هو ديفيد هيربرت لورنس، روائي إنكليزي رومانسي، شاعر وكاتب مسرحي وناقد أدبي ورسام، مبدع مثير للجدل ولد العام 1885 واشتهر بكتابته الصادمة التي تتناول صراعات الجسد والروح والتي تهاجم الأخلاق الفيكتورية المتزمتة وتتحدث في المحرمات الطبقية في الفترة التي تلت عهد إدوارد في إنكلترا.
رواياته التي تحفل بالتماسك العاطفي والمزاجية والصراحة الجنسية تتحدّث عن أولوية الدوافع الأساسية لدى الإنسان، وسلامة ما يسمى بالحياة الطبيعية للبشر، فشخصيات لورانس تبشّر بـ”الإنسان الطبيعي” في عالم ما بعد الحرب، وتحمل قوة إحساس كبيرة ميزته عن الكتاب المبشرين والتربويين. يمكننا أن نفهم ذلك إذا علمنا بأنه كان ابن عامل في مناجم الفحم، حطّم الحواجز الطبقية القاسية في تلك الفترة والتي كانت تعطي ميزات التعليم والتأثير لعلية القوم، فتعلّم بنفسه! الأمر الذي تكلّم عنه في كتبه الأولى كـ”الطاووس الأبيض” 1911 و”أبناء وعاشقون” 1913 حيث يصف قرية في مناجم الفحم حيث عاش!
منعت روايته “قوس قزح” العام 1915 من التداول، وكذلك روايته الشهيرة “عشيق الليدي تشارلي” التي صدرت بطبعة مختصرة 1928 ولم يظهر نصها الكامل إلا العام 1959 في الولايات المتحدة الأميركية، وأثارت وقتها ضجة كبيرة أدت إلى محاكمة قضائية طالت دار بنغوين التي قامت بنشرها، بعد ثلاثين عاماً من وفاة كاتبها!
فالحرية التي امتازت بها الرواية، كما معظم كتاباته، لم تكن تقصد الإباحية بل سبر الحياة الزوجية بكل ما فيها، ونقد المجتمع الصناعي الذي شلّ قدرة الإنسان على إقامة علاقات حسية حقيقية، تماماً كما انشلّ اللورد كليفورد في الرواية إثر إصابته في الحرب العالمية الأولى، وجعلت العواطف الجياشة في قلب وجسد زوجته إلى إقامة علاقة عاطفية مع حارس الغابة الذي يعمل لدى اللورد زوجها لتبدأ معه حياتها الجديدة.
كان لورنس مصاباً بالسل، الأمر الذي جعله يسافر كثيراً باحثاً عن الصحة، ومدفوعاً بفيض أحاسيسه، قبل أن يتوفى العام 1930. روايته “نساء في الحب” 1921 من بين أفضل رواياته وكذلك “الكنغر” 1923. ومن خلال تأكيده على “البدائية” دمج عناصر مدمرة وعنيفة في نصوصه، وذكر الكلمات الشفاهية الصادمة والجريئة والتي لم تكن تُستخدم بالكتابة عادة! فقصته الشهيرة “المرأة التي ركبت بعيدا”ً 1928 تحكي عن امرأة تهرب إلى الحرية، ويؤدي هروبها إلى قتلها على يد أناس بدائيين في تضحية طقوسية دينية، في إحالة رمزية عميقة ميّزت معظم كتاباته.
خاص أبواب