كشفت صحيفة “يسرائيل هيوم” العبرية، الثلاثاء، عن تسريبات جديدة وخطيرة بشأن ملامح خطة السلام الأمريكية لإنهاء النزاع الفلسطيني الإسرائيلي المعروفة بـ”صفقة القرن”، تتضمن منح مصر بعض أراضيها للفلسطينيين وتحميل الخليج العربي 70% من تكلفة تنفيذ الخطة.
وأوضحت الصحيفة العبرية، المقربة من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن الوثيقة تم تداولها ليلة الاثنين/الثلاثاء بين مسؤولي الخارجية الإسرائيلية، لافتةً إلى أنها تضمنت بنوداً تفصيلية من الخطة بما يدعم صدقيتها، وإن كانت الصحيفة تقر بتناقض بعض ما جاء بها مع تصريحات سابقة لكبير مستشاري البيت الأبيض جاريد كوشنر ومبعوث واشنطن للشرق الأوسط جيسون غرينبلات. وكان كوشنر قد أعلن في وقت سابق أنه سيعلن عن الصفقة مباشرة بعد شهر رمضان.
“فلسطين الجديدة”
وعرضت الصحيفة عشرة بنود من الوثيقة التي زعمت الحصول عليها، ونفت معرفتها من كتبها، وهي: أولاً الاتفاق، يوقع اتفاق ثلاثي بين إسرائيل ومنظمة التحرير وحماس، بقيام دولة فلسطينية يطلق عليها “فلسطين الجديدة” على أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة من دون المساس بالمستوطنات اليهودية القائمة بها. ثانياً إخلاء الأرض، تنص الوثيقة على بقاء الكتل الاستيطانية كما هي بيد إسرائيل، على أن تضم إليها المستوطنات المعزولة مع مد مساحة الكتل الاستيطانية وصولاً إلى المستوطنات المعزولة.
والجمعة الماضية، 3 مايو، أكد كوشنر أن الخطة التي عكف على وضعها طوال عامين ستعلن في يونيو/حزيران المقبل، أي بعد انتهاء شهر رمضان. وأضاف أن الخطة “لن تأتي على ذكر قيام دولتين لأنه موضوع خلافي”، مشيراً إلى أن دولاً عربية رفضت القبول بالفلسطينيين لاجئين لديها أو منحهم أرضاً، وهو ما يتعارض مع فحوى هذه الوثيقة.
ثالثاً القدس، وتقول التسريبات إنها لن تقسم وستكون مشتركة بين إسرائيل وفلسطين الجديدة، لكن مع نقل السكان العرب إلى فلسطين الجديدة فلا يكونون إسرائيليين بعد. وتصبح بلدية القدس مسؤولة عن جميع أراضي القدس باستثناء التعليم الذي تتولاه سلطة فلسطين الجديدة التي ستدفع لبلدية القدس اليهودية ضريبة الأرنونا (رسوم الأملاك) والمياه.
وتشترط الوثيقة المزعومة عدم السماح لليهود بشراء المنازل العربية والعكس، مع عدم ضم مناطق إضافية إلى القدس، وبقاء وضع الأماكن المقدسة كما هي عليه اليوم.
وبشأن غزة، تمنح مصر أراضيَ لفلسطين الجديدة لإقامة مطار ومصانع وأنشطة تجارية وزراعية، دون السماح للفلسطينيين بالسكن فيها. أما عن مساحة الأراضي وثمنها فيتفق عليهما الطرفان (المصري والفلسطيني) بوساطة الدول المؤيدة للخطة.
خامساً، الدول المؤيدة، وهي الدول التي وافقت على رعاية تنفيذ الاتفاق ودعمه اقتصادياً وهي: الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول الخليج المنتجة للنفط”. وبحسب الصحيفة العبرية، ترصد هذه الدول 30 مليار دولار أمريكي للخطة، على مدى خمس سنوات لتنفيذ مشاريع تخص فلسطين الجديدة. في حين تلتزم تل أبيب تحمل تكلفة إخلاء المستوطنات تمهيداً لضمها إليها.
سادساً، توزيع المساهمات بين الدول الداعمة، حيث تتحمل الولايات المتحدة 20٪ من تكلفة تنفيذ الخطة، والاتحاد الأوروبي 10٪، مقابل70٪ تتكفل بها دول الخليج المنتجة للنفط، وتتوزع مساهماتها بحسب إمكاناتها النفطية. وفسرت الصحيفة تحميل الدول النفطية العربية غالبية تكلفة الخطة بأنها تعد الرابح الأكبر من إتمام هذا الاتفاق.
سابعاً، الجيش، لا يحق “لفلسطين الجديدة” أن يكون لها جيش، والسلاح الوحيد المسموح به داخلها هو سلاح الشرطة فقط. في المقابل، يوقع اتفاق بين إسرائيل وفلسطين الجديدة تتولى الأولى بموجبه الدفاع عن الأخيرة ضد أي عدوان خارجي، شريطة أن تدفع فلسطين الجديدة لإسرائيل ثمن هذه الحماية، ويحدد هذا الثمن بالتفاوض.
ثامناً، الجداول الزمنية ومراحل التنفيذ، تشترط الوثيقة تفكيك حماس وتخليها عن جميع أسلحتها بما في ذلك السلاح الفردي والشخصي لقادة حماس وتسلم جميعها لمصر عند توقيع الاتفاقية. ويحصل قادة حماس على رواتب شهرية من الدول العربية عوضاً عن ذلك.
فضلاً عما سبق، تفتح حدود قطاع غزة للتجارة العالمية من خلال المعابر الإسرائيلية والمصرية، وتُفتح سوق غزة مع الضفة الغربية عن طريق البحر. وبعد عامٍ من الاتفاق، تعقد انتخابات ديمقراطية في فلسطين الجديدة يسمح فيها لكل مواطن فلسطيني بالترشح واختيار الحكومة.
وبعد عامٍ من الانتخابات المشار إليها، يطلق سراح جميع الأسرى الفلسطينيين تدريجياً على مدى ثلاث سنوات. ويتم، في غضون خمس سنوات، إنشاء ميناء بحري ومطار لفلسطين الجديدة، التي يسمح لها، حتى ذلك الحين، باستخدام مطارات الدولة العبرية وموانئها.
في الأثناء، تبقى الحدود بين فلسطين الجديدة وإسرائيل مفتوحة أمام مرور المواطنين والبضائع كما هو الحال بين أي دولتين “صديقتين”.
كذلك يقام جسر معلق يرتفع عن سطح الأرض 30 متراً يربط بين غزة والضفة الغربية، توكل مهمة إنشائه لشركة من الصين، التي تشارك في تكلفته بنسبة 50%، واليابان 10%، وكوريا الجنوبية 10%، وأستراليا 10%، وكندا 10%، وأمريكا والاتحاد الأوروبي 10%.
تاسعاً، غور الأردن، يظل وادي الأردن في أيدي إسرائيل كما هو الحال اليوم، وسيتحول الطريق 90 إلى طريق من أربعة مسارات، تشرف إسرائيل على شقه، على أن يخصص منه مسلكان للفلسطينيين يربطان فلسطين الجديدة مع الأردن.
عاشراً، ما يتعلق بالعقوبات، في حال رفض حماس ومنظمة التحرير الصفقة، تلغي الولايات المتحدة كل دعمها المالي للفلسطينيين وتبذل جهدها لمنع أي دولة أخرى من دعم الفلسطينيين مالياً.
أما إذا وافقت منظمة التحرير الفلسطينية على الاتفاق، ورفضته حركة حماس أو الجهاد الإسلامي، فيتحملان المسؤولية عن أي مواجهة عسكرية مع إسرائيل، التي ستدعمها الولايات المتحدة لإلحاق الأذى شخصياً بقادة حماس والجهاد الإسلامي.
لكن إذا رفضت إسرائيل الصفقة، توقف واشنطن الدعم الاقتصادي لها.
ونوهت الصحيفة العبرية في نهاية تقريرها برفض من وصفته “مسؤول كبير بالبيت الأبيض” التعليق على ما ورد في تقريرها، قائلاً “لن نرد على تكهنات غير دقيقة ولا فائدة منها”.
موقف فلسطيني ثابت: لا تراجع ولا استسلام
وفي أول رد فعل لها على هذه التسريبات، أكدت منظمة التحرير الفلسطينية، في بيان الثلاثاء، أن ممارسات سلطة الاحتلال الإسرائيلي الأخيرة، بتكثيف عدوانها ضد غزة، هدفها فرض الاستسلام على القيادة الفلسطينية والشعب الفلسطيني، تحت غطاء الخطة الأمريكية، لا سيما في ظل تردد بعض المواقف الدولية تجاه ما يحدث هناك.
ودعت المنظمة، وفق ما نقلته وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إلى تهيئة الأجواء على الصعيد الدولي، لاستئناف جهود إحلال السلام الدائم والعادل في المنطقة انطلاقاً من قرارات الشرعية الدولية بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وحل قضية اللاجئين وفق القرار 194 ومبادرة السلام العربية.
وجددت المنظمة تأكيدها أن واشنطن لم تعد مؤهلة لتلعب دور الوسيط النزيه، بعد تجلي انحيازها لصف الاحتلال الإسرائيلي، مطالبةً بحماية “دولية” للشعب الفلسطيني.
موقف مصري غامض
لم تعلق مصر رسمياً على التسريبات التي تمسها بشكل مباشر، لكن علاء مبارك، نجل الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك، غرد عبر حسابه على تويتر، الاثنين، قائلاً : “التشكيك في صفقة القرن وما أثير حولها في غير محله. مصر دولة قوية ولديها جيش يحميها وحررت كل أراضيها وماضية في تعمير سيناء”.
الملاحظ أن صحيفة الأهرام الرسمية المصرية، تغاضت عن ذكر مصر ضمن عرضها أحدث تسريبات “صفقة القرن”، مشيرةً إلى أن المطار وقطاع المصانع مزمع انجازهما في غزة لا في مصر.
في سياق متصل، قال عمرو الديب، الخبير السياسي المصري والمحاضر في جامعة لوباتشيفسكي بمدينة نيجني نوفغورود الروسية، لموقع روسيا اليوم “على الحكومة المصرية تكذيب هذه التسريبات، لأن ما يحدث في سيناء منذ عام 2014، لا يعطي أي انطباع على موافقة مصرية على ما يسمى بصفقة القرن”.
المصدر: رصيف22
مواد أخرى من رصيف22: