مباراة من 90 دقيقة فقط وبعدها ينتهى الأمر، هي ليست سوى كرة مطاطية ويجري خلفها 22 لاعباً ويتعرضون للضرب وربما ينتقل بينهم الأمر لمشاحنات وشجار، هي مهنة لبعض اللاعبين ولبعضهم الآخر مجرد مضيعة للوقت، هم ليسوا آلات مجرّدة من كل شيء.
اذا كنت من أصحاب الرأي السابق فعليك ألا تكمل ما ستراه في هذا المقال، لأن كرة القدم في عصرنا هذا أصبحت أكثر منصة ينشغل العالم بها، بل تصلح أموراً بعيدة عن المستطيل الأخضر وربما تأخذ منحى أبعد من معناها الرياضي، كرة القدم يا عزيزي تطوّرت عن أيام زمان لم يعد المدرب واللاعب كـ موظفين وفقط بل تطوّر بهم الحال ليتحوّلوا مصدر للثقة في النفس وربما حالة تشرح بعض النواحي النفسية التي وبالرغم من ابتعادها عن الرياضة إلا أنّ قربها أصبح ملموس للجميع.
مقدمة مناسبة لما سيأتي لاحقاً، في الأعوام القليلة الماضية أثبتت كرة القدم أنّها مرتبطة بكل شيء نعم كُل شيء بالمعنى الحرفي، لكن أبرز تلك النواحي والتي تطفو على سطح الصحافة الرياضية هو تأثر اللاعبين والمدربين واللعب على العامل النفسي الذي ربما يُظهر فارقاً كبيراً في التألق أو التراجع، أحداث كثيرة عشناها عبر الجلد المدّور ولعل حادثة تألق الفرنسي بول بوغبا مع ناديه مانشستر يونايتد هي آخرها، قصّة تحمل الكثير من المعاني النفسية ومعاناته سابقاً مع البرتغالي جوزيه مورينيو وكيف أصبح بوغبا مع المدرب الجديد “سولشاير” نجماً للشبّاك ليس فقط في الأولد ترافورد إنما في انكلترا كلها، ربما يعتبر البعض أن بوغبا انقلب على مورينيو وكان وراء خروج الأخير من الباب الضيّق وأن هذا ليس من صفات النجوم الكبيرة، لكن في الحقيقة أُثبت مؤخراً أن راحة اللاعبين وشعورهم بالأمان من مدربيهم هو مفتاح نجاح أي مدرب في هذا المعترك الكروي، هي معادلة تكمل بعضها البعض، المدرب هو من يصنع اللاعب وتألق اللاعب هو من يصنع المجد للمدرب، نعم هذا هو علم النفس الرياضي الذي يغفل عنه الكثير من المتابعين.
أمثلة كثيرة حول العامل النفسي المرتبط بكرة القدم، لعل ما فعله كلوب مع ليفربول هذا العام مثالاً واضحاً لتحويل المصالح الشخصية لبعض اللاعبين إلى مصلحة الفريق بشكلٍ عام.
في محاضرة أخيرة أجراها الإسباني بيب غوارديولا مدرب مانشستر سيتي تحدّث بها عن عامل “التحفيز للاعبين”، وتطرّق لموضوع هام جداً وهو كيفية إقناع اللاعبين في الفوز دائماً وحصد المزيد من الألقاب وضرب مثالاً حينها عن أسطورة التنس روجر فيدرر وحبه للعبته التنس هو أكبر حافز له، لكن المدرب الكتالوني نسي ما فعله زيدان في ريال مدريد في ثلاثة أعوام متتالية وكيف تمكّن زيزو من زرع شخصية البطل للاعبيه بثقتهم به وثقته بهم.
عبدالرزاق حمدون* صحفي رياضي مقيم في ألمانيا