تناولت الصحف الألمانية خطاب الرئيس التركي إردوغان بشأن التحقيقات حول مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي بقنصلية بلاده في مدينة إسطنبول. السؤال الرئيسي المطروح هنا، هل نجح إردوغان بذلك في دق إسفين دخل القصر الملكي السعودي؟
صحيفة “فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ” كتبت تقول:
“لم يزداد المرء معرفة بعد خطاب الرئيس التركي، فالتفاصيل التي أعلن عنها إردوغان في قضية خاشقجي لم يقدمها… والأمر لا يتعلق بكل حال بالمصير الشخصي لخاشقجي المسكين. إردوغان الذي لا تغتال بلاده صحفيين منتقدين، بل تفضل حبسهم يرى في القضية على ما يبدو فرصة لإضعاف خصمه الأكبر، فتركيا والعربية السعودية تتنافسان من أجل القيادة في العالمين العربي والإسلامي، وسبق أن تخاصمتا بسبب الخلاف حول قطر. إردوغان يمثل الخط الإسلامي، والقصر الملكي السعودي يتبع نهجاً استبدادياً ينطوي مؤخراً على انفتاح ديني واجتماعي طفيف، أما الهدف من ذلك فهو الدفع إلى مزيد من النمو بعيداً عن النفط. وأن يكون ولي العهد محمد بن سلمان، مهندس الاستراتيجية السعودية الجديدة وسط الفضيحة، فهذا يروق بالطبع لإردوغان. والغرب ليس له في هذه اللعبة خيارات جيدة. فالرئيس الأمريكي لا يريد إلحاق الضرر بأولوياته الشرق أوسطية (مبيعات الأسلحة، وتحجيم إيران ومساندة إسرائيل)، لكنه ليس أمام مهمة سهلة بسبب حجم الاتهامات. وفي أوروبا يُنظر إلى الكل لاسيما من زاوية الأخلاق كما يعكس الجدل الألماني حول صادرات الأسلحة. وأن تعود العربية السعودية إلى الأوقات التي غذت فيها تأويلات متطرفة للإسلام وصدرتها، فهذا لن يكون على كل حال في مصلحتنا”.
صحيفة “باديشه تسايتونغ” كتبت بهذا الشأن تقول:
” إردوغان يرغب في وضع إسفين بين الملك السعودي سلمان وابنه الذي كان حسب المعطيات الآمر بتنفيذ القتل. وعوض المراهنة على المال يشدد إردوغان على سقوط ولي العهد الذي جعلت منه سياسته الخارجية العنيفة الخصم المباشر للرئيس التركي. ومن أجل ذلك يحتاج إلى مساندة الرئيس الأمريكي ترامب. وليس من الصدفة أن يراهن مجدداً على تعاون وثيق مع الولايات المتحدة الأمريكية. وسيتم إشراك وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية في التحقيقات لإقناع ترامب بأن سياسته في الشرق الأوسط مع ولي العهد لم تعد ممكنة. فإردوغان يريد إذن استغلال قضية خاشقجي لتلميع سمعته الدولية وتطبيع علاقته مع ترامب والتخلص من منافس في الشرق الأوسط. وإذا تحقق هذا، فإنه سيكون ذو قيمة أكبر من المال السعودي”.
” كيف يمكن لقصر ملكي أن يعرض نفسه للسخرية بهذه الطريقة”، جاء في تعليق لموقع “شبيغل” الإلكتروني:
“الملك ميداس أراد أن يتحول كل شيء يلمسه إلى ذهب. لكن هذا انطبق على المشروبات والمأكولات التي كان يلمسها ميداس. وعانى فجأة من الجوع والعطش، لأنه لم يفكر في العواقب التي يجلبها قراره. هذه هي الأسطورة التي قد تنجلي متابعتها بشكل جميل على بيت آل سعود وبصفة ملموسة على ولي العهد الحالي في العربية السعودية…لأن ما يأخذه في يده يتحول دوماً بنفس الطريقة. فقط أنه لا يتحول إلى ذهب. فما فعله محمد بن سلمان في السنوات الأخيرة على مستوى السياسة الخارجية تحول في كل مرة إلى كارثة مع مقدمة… والآن جاء الاغتيال المفترض لجمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية باسطنبول…الكثير كُتب في الأيام الماضية حول الدوافع الأخلاقية وراء مقتل خاشقجي. لكن يوجد مكون جوهري في اتخاذ القرار يتم التقليل من شأنه بسهولة في معناه المركزي لتحركات محمد بن سلمان: الغباء. غباء غير معقول وبلا حدود. ميداس الآخر الذي يفسد كل ما يلمسه أكثر مما كان عليه”.
صحيفة “أوسنابروكر تسايتونغ” تلفت الانتباه إلى الحرب في اليمن وصادرات الأسلحة من ألمانيا، وكتبت تقول:
” تقف العربية السعودية في قفص الاتهام، لكن حتى ألمانيا سقطت في قضية الصحفي السعودي المقتول جمال خاشقجي. إنه لمن المخزي أن تحصل أولا هذه القضية المحزنة كي تراجع الحكومة في برلين صادرات الأسلحة إلى السعوديين. وسبق أن وُجدت أسباب وجيهة لوقف تلك الصادرات. فنظام الرياض يقود حملة دموية في اليمن. لكن بإمكان السعوديين أن يفرحوا بحصولهم على قوارب خفر للسواحل وأنظمة رادار جديدة من إنتاج ألماني. ولا يمكن أن تستمر هذه الحال. فكيفما كانت أهمية العربية السعودية كشريك اقتصادي وقوة مضادة إقليمية لإيران، لا يمكن السماح لمخترقي حقوق الإنسان في الرياض بارتكاب مزيد من الجرائم الدموية”.
المصدر: دويتشه فيلله – ر.ز/ م.أ.م
اقرأ/ي أيضاً: