فاز أستاذ القانون الدستوري قيس سعيد في الانتخابات الرئاسية في تونس متقدماً بفارق كبير على منافسه رجل الأعمال نبيل القروي، بحسب نتائج استطلاعين للرأي نشرا الأحد.
ووفقاً لنتائج الاستطلاع الذي أجرته مؤسسة “سيغما كونساي” فقد نال قيس سعيد 76,9 في المئة من الاصوات مقابل 23,1 في المئة للقروي.
كما أكد استطلاع آخر للرأي نشرته مؤسسة “ايمرود كنسيلتنغ” حصول سعيد على 72,5 في المئة من الأصوات وحصول القروي على 27,5 في المئة.
ومباشرة شكر سعيّد الشباب الذي “فتح صفحة جديدة في التاريخ”، في أول تصريح صحافي له إثر اعلان نتائج الاستطلاعات.
وقال سعيّد (61 عاماً) في مؤتمر صحافي بفندق مطل على شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة “أشكر الشباب الذي فتح صفحة جديدة في التاريخ”.
وتابع بصوته الجهوري “سأحمل الأمانة…الشعب يريد”، وهو الشعار الذي رفعه التونسيون خلال الثورة التي أطاحت بنظام الرئيس الأسبق الراحل زين العابدين بن علي في العام 2011.
صوّت لفائدة “سعيد” الذي يلقب ب”الأستاذ” تسعون في المئة من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و25 عاماً، وفقاً لتقديرات “سيغما”.
وأكد قيس سعيد الذي يملك خبرة سياسية “أحترم كل من اختار بكل حرية (…) انتهى عهد الوصاية وسندخل مرحلة جديدة في التاريخ”.
وتابع “قدمتم درساً للعالم وأبهرتم العالم، أشكركم من أعماق الأعماق”، مضيفاً “نحن في حاجة الى تجديد الثقة بين الحاكم والمحكومين”.
وأعلن سعيّد أن القضية الفلسطينية ستكون ضمن أولوياته في الخارج، مبيناً “سنعمل في الخارج من أجل القضايا العادلة وأولها القضية الفلسطينية”.
وتجمع الآلاف من أنصار قيس سعيد في شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة إثر اعلان نتائج الاستطلاعات وهتفوا “الشعب يريد قيس سعيّد” و”تحيا تونس”، مرددين النشيد الوطني التونسي.
ويقول بوصيري العبيد (39 عاماً) “هذا يوم تاريخي، سيكون قيس سعيّد رئيساً بحق وسيقضي على الفساد”.
وأطلق المحتفلون الألعاب النارية ورفعوا صور سعيّد في الشارع الذي كان مسرحاً لاحتجاجات التونسيين في ثورة 2011.
من جانبه انتقد منافسه نبيل القروي القضاء لتوقيفه 48 يوماً قبل الحملة الانتخابية وخلالها.
وقال للصحافيين في مؤتمر صحافي في مقر حملته بالعاصمة تونس “حالة فريدة من نوعها في تاريخ الديمقراطيات (…) سندافع، سجن البارزين (المرشحين) سهل”.
وهنأت حركة “النهضة” ذات المرجعية الاسلامية قيس سعيد ودعت أنصارها “للالتحاق والاحتفال مع الشعب التونسي بشارع الثورة” في وسط العاصمة.
وأعلنت الهيئة العليا للانتخابات أن نسبة المشاركة بلغت 57,7 في المئة في 70 في المئة من مراكز الاقتراع، متجاوزة بذلك النتائج الإجمالية في الدورة الرئاسية الأولى والانتخابات النيابية.
ويرى مراقبون ان المناظرة التلفزيونية التي جمعت المتنافسين الجمعة كان لها الفضل في ترجيح كفة سعيد الذي بدا خلالها واثقاً ومقنعاً أمام منافسه القروي الذي فقد تركيزه في فترات.
“الشعب يريد”
وتمكن قيس سعيد الذي يتبنى أفكاراً اجتماعية محافظة من تصدر الدورة الاولى من الانتخابات الرئاسية التي جرت في 15 أيلول/سبتمبر حيث حصد 18,4 في المئة من الأصوات.
وأثار سعيد الجدل منذ إعلان ترشحه للرئاسة لقلة المعلومات عنه ولقربه من شخصيات سياسية محافظة. واعتبره البعض يسارياً فيما صنّفه آخرون بالإسلامي المحافظ.
وتداولت مواقع التواصل الاجتماعي العديد من مقاطع الفيديو التي تظهر بعض التوجهات والأفكار للرجل الذي يدافع بشدة عن لامركزية القرار السياسي وضرورة توزيع السلطة على الجهات ويتبنى شعار الثورة “الشعب يريد” و”شغل حرية كرامة وطنية”.
ويدعو سعيد لانتخاب مجالس جهوية تعيّن بدورها ممثلين لها “من أجل أن تصل إرادة الشعب للسلطة المركزية، ومقاومة الفساد”.
وهو ظهر في نوايا التصويت في استطلاعات الرأي في الربيع الفائت لكونه شخصية خارج نظام الحكم والسياسيين وقريبة من التونسيين الذين ملّوا نظام الحكم وممثليه.
ولرئيس البلاد صلاحيات محدودة بالمقارنة مع تلك التي تمنح لرئيس الحكومة والبرلمان. وهو يتولى ملفات السياسة الخارجية والأمن القومي والدفاع خصوصاً.
“مشاورات”
وأفرزت الانتخابات التشريعية التي جرت الأحد الفائت برلماناً بكتل مشتتة. وتلوح في الأفق بوادر مشاورات طويلة من أجل تحالفات سياسية لأن حزب النهضة” الذي حل في الصدارة ب52 مقعداً لا يستطيع تشكيل حكومة تتطلب مصادقة 109 نواب.
وأعلن رئيس حركة “النهضة” راشد الغنوشي الأحد بدء حزبه بمشاورات لتشكيل الحكومة، وقال للصحافيين إثر تصويته “بدأنا مشاورات مع كل الأحزاب الناجحة”.
وإثر وفاة الرئيس السابق الباجي قايد السبسي في 25 تموز/يوليو الفائت، نظمت في البلاد انتخابات رئاسية مبكرة في 15 أيلول/سبتمبر على أن يتم انتخاب الرئيس قبل 25 تشرين الأول/أكتوبر الحالي وفقاً لما ينص عليه الدستور التونسي.
ودخلت البلاد منذ ذلك التاريخ في موسم انتخابي وفي تنافس محتدم بين الأحزاب والمرشحين للرئاسية.
وأثّر توقيف القروي بتهم غسل أموال وتهرب ضريبي في 23 آب/أغسطس الفائت على حملته الانتخابية، لكن تم إطلاق سراحه قبل موعد الاقتراع للدورة الثانية بأربعة أيام.
ودعت “النهضة” قواعدها الى التصويت لسعيد بعد أن أعلن القروي رفضه أي تحالف وتوافق معها مستقبلاً، واتهمها بالوقوف وراء سجنه.
ونظمت تونس ثلاثة انتخابات خلال شهر انطلاقاً من الدورة الرئاسية الأولى في 15 أيلول/سبتمبر مروراً بالنيابية الأحد الفائت وصولاً الى الرئاسية الثانية.
المصدر: (فرانس برس)
اقرأ/ي أيضاً:
لأول مرة في دولة عربية… بن سلمان يلاقي ما يليق به من شعب تونس
تونس: حزب النهضة أولاً في البرلمان قبل جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية
حرية الصحافة في البلدان العربية: تونس إلى الأمام بثبات وباقي البلدان في تراجع