُنس في فيينا” نظراً لجمال هذه المدينة وطبيعتها، تأخذك أسمهان بصوتها الجميل إلى شوارع عاصمة النمسا الجميلة، لو أردنا أن نطبق هذه الأغنية على واقع رياضي حالي لن نجد أجمل من الدوري الانكليزي الممتاز لما قدّمه لكرة القدم في الفترة الأخيرة.
حرارة المنافسة في البريميرليغ هذا العام لم تقتصر على الناحية المحلّية، فصراع الصدارة المحتدم بين مانشسترسيتي وليفربول والمراكز المؤهلة لدوري الأبطال بين توتنهام وتشيلسي وأرسنال، لتنتقل إلى الساحة الأوروبية ونشاهد ولأول مرّة في التاريخ أربع أندية من نفس البلد سيتواجدون في نهائين أوروبيين “دوري الأبطال” بين توتنهام وليفربول، و”اليوروباليغ” بين تشيلسي وأرسنال، كيف عادت انكلترا بقوّة لأوروبا!.
مدارس كروية ومدربين كبار
تواجد الأندية الأربعة لم يكن صدفة، فمن يتابع الدوري وإحصائيات الأندية يعينا فكرة كاملة عن التطوّر، كثرة المدربين العباقرة في هذا الدوري أضاف الكثير لقوّة الأندية، غوارديولا كلوب بوتشيتينو سارّي إيميري نونو سانتوس وبينيتيز وبيليغريني وسيلفا وقبلهم مورينيو وكونتي وفينغر، كل من هذه الأسماء لها مدرستها وأسلوبها الخاص، تطورت الكرة هناك بشكل ملحوظ ومن ثم تحوّلوا إلى الخارطة الأوروبية، في مقال سابق لموقع bbc يعود لعام 2017 كتبه الأسطورة الانكليزية “آلان شيرر” قال: أنّ توافد الكم الهائل من المدربين إلى انكلترا سيأتي بالفائدة للبريميرليغ وسيصل بهم إلى نهائي الأبطال وذكر خلالها الألماني كلوب كيف أوصل بوروسيا دورتموند إلى نهائي 2013 وقال أن سيعيد هذا مع ليفربول.
تفوّق انكلترا في جميع النواحي
في السابق كان السبب الأول لتراجع الأندية الانكليزية أوروبياً كان كثرة المباريات في الرزنامة، ومع إصرار الاتحاد الانكليزي على عدم التغيير تأقلمت الأندية بهذا الوضع وأوجد المدربون حلّاً واضحاً، العامل البدني أصبح أساسياً بشكل أكبر ليصبح اللاعب هناك يستطيع لعب مباراة كل 3 أو 4 أيام أي بمعدل مباراتان أسبوعياً، هذا ما جعل الأندية الاعتياد على الرتم القوي من المباريات.
التحدّي في الدوري الممتاز انتقل إلى أوروبا، روح المنافسة وعدم تقبل الهزيمة ما جعل ليفربول يعود من بعيد، وتوتنهام يقدّم ملحمة أسطورية في هولندا، وتشيلسي وأرسنال ضمان اليوروباليغ للتأهل لدوري الأبطال.
تقدّم انكلترا فنّياً وتقنياً عن باقي الدوريات، في مباراتي ليفربول وتوتنهام تواجد العنصران، كلوب تفوّق على برشلونة بتفصيل تقني صغير عبر فيديوهات الاعادة التي كشف من خلالها ثغرة برشلونة في التمركز الدفاعي عند أي خطأ يحصل، وبوتشيتينو القوي فنّياً وكيف قلب المباراة مع أياكس في الشوط الثاني بخدعة يورنتي.
دمج الثروة بالإنفاق الذكي
في مقال سابق عام 2015 من موقع the teleghraph خمسة طرق لتعود انكلترا إلى المنافسة أوروبياً، ذكر من خلاله أن دمج الثروة مع الإنفاق الذكي، ما يعرف عن أندية انكلترا هو القوّة الاقتصادية، لكن كيف يجب أن تصرفها؟.
ليفربول مع كلوب أجرى العديد من الصفقات بعضها كلّف الكثير مادياً لكنه أعطى الفائدة في الميدان “فان دايك- صلاح- اليسون- كيتا- شاكيري-فيرمينيو”، توتنهام مع بوتشيتينو كان أقل صرفاً لكن أكثر وقعاً “يورنتي ولوكاس مورا” اللاعبان اللذان أوصلا السبيرز لأول مرّة بتاريخه إلى نهائي دوري أبطال أوروبا، أرسنال مع ايمري “لاكازيت” وثنائيته مع أوباميانغ قادا الغانرز إلى نهائي اليوروباليغ.
يبقى أن نذكر عامل هام وسنتحدث عنه لاحقاً، تطور المواهب وكثرتها في انكلترا خلق جواً من المنافسة بينها.
لانكلترا ودوريها الفضل الكبير بتطوّر كرة القدم بجميع النواحي، لنعود لأغنية أسمهان ليالي الأنس في انكلترا ودوريها ستبقى خالدة في الأذهان.
*صحفي رياضي مقيم في ألمانيا
مواد أخرى للكاتب: